على الجدران العتيقة أفنانُ دِيَاري يغمرها حزنٌ متدفِّق من أعماق الهِضَاب، تظلِّلها سُحُب تحمل في قلبها أنينًا. شوقُ النفس والنظر طال في صبرٍ هدَّ الحال، لرؤيةِ تدفُّق الأمطار لتغسل الجبين، وتغمر الديار التي تحنُّ له منذ زمان، لتنمو كل الأزهار من حولنا، وتغرد الطيور بلحن يقتل فكرَ الأغيار. من هناك، من عند معانقة الأشجار لخاصرة الجبال، أجلس في كوخٍ يتزيَّن بألوان طيف الشتاء وشلالات مستنفرة. أراقب فراشات تغازل أوراقَ الورود، هاربة من رذاذ حبات المطر الواقعة على سفوح الصخر؛ إذ لوحة عمر حزين ما أروى أيامه فرحة الصبا، ولا هناء أيام مرت مثل البرق، وذكرى آلامها مثل صدى الرعد، في مساء كله غيوم باكية على سفح جبال مملكة تمتد حيث نظر البشر. يا من تناظر لوحات العمر في الطرقات على الجدران العتيقة، قل لمن ترى: إن الحزن بات يُلَمْلِم الرِّحال مهاجرًا؛ لا يحتمل أطيافَ زينة الربيع الآتية مع إشراقة الفجر الذي طال انتظارُه. ربنا، الحزن والجمال بيدِكَ، فاجعل لنا جمالاً وراحة تُذهِب أوجاع الزمان. مولانا، أعطنا من خزائن الحب والحنان ما يُذهِب ما بنا من آلام وحرمان. استرنا واستر المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء والأموات، والآتين إلى يوم الدين. والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد - صلى الله عليه وسلم.