تنتزع أنفاسها بألم، بحثاً عن نسمة تنعشها، تقضي الليل وهي تقاسي آلاماً أنهكت جسدها النحيل، في عينيها تختنق العبرات وتسجن الدموع، نظراتها حائرة وابتسامتها غائبة ومفرداتها حزينة. تنظر إلى ضوء بعيد في آخر النفق، لكنها تخشى ألا تصل إليه، وكذلك أسرتها. هذه هي حال الطفلة هند يحيى عطافي، فما حال والديها؟ تجاوز شعور والدها الحزن والأسى، فلم يعد يستطيع النظر في عيني ابنته، فالشعور بالذنب يلاحقه في كل مكان، خصوصاً في ظل الأوضاع المادية المتردية التي يعيشها، أما والدتها فليس لها سوى الحزن ودعاء المولى عز وجل أن يسخر لابنتها من يتكفل بعلاجها في القريب العاجل. في قسم العناية المركزة في مستشفى صبيا ترقد الطفلة هند ذات السبعة أعوام، وعلى سريرها الأبيض تتمدد مستسلمة لمصيرها بعد أن قاومت مدة عامين بلا فائدة. لم تشتكي من الآلام وصعوبة التنفس، فقد تعودت عليهما، ولكنها سئمت المبيت تحت أجهزة التنفس الاصطناعي، «أبي ارجع لبيتنا اشتقت لإخواني وأهلي، ما عاد أبي المستشفى». لا تعلم هند ببراءة الطفولة الجامحة أن خروجها من المستشفى مرهون بتوفير بجهاز تنفس اصطناعي عجزت أسرتها بسبب ضيق اليد عن شرائه، فسعره يتجاوز ال300 ألف ريال. ويقول يحيى عطافي (والد هند) إن مرض ابنته استفحل منذ نحو عامين، إلى درجة أنها لم تعد تستطيع التنفس، موضحاً: «ان الرئتين لم تعد تقوما بمهمتهما بحسب كلام الأطباء». ويضيف: «هي تعيش وضعاً سيئاً للغاية، وتفاجئها نوبات نتوقع ألا تعود إلى الحياة بعدها، وبعد أن ينعشها الأطباء لا أستطيع إيقاف دموعي من الفرح بسلامتها ومن الحزن على حالها»، وأوضح: «قلبي يتقطع في اليوم مئات المرات، ولم أعد أشعر بلذة الحياة، وأقاوم البكاء أمام زوجتي وأطفالي حتى لا يتأثرون، خصوصاً أن البيت يملأه الحزن». ولا يخفي الوالد العاجز أن وضعه المادي ساهم في عدم علاج ابنته، «صدقوني توقفت الدنيا عندي على علاج هند، ولكني لا أملك شيئاً، وهذا ما يزيد من سوء حالتي النفسية». بدورها تؤكد والدة هند أن المستشفى فعل ما يجب وفق إمكاناته، موضحة: «نريد علاجها في مستشفى متطور ومتخصص، خصوصاً أن حالة ابنتي تزداد سوءاً». وتضيف: «أنا وزوجي صابرون ومحتسبون، وليس لنا حيلة سوى البكاء، ولا ننفك عن الدعاء لها بالشفاء»، متمنية من فاعلي الخير والباحثين عن الأجر مساعدتهم، وذلك بشراء جهاز التنفس حتى تستطيع هند الخروج من المستشفى، «آمل من الخيرين في وطننا العامر بالحب والعطاء أن يجودوا بهذا الجهاز، كي تعيش هند ما تبقى لها من أيامها المقدرة في حضني وإلى جوار أشقائها».