* في آخر حفلة زواج حضرتها في جدة، خرجت من المناسبة في الثانية عشرة والنصف مساء، وكنت من اوائل الذين خرجوا، أما اخواتنا النساء فإن خروجهن كان في حدود الساعة الرابعة فجراً، وهذان الموعدان هما تقريباً أغلب الحالات التي تكون عليها مواعيد انصراف المدعوين من حفلات الزواجات في مدينة جدة على وجه التحديد، وأظن أنها المدينة السعودية الوحيدة التي اختار أهلها أن يقيموا أفراحهم في قعر الليل، ولا أدري ما هو السبب في اختيار الجداويين لهذا التوقيت الغريب؟!! الذي فازوا به على كل الناس، وتحول إلى تقليد اجتماعي، وعرف عام يصعب التنصل منه فيما يبدو!! * اللافت أن المدعوين في أكثريتهم لا يتوافدون بكثافة على قصر الأفراح ألا عند الحادية عشرة ليلاً، وهو التوقيت الذي يكون فيه المدعوون بحفلات العاصمة الرياض مثلا قد غسلوا أيديهم وتبخروا قافلين إلى بيوتهم، ولا أدري كذلك ما الذي يجعل الناس في جدة يضيعون نصف الليل الأول هدراً، ثم لا تتم مراسم زواجاتهم إلا في النصف الأخير الثاني؟!! .. وقد كان يمكن قبول هذا الأمر لو كان الجو حاراً ولم تكن هناك مكيفات ، فنقول مثلا أن تأخير المناسبة بدواعي التماس نسمات منتصف الليل الباردة .. وكان يمكن قبول هذا الأمر لو كان لدى الناس وظائف وأعمال ادارية لا ينفكون منها الا منتصف الليل.. ولكن ولأنه لا هذه ولا تلك فإنني أضع علامة استفهام، وأتمنى من يجيب عليها و \"ينورنا\" حتى نفهم، فقط نفهم !! * ومن جانب آخر فإن قسم الرجال تحديداً في حفلات زواجاتنا يظل الناس كل الوقت يبحلقون في بعضهم، وأقل من النصف تقريبا يعرفون بعضهم، فتأخذهم الاحاديث الجانبية الرتيبة والمملة، ويظل الجميع بين من ينظر إلى ساعته ودقائقها تزحف بتثاقل شديد، أو من يقلب البصر تارة في وجوه الحاضرين، وتارة في جهازه الجوال، وثالثة صوب باب قاعة الطعام المغلق، ولسان حاله يقول متى تنفتح أيها الباب الموصد و \"نخلص\"؟!! * نحن جميعنا نكتب في كروت الأفراح (حفلة) لكن أين هي الحفلة؟.. هو مجرد عشاء يلتهمه الحاضرون وكان الله سميع الدعاء، واستطيع القول أن ربع مناسبات الزواجات التي نحضرها كلنا أو أقل من الربع كان فيها شيء من الحفلة، أما عرضة، أو جسيس يترنم ببعض ما لديه، أو جلسة شعراء \"مجالسي\" بعضها يسبب صخباً لا لزوم له.. ولذلك كله فقد كان الأولى بالناس أن يريحوا ويرتاحوا، ويستقبلون المهنئين لهم بالزواج في أول الليل، ثم يدعونهم إلى العشاء في وقت مبكر، ويريحوا مدعويهم من عناء تمضية ليلة كاملة، من العذاب والانتظار والملل الذي لا لزوم له!! * في عدد من مدن المملكة واتذكر منها المدينةالمنورة صدرت أوامر من الامارة بأن تكون الساعة الواحدة آخر موعد لبقاء أضواء قصور الأفراح مضاءة، وعلى الناس أن يتدبروا أمرهم في الوقت الطويل الذي يسبق الواحدة ليلاً للنساء والرجال معاً، وهذا في الواقع هو عين العقل، وهو الصواب، بل وهو الموعد الوسط الذي لا ضرر ولا ضرار فيه، أما أن تترك الأمور هكذا، فإن الناس قد درجوا على تقليد بعضهم بعضاً، وخصوصا النساء، اضافة إلى عنصر المفاخرة والرغبة في يكون هؤلاء أحسن من أولئك ، فإننا قد نفاجأ في يوم من الأيام أننا نخرج من قصور الأفراح، على ايقاعات تراقص الشمس وهي مشرقة تعلن صباح يوم جديد!! * نتمنى حقيقة أن يتفضل علينا من بيده القرار، في مدينة جدة تحديداً، والتي اشتهرت بإقامة حفلات زواجاتها في الهزيع الأخير من الليل، بقرار حكيم يريح عباد الله، من هذا العناء الذي يسمونه حفلة زواج طيلة ليلة كاملة، وأن يصار الأمر إلى تقنين المسألة بعد أن طفح الكيل.