التحقيقات مازالت جارية. لكن أمل الجمهور كبير في أن يتكرم \"فنان العرب\" ويكشف سر فشل حفلته الغنائية الأخيرة في مهرجان \"جدة غير\" فسياق الأحداث، وسياق تاريخ الفنان محمد عبده يقولان إنه هو الوحيد الذي يستطيع أن يكشف سر فشل الحفلة. فأما سياق الأحداث وتفاصيلها فإنها تشير بوضوح إلى أن \"فنان العرب\" شخصياً لم يكن راغباً في إكمال الحفل، أما سبب عدم رغبته فهذا هو السر الذي نأمل منه كشفه، أما التبريرات التي قيلت حول أجور الفرقة الموسيقية ونحوها فهي تبريرات غير مستساغة ولا مقبولة، فلو افترضنا جدلاً أن الأستاذ سعود سالم رفض دفعها نهائياً فإن الفنان محمد عبده الذي قبض نصف مليون ريال يستطيع أن يتدبر أمر الطرفين، الفرقة الموسيقية وسعود سالم، وهذا أمر معروف، والزميل المذيع المتألق سلامة الزيد الذي كان حاضراً في قلب الحدث كتب مقالاً في \"عكاظ\" أول من أمس تحت عنوان \"سقوط الكبار\" قال فيه \"ولعل الموقف الذي أكبرته تلك الليلة كان للمصري قائد الفرقة الموسيقية وهو أستاذ له مكانته حيث قال أمامي لفنان العرب عندما سمع وجهة نظري موجهاً حديثه لفنان العرب – إذا كان لديك الاستعداد لإكمال الحفلة فسنصعد إلى المسرح –\" أما وجهة نظر سلامة فقد تلخصت في ضرورة تجاوز الخلافات وإكمال الحفلة وبعدها لكل حادث حديث. ووجهة النظر هذه أقنعت قائد الفرقة، لكنها لم تقنع \"فنان العرب\". أما السياق التاريخي للفنان محمد عبده فيقول إن سعود سالم صديقه المقرب منذ نحو ربع قرن، وسبق أن نظم حفلات كثيرة لمحمد عبده ولغيره ولم يعرف عنه أنه أكل حق أحد، ولأن \"فنان العرب\" متميز بذكائه الشديد الذي لا يقل عن عظمة موهبته الصوتية فإنه لم يعرف عنه أنه أقدم على حفلة دون أن يطمئن تماماً على دقة تنظيمها منذ وقت مبكر، والدقة عند \"أبونورة\" تشمل الجانبين الفني والمالي، وهي دقة متميزة لا تغيب عنه سواء عند إصدار شريط جديد، أو غناء نص، أو إقامة حفل ومن حقه أن يركز عليها فهي ميزة جيدة. وعشاق وجمهور \"طلال مداح\" - رحمه الله - مازالوا حتى الآن يتمنون لو كان عند \"أبوعبدالله\" عشر دقة \"فنان العرب\" وقدرته الاستثمارية لموهبته وجماهيريته. إذن فشل الحفلة ينطوي على \"سر\" لا يعرفه إلا \"فنان العرب\" وحده، والتعويض الذي وعد جماهيره به في العيد القادم يجب أن يكون مجاناً كما قال الزميل الأستاذ خالد السليمان في \"عكاظ\" منذ أسبوع، إذ من غير المعقول أن يطالب جماهيره بدفع نصف مليون آخر بعد أن قبض منهم نصف المليون السابق ولم يغن لهم. هذا إذا أراد أن يحضر الألف ومئتا شخص الذين خرجوا من الحفلة الفاشلة غاضبين، أما إن أراد أن يحضر حفلته التعويضية الموعودة خمسة آلاف – مثلاً – كالذين حضروا حفل الفنان \"رابح صقر\" فإن عليه أن يعيد قراءة الساحة الفنية من جديد ليعرف أن القمة تتسع لكثيرين وأن \"طلال مداح\" – مثلاً – كان يغني مجاناً ولذلك بقي في القمة حتى الآن، وإلى الغد. محمد عبده فنان كبير جداً وعليه أن يتأمل ويراجع كيف يبقى \"كبيراً\"؟.