بائسة هي تركستان الشرقية، ومنكوبون هم أهلها من المسلمين.. الأرض التي كانت للمسلمين قبل استيلاء الصين الشيوعية عليها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وجغرافياً. هؤلاء المسلمون لا بواكي لهم.. عاشوا تحت وطأة الاضطهاد طويلا.. اضطهاد متدرج طويل، شبيه تماماً بالذي يتألم من مرض سرطاني شديد البأس، دون تخدير ولا مسكنات ولا يحزنون، بل زاد الصينيون على الجراح ملحاً مركزاً، فأمروا مئات الألوف من عرقيتهم الكبرى الحاكمة (الهان) بالهجرة إلى هناك، والإمساك بزمام اقتصاد المنطقة كي يخنقوا أهلها إلى العظم، فأضافوا إلى ذل الاستعمار حرقة الفقر والجوع والخوف. وتذكرت زميلي الكريم الصحفي اللامع الدكتور عبد القادر طاش رحمه الله الذي عاش يذكّر بمأساة هؤلاء كلما لاحت له مناسبة، حتى أنه ألف كتاباً يشرح فيه حال الإيغور هناك مذكراً باسم الموطن الأصلي، وهو تركستان الشرقية. قصة الإيغور شبيهة بقصة إخوتنا في فلسطين من حيث مأساة الإنسان مع الفارق في قدسية المكان، لكن لا ننسى أن في الإسلام يأتي الإنسان دائماً أولا، على الأقل من الناحية النظرية التي تاهت في زحمة الممارسة الفعلية. فأصبحت مكانة المسلم شعاراً يرفرف ومزاداً ترتفع فيه الأصوات قليلاً ثم تخفت كثيراً. في النظرية الإسلامية الإنسانية يقول ابن عباس رضي الله عنهما موجهاً حديثه إلى الكعبة المشرفة: (لزوالك أهون عند الله من قتل نفس مؤمنة بغير حق). هكذا تتلاشى قدسية الكعبة أمام حرمة دم المسلم، فكيف بالسياسة والمصالح وغيرها من المصطلحات التي وقفت حاجزاً دون تحقيق هذه الحرمة المعظمة في حق المسلم أياً كان. ولأن عجز المسلمين (بسبب ضعفهم وتمزقهم) عن فعل شيء ذي بال للقدس الشريف وللأرض المباركة وللإنسان المسلم هناك، فهم بطبيعة الحال أعجز من فعل شيء ذي بال أو غير ذي بال لإخوتنا الإيغور في تركستان الشرقية الذين يعيشون في أقاصي الأرض بالنسبة لأخوتهم الأقربين جغرافيا في فلسطين أو الصومال أو أفغانستان والهند. حتى البكاء جف من المآقي فقد تحول سلعة في سوق المزايدات.