قفزت الدول الخليجية قفزة تعليمية لم تحصُل من قَبل , متمثلّه في تقبّل تداخُل الحضارات الأخرى مع الحضارة الصحراوية العربية الخليجية .. ولا شكّ أنّ هذا أظهَر مقدّما بعض التطوّرات المحمودة سواءً على المستوى التعليمي , أو على مستوى تسويق المنطقَة تجاريّا وحضاريّا كما يحصُل في أبو ظبي والرياض وجده ومسقط العمانية لكِن هذا بالتأكيد كان يسير حسب استراتيجيّات وأفكار موحّدة لا تقبَل المساس بالدّين وأخلاقيّاته وبطريقة تتوافَق نوعاً ما مع حضارة المنطقة الإسلامية المحافظة , لكِنّ هذا أظهر وجهاً آخَر لا يليق بأي شيء مما سبق ذِكره بتاتاً كما يحصُل تماما في إمارة دبي أوربيّة الطابِع عارية الأخلاقيات . ولم يكتفِ الخليجيون بهذا , بل انتهجت الدول في المنطِقة من الإبتعاث الخارجي الجنوني أسلوباً آخَر للحاق بركب الدول المتقدّمة , ضاربين بالعواقِب الوخيمة المستقبليّة عرض الحائط وبدون أيّ متابعة أو إهتمام بالطّلاب بعد خروجِهم من دائرة المنطقة الإسلامية المحافظة , وقد سجّل برنامَج الملِك عبدالله للإبتعاث الخارجي في المملكة العربيّة السعودية الرقم الأعلى من حيث الطلاب المصدّرين للخارج , بينما نجِد الإبتعاث في الإمارات والكويت وعمان لا يوازي حجم ابتعاث السعوديين بالرّغم من أنها جميعاً دُول غنيّة . الوقت المحدد للطلّاب للوصول إلى مستوى اللغة الجامعية في الدول الناطقة باللغة الإنجليزية هو سنة واحِدة , فيتسابِق بعد السّنة الشرق آسيويون والأفارِقة والأوربيون وحتّى الليبيين يكونون في ركب المسابقين إلى الجامعات , بينما تجِد السعوديين خاصّة والخليجيين بصورة عامّة , يطالبون بزيادة الفترة المحددة للغة ويتذمّرون من نظام الجامعات الصارم على حدّ قولِهم المطالِب بخمس درجات من تسعة على الأقَل للفوز بمقعد جامعي , في حين أنّ الطلاب القادمين من دولَ أخرى فقيرة جِداً ينجزون درجات تتراوح مابين الست درجات إلى السبعة ونصف . الطلاب الخليجيون يتمتّعون بمنح حكومية تضمن لهم كلّ المبالغ المدفوعة للجامعة مهما بلغت , وفوق هذا يتحصّلون على مايقارب ال 6000 ريال سعودي شهريا وأحياناً تزيد بحسب صرف العملة , فيقضون وطرهم من هذه البعثات إرتياداً للنوادي الليلية الشيطانية ومطاردة النساء , وقد أثبتت قضيّة طالب مدينة بورنموث الإنجليزية وطالب مدينة فانكوفر الكندية الكثير من الإشكالات في نظام الإبتعاث لدينا في المنطقة الخليجية . بالرّغم من كُلّ مايتمتّع به الخليجيون من مميزّات توفّرها حكومات بلدانهم , إلا أنّ الغالبيّة من الطلّاب يسجّلون فشلاً ذريعاً في بعثاتِهم ويعودون بعد تكبيل الحكومة خسائر ماليّة فادحة , لو دُفِعَت على تطوير المناهِج التربوية والآداب الداخلية لكان أفضَل من هذا بكثير . أنا لا أقول أنّ كلّ الطلّاب فاشلون فهناك من الرجال والنّساء من يستحقّ كل الإحترام والتقدير وقد حفظوا كرامتهم وفرضوا إحترامهم على الغرب من معلمين وطلاب وشعب يكِن لنا كلّ أنواع الإنطباعات السيّئة , ويبدو لي أن المملكة بدأت تتخوّف من مايحدث وبدأ التصويت حاليّا لإيقاف بعثات طلّاب البكالريوس عبر موقع وزارة التعليم العالي . إيقاف البعثات ليس حلاً .! يجِب على الحكومات أن تقوم بعمل برامِج تدريبيّة تأهيليّة تفرض إلزاماً على الطلّاب لتحضيرهم ل ألاّ ينبهروا بحضارة الغرب التي واجهها طلّاب مثلي ومثل زملائي فعانوا منها كثيراً , فمنهم من صبر واحتسب وذلِك أضعف الإيمان ومنهم من عاد إلى بلدِه طالباً الأمان , . ومنهم من إنجرف ورائها , فعزّروا دينهم وقتلوا صحّتهم وأوشكت الخمور والكحول أن تنضب في ظلّ زيادة الخليج من تصدير الطلاب ! . حذيفة مدخلي