يتزامن المؤتمر الدولي للإرهاب والذي تستضيفه الجامعة الإسلامية الأحد المقبل وبرعاية من النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود تحت عنوان "الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف" مع أول حادثة إرهابية تشهدها الأراضي السعودية في شهر مارس للعام 2001م بعد الانفجار الذي سجلت وقائعه شقة بحي الجزيرة بالرياض. و يسعى المؤتمر إلى تحقيق عدد من الأهداف أهمها أن الجامعة الإسلامية تسعى من وراء إقامة هذا المؤتمر إلى إبراز وسطية الإسلام واعتداله، وتسامحه مع الآخر، وتوضيح وجه الخطأ في نسبة الإرهاب إليه، نتيجة لانحراف بعض المنتسبين إليه. كما يهدف المؤتمر إلى بيان أن الإرهاب من جرائم العصر، وأنه لا دين له ولا وطن وإثبات براءة الإسلام منه فكراً وسلوكاً المعالجة الفكرية للإرهاب حتى تتواكب وتتضافر المعالجة الفكرية مع المكافحة الأمنية في اقتلاع جذوره، واستئصال شأفته، وتجفيف منابعه وكذلك يهدف إلى تعزيز الأمن الفكري في المجتمعات الإسلامية بإذكاء روح التسامح، وترسيخ قيم التفاهم، ونشر أدب الخلاف وثقافة الحوار، وإيضاح أسباب التطرف والإرهاب ومنابعهما ومخاطرهما وطرق التصدي لهما و بيان الضوابط الشرعية لقضايا التكفير والجهاد والولاء والبراء. ويناقش المؤتمر أربعة محاور كل منها يناقش عدة نقاط هامة يعتمد المحور الأول على ظاهرة التطرف (الأسباب المنشئة والمغذية له) في حين يعتمد المحور الثاني على منابع فكر التطرف والمحور الثالث على مخاطر الإرهاب وآثاره والمحور الرابع على المعالجة الفكرية لظاهرتي التطرف والإرهاب. ووزعت الجامعة الإسلامية دعوات المؤتمر داخل المملكة وخارجها دون الالتفات لأي نوع من التمييز وتتنوع جلسات المؤتمر ونوعية المشاركين والضيوف الذين يمثلون كافة الأطياف الفكرية والمذهبية . وتنطلق تجربة المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب كإطار شرعي وقانوني في بنائها وأهدافها ومجالاتها وآلياتها والسياسات المنبثقة عنها سواء تشريعية أو مالية أو تنظيمية أو أمنية من مرجعية القرارات الدولية لمجلس الأمن وهيئة الأممالمتحدة التي صدرت منذ إنشاء المنظمة كما تعتمد التجربة أيضا على مرجعية الاستراتيجيات الأمنية العربية ومن ضمنها الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب واتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة الإرهاب. أن المملكة انفردت بتجربتها النوعية في مكافحة الإرهاب نتيجة لتفاقم خطورة الأعمال الإرهابية على أراضيها والتي أصبحت مدمرة في الأشخاص والممتلكات وتثير الرعب والحقوق بلا تمييز. ويعتبر المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب والذي عقد في الرياض، خلال الفترة من 5-8/ 2/ 2005م وبدعوة وتنظيم من المملكة العربية السعودية لهذا المؤتمر في إطار أهميتها الجيوسياسية ودورها ككيان فاعل مؤثر في محيطها الإقليمي. وقد شارك في هذا المؤتمر أكثر من خمسين دولة، ليمثل في ذات الوقت رداً على الاتهامات الموجهة إلى المملكة، وتوضيحاً لمواقف الدولة السعودية ورؤيتها للإرهاب. فالاستجابة الدولية الكبيرة للدعوة السعودية لعقد هذا المؤتمر تكتسي أهمية بالغة كعنصر يقف الى جانب المملكة، في تصديها للاتهامات المتعددة التي تحاول ان تربط بين الارهاب والاسلام. كما أن تنظيم هذا المؤتمر قد مكن المملكة من فرصة مهمة لدعم دورها كعنصر فاعل ومؤثر في اطار الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، عبر ابرازها لحقيقة ارادتها في مكافحة الإرهاب، لاسيما وأن المملكة تعرضت الى اشكال مختلفة من الارهاب، الذي يمارس عبر وجود خلاليا مسلحة تنتمي الى جماعات ارهابية متطرفة على اراضيها. ويأتي اتخاذ المملكة العربية السعودية لسلسلة من الاجراءات الوقائية لمكافحة تمويل الارهاب، نظير التزامها بقرار مجلس الأمن رقم "1373" لسنة 2001م الذي تضمن تجميد مصادر تمويل الإرهابيين المشتبه فيهم. والتزامها بالاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب. واتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة الإرهاب والتي اشتملت على سبعة فصول تحتوي على "49" مادة من ضمنها ما يتعلق بتدابير مكافحة تمويل الإرهاب وفق ما جاء فيها من مواد . وتهدف الضربات الاستباقية والتي تعرف بالتدابير الأمنية إلى حفظ الامن والسكينة للمواطنين بمنع وقوع الجريمة، كما تعرف أيضا بالتدابير الاحترازية الوقائية او العلاجية لمكافحة الجريمة، قبل وقوعها. وتنفيذ الضربات الاستباقية، يقتضي توفر القدر المناسب من المعلومات، لأنها هي خط الدفاع الأول عند وقوع العمليات الارهابية، والتعامل مع الارهابيين يتوقف على درجة النجاح التي يحققها جهاز الأمن في معرفة المعلومات الكافية، وفي الوقت المناسب، الى جانب عنصر المفاجأة والتنبؤ. ويمكن القول إن الضربات الاستباقية، هي اكثر وسائل المكافحة أهمية، وهي السبيل لتفادي الخسائر المحتملة، مقارنة بالعمليات الاخرى التي تنفذها الاجهزة الامنية وتتسم بالمواجهة الحقيقية مع الارهابيين، وما تحمله من مخاطر في الارواح والممتلكات. وقد انتهجت الاجهزة الامنية السعودية أسلوب وطريقة الضربات الاستباقية،كإجراءات أمنية وقائية لمنع الجريمة قبل وقوعها واسفرت عمليات الضربات الاستباقية عن احباط وضبط عدد من العمليات الارهابية خلال الفترة من 2003 حتى 2009م" بلغ مجموعها 38 ضربة استباقية تنوعت بين ضبط خلايا إرهابية وأعداد من المطلوبين أمنيّاً بمداهمة أوكارهم وضبط الاسلحة والذخائر والاموال التي بحوزتهم، والقبض على من يؤويهم أو يتستر عليهم، بمن فيهم مراجعهم الدينية الذين يحضونهم على الفكر التكفيري، ويستفتونهم فيما يقدمون عليه من اعمال ارهابية، وقد شملت الضربات الاستباقية معظم مناطق المملكة واسفر عنها قتل 32 ارهابيا، واصابة 4 منهم، واستشهاد 4 من رجال الامن واصابة 29 منهم . لا أحد ينكر حقيقة أن الجرائم الإرهابية قد تزايدت في الآونة الاخيرة، تزايداً ملحوظا إلى درجة يمكن وصفها بأنها قد بلغت حد الظاهرة العالمية، وأنها قد تربعت على عرش الاجرام العصري. والإرهاب يمثل تهديداً مستمراً للسلام والامن والاستقرار، ولا يوجد مبرر أو مسوغ لأفعال الارهابيين فهم مدانون دائما مهما كانت الظروف أو الدوافع المزعومة. وأظهرت الدراسات واقع وحجم الارهاب في المملكة العربية السعودية خلال عشرين عما مضت، واعتبار معظم الحوادث الارهابية هي في اصلها مستوردة من الخارج، وليست نابعة من صميم المجتمع السعودي حيث بلغت الاحصاءات المتعلقة بعدد الحوادث الارهابية التي وقعت في المملكة العربية السعودية خلال العشرين سنة الماضية الى وقوع 101 حادث إرهابي، ادى الى مقتل 939 شخصاً ، وأصابة 1317 شخصاً من الارهابيين ورجال الأمن والمواطنين. كما اشارت الى الحوادث الارهابية التي استهدفت الاجانب والتي بلغ مجموعها 26 حادثا، و87 قتيلا ، و524 مصابا من جنسيات اجنبية مختلفة. وتتفق كل دول العالم قاطبة على خطورة الارهاب بجميع صوره واشكاله، وادراكها لوجوب مواجهته بكل الوسائل.