التركيز على الصناعات البتروكيماوية في بلادنا مهم جدًّا، وطريق محفوف بالنجاح في غالبه، لذا وُلدت سابك أولاً، ثم تبعتها نجاحات كثيرة متعددة مثّلت معظمها الهيئة الملكية في الجبيل وينبع. لكن يظل التنويع مهمًّا كذلك، خاصة في الصناعات التي تغزونا منتجاتها باستمرار، مثل صناعات الكمبيوتر، وما يسبقها من صناعة الرقائق الإلكترونية التي هي أساس معظم الأجهزة الإلكترونية الحديثة، بما فيه تجهيزات السيارات والطائرات والمعدات الطبية، وأجهزة الجوال، وغيرها ممّا لا يمكن حصره من الاستخدامات والتطبيقات. ويبدو أن الأشقاء في أبو ظبي قد فطنوا إلى ذلك منذ أمد ليس بالقصير. وهذا مثال جديد تقدمه شركة تمتلكها حكومة أبو ظبي واسمها شركة الاستثمار في التقنية المتقدمة ATIC، إذ أقدمت على عقد صفقة بمبلغ 1800 مليون دولار لشراء حصة غالبة في شركة سنغافورية اسمها شارتارد سيميكونداكتور المتخصصة في صناعة وتطوير الشرائح الإلكترونية. وفي وقت سابق استثمرت الشركة نفسها مبلغ 1400 مليون دولار لإنشاء شركة أخرى اسمها جلوب فاونداريس خرجت من رحم شركة AMD الشهيرة. هذان الاستثماران المدروسان سيجعلان من الشركة الإماراتية لاعبًا رئيسيًّا في عالم صناعة الشرائح الإلكترونية، ومنافسًا قويًّا كاسرًا لهيمنة تايوان على هذه الصناعة منذ وقت ليس بالقصير. أمّا الميزة الأكبر لهذا التوجه. فهو الحاجة الماسّة لهذه الصناعة على كل مدى محتمل، فالعالم قد يواجه طفرة في العقار، أو ركودًا في السياحة، أو تراجعًا في استهلاك الطاقة، لكنه لن يتوقف أبدًا عن إنتاج ملايين الأجهزة يوميًّا المعتمدة على الرقائق الإلكترونية التي باتت تشارك في صناعة كل منتج، وإدارة كل خدمة في حياتنا اليوم بصورة أو أخرى. هذا مجرد مثال قد لا يكون الأفضل، لكن الدرس هو الحاجة إلى تنويع الاستثمارات، والحقيقية منها تحديدًا لا تلك المرتبطة بالسندات والأوراق والمشتقات المالية التي قد تهوي في أي لحظة، كما حدث قبل عام من الآن. أجيالنا المستقبلية تريد منا أكثر بكثير من مجرد الاعتماد على النفط موردًا أساسيًّا وحيدًا.. لا شريك له.