كشفت مجموعة من الرسائل الإلكترونية التي يعتقد بأنها تخص الرئيس السوري بشار الأسد وحصلت عليها صحيفة ذي غارديان البريطانية أنه تلقى خلال الثورة السورية نصائح وتوجيهات من إيران وجهات حليفة عن سبل مواجهة الانتفاضة الشعبية الواسعة التي تطالب برحيله عن السلطة. وقبل كلمة الأسد -التي ألقاها عبر التلفزيون في ديسمبر/كانون الأول الماضي- تظهر الرسائل أنه تلقى مذكرة تحمل لائحة طويلة من الاقتراحات من مستشاره الإعلامي، الذي أوضح بأنه استشار بدوره "عددا لا بأس به من الشخصيات بالإضافة إلى المستشار السياسي للسفير الإيراني في دمشق". وقد تضمنت المذكرة نصيحة للأسد باستخدام لغة "قوية وعنيفة" في خطابه وأن يحرص على إطهار امتنانه من الدعم الذي تبديه "الدول الصديقة". كما نصحت المذكرة بأن يقوم الأسد بإظهار مدى القوة العسكرية التي تتمتع بها سوريا وأنها قادرة على مواجهة تحد عسكري. كما كشفت الرسائل التي تم تنزيلها من قبل ناشطين سوريين من حسابات بريد إلكتروني خاصة بالأسد وزوجته السيدة أسماء، أن الأسد تلقى تقارير عن وجود صحفيين أجانب في حي بابا عمرو في حمص، وأصدر توجيهات بناء على ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تقضي ب"تشديد القبضة الأمنية" على المدينة وبابا عمرو بالذات. وتبين الرسائل أن الأسد خلال الانتفاضة السورية، قد قام بتشكيل حلقة من المساعدين الثقاة الذين يرفعون تقاريرهم إليه شخصيا متخطيا بذلك الأجهزة الأمنية وأعضاء طائفته العلوية المتنفذة، الأمر الذي يعتبر تطورا هاما في طريقة عمل النظام السوري، ومؤشرا على شعوره بالخطر الداهم. وكانت الرسائل الإلكترونية التي تم رصدها تستخدم نظاما بريديا خاصا بموقع اسمه الشهباء دوت كوم، وهي مجموعة شركات تابعة للنظام السوري لها مكاتب في دبي ولندن. وقد تم اختراق نظام الرسائل الإلكترونية للموقع في شهر يونيو/حزيران الماضي واستمر الناشطون بالتمتع بدخول حر وكامل للحسابات البريدية ونسخ كل شيء موجود فيها. استمر هذا الوضع حتى تم اكتشاف الاختراق في فبراير/شباط الماضي أي بعد ستة أشهر. وتلقي الرسائل الضوء على قيام الأسد بتشكيل لجنة من المستشارين لوضع إستراتيجية إعلامية وكيفية مواجهة موجة الانتقادات العالمية المتصاعدة ضد قمعه للانتفاضة الشعبية السورية المطالبة برحيله عن السلطة، والتي ذهب ضحيتها حوالي عشرة آلاف سوري إلى حد الآن حسب تقديرات حديثة. وقد منح اختراق حسابات البريد الإلكتروني للأسد فرصة للناشطين لتحذير زملائهم في دمشق من نوايا النظام السوري في مناسبات عديدة. وقد وفر الاختراق معلومات هامة وحساسة عن النظام السوري ورئيسه، ومن بينها رسائل من رجل أعمال لبناني يتمتع بصلات وثيقة مع النظام الإيراني وحزب الله اسمه حسين مرتضى. وقد قام مرتضى طبقا للرسائل بالكتابة إلى الرئيس الأسد بعد حادثة انفجار سيارتين في دمشق قبيل وصول المراقبين العرب، وحثّ مرتضى الأسد على التوقف عن اتهام القاعدة بتدبير انفجارات السيارات المفخخة، وأفاد مرتضى بأن اتصالات وردته من إيران وحزب الله توافقه الرأي ووصف اتهام القاعدة بأنه خطأ إعلامي تكتيكي يصب في مصلحة الولاياتالمتحدة والمعارضة السورية. وفي رسالة أخرى، أبدى مرتضى للأسد اعتقاده بأن على قوات النظام السوري السيطرة على الميادين والساحات العامة بين الساعة الثالثة عصرا والتاسعة مساء لحرمان المعارضين السوريين من فرصة التجمع. يذكر أن إيران وحزب الله قد كانا متهمين طوال سنة -هي عمر الانتفاضة السورية ضد الأسد-، بأنهما يقدمان دعما عمليا على الأرض لنظام الأسد، مثل إرسال مقاتلين وخبراء تقنيين لتعقب الناشطين السوريين الذين يستخدمون الإنترنت، إلا أن كلا من إيران وحزب الله قد دأبا على إنكار تلك التهم. من جهة أخرى كشفت المراسلات المسربة أن الأسد اعتمد بشكل كبير على امرأتين سوريتين درستا في الولاياتالمتحدة، في مجال الاستشارات الإعلامية. وتظهر المراسلات أن المرأتين هما شهرزاد الجعفري وهديل العال واللتان دأبتا على إحاطة الأسد بأهمية التواصل على شبكة الإنترنت. وكان التلفزيون السوري قد أفاد في فبراير/شباط بعد اكتشاف الاختراق وقبل نشر الرسائل المسربة أن العناوين الخاصة بموقع الشهباء دوت كوم لا تمت بصلة للرئيس الأسد وذلك في محاولة لنزع الثقة عن أي ترسيبات مستقبلية.