أنهت فوزية دراستها الجامعية وجلست بين أربعة حيطان على أمل إن تحصل على وظيفة مرت أربع سنوات وفوزية كما هي لا عريس و لا عمل لا تخرج من المنزل الا مرة واحدة في الشهر بصحبة العائلة بعدما تضع أيديها في قفا زات سوداء يفرض عليها لبس عباءة الرأس الشهيرة تأكل وتشرب من تحت خمارها والدتها متوفية وإخوتها متزوجين و أبيها متزوج من ثلاث نساء لم يثنوه نسائه الثلاث عن سفراته الى شرق أسيا يتقاذفوها زوجات أبيها ككورة قدم بينهن كل يوم عند واحدة منهن تقوم بدور الخادمة في تنظيف المنزل وغسل الملابس بعد انتظار دام خمس سنوات عينت فوزية في قرية نائية كانت فرحة فوزية لاتوصف بتلك الوظيفة للخروج من سجنها و استنشاق نسمة هواء غير ملوثة و للخروج من روتين العائلة القاتل عارض أبيها تعينها في تلك المنطقة حتى اسقط اسمها من قوائم وزارة التربية والتعليم وعارض توظيفها في مؤسسات القطاع الخاص بحجة الاختلاط أصيبت فوزية بحالة نفسية شديدة جعلتها تمتنع عن الطعام حرضت إحدى زوجات أبيها احد اولآدها بضربها واتهامها بما ليس فيها تكررت اهانات فوزية من قبل أبيها أيضا ذات يوم أقدمت على الانتحار بعدما صغرت الدنيا في عينها وأصبح شعارها الموت أحسن لها من حياة حريتها بيد الآخرين تبدلت احلام طفولتها بكوابيس مزعجة وجفت انهار خيالاتها التي رسمتها في بدايات حياتها مسطحات خضراء تخترقها جداول باردة عذبت المذاق تنساب من قمم جليدية تترجل حافية القدمين على مياه جداول إحلامها ترتدي فستان ابيض طويل يحمل مؤخرة فستانها شاب لم تشاهد مثله في بيئتها القاسية التي عاشت فيها حينما تغدر بنا الأحلام تصور لنا كل ما هو جميل في سباتنا فتتلاشى حينما نصحو لنتلذذ بها فتتركنا في صحاري قافرة تهرب منا ونحن نجري خلفها عودي ألينا أيتها الأحلام الجميلة تبتعد عنا وتختفي في لمح البصر ونبقى متسمرين في أماكننا تحرق إقدامنا نار أوقدها مجتمع طمرت افكاره تراكمات الماضي إن التفكير في إنهاء الشخص لحياته لا يقتصر على شخص قليل إيمان اوقليل تعليم كما تقول بعض المراجع الدينية إنما الأزمات التي تمر بالإنسان سواء كانت مالية وعاطفية وتستمر الى مدة طويلة تجعل ذلك الإنسان لا يستطيع تحملها حينها يبحث له عن مخرج بكل الطرق يريحه من تلك العواصف المدمرة التي عصفت بحياته في غياب مساعدة المجتمع والمراكز المتخصصة التي يمكن لهذا الشخص أللجوء إليها لحل مشكلته هنا تحدث حالات الانتحار فهي الطرق القصيرة التي يرى فيها صاحب المشكلة التخلص من تلك المشاكل التي تطارده في حياته بعدما أقفلت أبواب الأمل في وجه فوزية احد ضحايا العنف المنزلي حينها أقدمت على الانتحار بابتلاع كمية كبيرة من مادة شديدة الخطورة فنقلت الى اقرب مصحة وهي فحالة خطرة أجريت لها حالات اسعافية مكثفة لأنقاض حياتها بعد شهر من العلاج المكثف عادت فوزية الى حالتها الطبيعة فجرى تسليمها الى ذويها دون اخذ بالأسباب التي جعلتها تقدم على الانتحار. في اليوم الثاني هربت فوزية من بيت أسرتها الى مكان غير معلوم تردد أبيها في البلاغ عن هروبها خوفا من السمعة السوداء التي سوف تخيم على بيوت القبيلة بأكملها فلم يجد الا الإمراض النفسية التي دونها في محضر البلاغ وبرر بها هروب ابنته في اليوم الثالث تناقلت الصحف قصة هروب فوزية بعناوين الاسطوانة المشروخة المتعارف عليها هروب فتاة مصابة باعتلال نفسي عاشت فوزية متشردة في شوارع المدينة تطاردها كلاب الشوارع المسعورة على شكل تجمعات بسيارات وآخرين يترجلوا لسحبها بالقوة بقيت تلك الكلاب تطارد فريستها حتى حلول الظلام وبعد سدول الليل بظلامه على شوارع المدينة اعتصمت فوزية بجذع شجرة في حديقة عامة فحددت الكلاب الضالة مبيتها بعد خلو الشوارع من المارة هُجمت فوزية من قبل أربعة شبان تجردوا من الإنسانية و المواطنة فسقطت كسيرة الجناحين بعد مطاردة لم تدم طويلا فأطلقت صرخات استغاثة في وجيه مفترسيها ولكن كلاب المزابل المتوحشة لا تستمع لصراخ فرائسها كتمت أنفاس فوزية بعدما رشت بمادة مخدرة ونقلت إلي خارج المدينة لوثت جسمها مخالب تلك الكلاب القذرة بعد افتراسها وبعد منتصف الليل أعيدت الى نفس الموقع من قبل مفترسيها بعدما هربوا ولم يتركوا أي دلائل تذكر حضرت الهيئة بصفتها حارس الفضيلة فهي الجهة الوحيدة التي اتكلت لها حماية النساء فتلك الجهة مشكلتها الأولى هي مطاردة المرأة المتبرجة والمتعطرة في الأسواق فتكيل لها كل التهم دون ان تسمع كلمة حضارية من أُناس مازالوا يسيئون الضن في المجتمع . نقلت فوزية الى دار الفتاة بعدما رفض أبيها استلامها .. دار الفتاة هو الموت الكلانيكي اوالموت دماغيا للفتاة الذي يرفض ذويها استلامها لأسباب تتعلق بالشرف تبقى تلك الفتاة في ذلك الدار حتى يتوفها الله وتنقل رفاتها الى المقبرة دون حضور ذويها كحيوان مصاب بمرض معد يجب التخلص منه بأي طريقة تحولت فوزية ورفيقاتها في الدار الى حقل تجارب من قبل مشرفات الدار طلبت الدكتورة سهيلة أساتذة أصول الدين والداعية المعروفة في جامعة ام القرى من دار الفتاة بعرض كل فتيات الدار على الجامعة لتروي كل فتاة قصتها مرغمة أمام الطالبات وبالأخص في محاضرات الدكتورة سهيلة بدأت الاتفاقية بين الدار وجامعة ام القرى وكانت بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع في اول يوم جمعت الدكتورة سهيلة طالباتها في قاعة المحاضرات فقالت اليوم سأفرجكم على البنات العاهرات اللواتي هربن من بيوت ذويهم مع شبان عن طريق الحب والعياذ بالله أذنت الدكتورة لبنات الدار بالدخول والوقوف امام الطالبات لتروي كل واحدة قصتها اختيرت فوزية كأول فتاة تروي قصتها امام حشد كبير من طالبات الجامعة حينها تقدمت خطوات الى الإمام ودموعها تتساقط على قدميها تحطمت كلماتها في زورها وسقطت على الأرض من هول الموقف أمرت رئيسة الدار إحدى المشرفات بضربها لكي تقول الحقيقة تعرضت فوزية لصفع على وجهها وبعدها بدأت الدكتورة سهيلة تكيل الشتائم البذيئة إلى فوزية وأمرتها بسرد قصتها كاملة دون تحريف وبعد ما انتهت من تلك القصة المؤثرة تلتها فتاة أخرى افترسها ذئب بشري عن طريق حب مزيف وتركها تحمل قذرواته وهو يمرح ويتمتع بحياته بينما هي تقترب كل يوم من قبرها خطوة حرمت كل المراجع الدينية إجهاض تلك المضغة في تكويناتها الأولى ودفنوا رؤوسهم في الرمال بعد قدومها إلى الدنيا يعزل عن المجتمع ويعيش خلف جدران عالية يسمع صوت مواطنيه ولا يستطيع الوصول أليهم يخرج بعد مدة من الزمن الى المجتمع بشخصية رجل لا يحمل اسم آبيه يقترب من المجتمع والمجتمع يهرب منه حينها يعرف انه لقيط فيقدم على الانتحار . قذفوا طالبات الدراسات الإسلامية فوزية و رفيقاتها بأحذيتهم وكالوا لهن اشد الشتائم فتسللت طالبة مصابة بتشدد ديني ورثته عن أبيها الذي فجر نفسه في عملية انتحارية في العراق لكي يتزوج من الحور العين فصفعت فوزية على وجهها قابلة تصفيق حاد من الدكتورة سهيلة وطالباتها . مازالت فوزية ورفيقاتها خلف جدران دار الفتاة يذهبوا بهن كل يوم مشرفات الدار إلى مدراس البنات لتقول كل واحدة قصتها فيرجعوا إلى دارهم الذي هو مثواهم الأخير فيبقوا رهينات ذلك الدار الذي صنعه تخلف مجتمع يدعي ان دار الفتاة هو إصلاحها .........انتهت عايض السراجي [email protected]