من المحتمل بأنه قد مر علينا بل وحتما وهو الصاحب أبو وجهين , ذو الوجه الحسن أمامنا والطيب والمخلص والوفي في شتى مجالات الحياة .. فإما في العمل قد تجده , أو في المنزل , أو حتى في الشارع , أو في أي مكان قد تتوقعه , أو أو الخ , فهو يتمثل إليك بهيئة وصورة ذاك الإنسان الجميل والواقف أمامك ومعك في مسرتك ومضرتك وكثيرا هم من يتشابهون في مثل ذلك , وما كان هذا والذي قد أظهروه أمامك إلا وجههم الأول فقط . ويكثر تواجد بعضهم خاصة ويتزامن مع وجود وجههم الثاني والمخفي في مقر العمل فحدث عنهم ولا حرج , فهم أمامك يتمثلون ويتقلبون معك مثل تقلب الحرباء في تغير لونها في كل ساعة بل وفي كل دقيقة أو ثانية من أجل هذه الحياة , إنها حياة الدنيا الفانية فيبيعون صدقهم وعواطفهم المدفونة والمملوءة بالغيظ والحسد من أجل الحصول أولا وأخيرا على مصلحتهم أيا ومهما كانت أو تعددت أو تنوعت , فأنت قد كنت بالنسبة لهم بتلك الصورة الحسنة والتي قد بنيتها أمامهم ورسختها في مخيلتهم , ولكنهم في الحقيقة قد نقلوا صورتك هذه بعكسها تماما وهي الصورة السيئة والقبيحة والمعكوسة إلى رئيسك مثلا في العمل أو معلمك , أو مديرك , أو مشرفك أو حتى من له أي سلطة عليك .. الخ , أو بكلام مغلوط فيه الكثير من النكهات الممزوجة والتي قد اختلفت تماما عن نكهتك الجميلة التي قد عودتها لهم سابقا أو قبل ذلك , وتختلف أفعالهم الدنيئة هذه بأمرين وهو الأرجح عن بقية وكثرة أمورهم المعروفة , ولكن بأحد هاذين الأمرين فهو المكشوف دائما والحاصل , سواء أكان بالأمر الأول وهو : النقل عنك بكلام قد قلته وهم عكسوه حقيقة عنك أو نسبوه لك وأنت لم تقله , أو بالأمر الثاني : وهو بقيامك بعمل منسوب لك قد أجدته وهم قلبوه أو نسبوه لهم , أو لم تفعله أساسا ومن ثم قد أفتروه عليك . وأخيرا .. فيكون المقابل لهم بأن يتم مكافأتهم فورا كاتكريما على ما قدموه من خدمات أو تعاون مثمر أو إنجاز يسجل عند هذا ( المستقبل , أيا كان أو تنوع منصبه أو مركزه ) والذي قد فتح أذنيه لهم ( للقيل والقال ) وصدق نفاقهم , ومن ثم أعطاهم الأمان والدعم , أو من له كل المصلحة فيما قاموا به من عمل ينظر له بالنسبة للمستقبل على أنه أمانة وشرفا ووفاء وتاريخا يشهد لهم وبما حققوه من بطولات ويعطى لهؤلاء ( أبو الوجهين طبعا ) شهادات شكر وتقدير إرضاء وإسكاتا لهم , وكذلك حفاوة وتشجيعا على ما قدموه من نفاق , مسبوقة معها بترقية , أو إجازة , أو حتى مكافأة سخية . إننا ومع الأسف أصبحنا في عالم معكوس ومقلوب تماما , فكن فيه أبو وجهين ومنافقا وحتى تكون مقربا ومحميا ومحبوبا وتيسر وتسهل لك كل أمورك , أو كن فيه صادقا ووفيا ومخلصا وفي حالك لتكن مكروها مبعدا ومدفونا أو منسيا ولا تكاد تذكر . وما كان كل هذا إلا باختصار .. لأنك لم تكن مثل هذا الصاحب أبو وجهين في كذبه ونفاقه , فتكفينا نحن قناعتنا في الدنيا لأن نرضى بعقاب الخالق سبحانه وتعالى بأن سهل علينا دائما في كشف وفضح أمره ولأن يكتب في وجهه بأنه كذاب , أو جعل فيه علامة تدل على نفاقه , إلا أنه وبالرغم من هذا كله فهو بالنسبة ( للمستقبل له ) الأفضل والأحسن والمرغوب ومن عليه كثرة العرض والطلب حتما لأنه مازال أبو وجهين وفي نفاقه يا زين . سامي أبودش كاتب سعودي . [email protected]