أكد الشيخ خالد بن عبدالرحمن بن حمد الشايع، الأمين العام المساعد لهيئة نصرة الرسول على البراءة التَّامة المطلقة مما صدر عن بعض المجرمين المبطلين من بني جلدتنا، من ألفاظ الإلحاد وعبارات الزندقة التي تحدثوا بها عن الله ربِّ العالمين، وكذلك عن رسوله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وتكذيبه، والاستهزاء به. وقال الشايع : "الاعتراض على السنة والتشكيك فيها وسوء الأدب مع صاحبها عليه أفضل الصلاة وأتم السلام تكرر من هؤلاء المبطلين في منتديات ومجلات وصحف، لا أقول في بلاد أو صحف يهودية أو نصرانية أو غيرها، كلا، بل صحف وأشخاص يجاورون الحرمين الشريفين! وعندي وبيدي تحديد تلك الصحف بأسمائها وأرقام أعدادها وصفحاتها. وقد رَدَدْتُ أنا وإخواني طلبة العلم ومشايخنا عليهم، فنشرت تلك الصحف بعضاً ومنعت الأكثر". وقال الشيخ الشايع في رسالة خص بها "سبق" : الحامل على تحرير هذه الأسطر الاعتذار إلى الله سبحانه، والبراءة التَّامة المطلقة مما صدر عن بعض المجرمين المبطلين من بني جلدتنا، من ألفاظ الإلحاد وعبارات الزندقة التي تحدثوا بها عن الله ربِّ العالمين. وكذلك عن رسوله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام وتكذيبه والاستهزاء به. فيا رَبِّ لا تؤاخذنا بذنوبنا وتقصيرنا، ولا بما فعله السفهاء منها، وأقول كما قال نبيك الكليم موسى عليه السلام: (أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ). فما الأمرُ يا ربِّ إلا أمرُك، وما الحكمُ إلا لك، فما شئتَ كان، تُضِلُّ من تشاء، وتهدي من تشاء، لا هادي لمن أضللت، ولا مُضِل لمن هَدَيت، ولا مُعطِي لما مَنَعت، ولا مانع لما أعطيت، فالملك كلُّه لك، والحكم كله لك، لك الخلق والأمر، لا إله إلا أنت، فداءُ أمرك وشرعك وقدسك أرواحنا جميعاً وكلُّ ما وهبتنا وتفضلت به علينا، فنحن لك، وإليك راجعون، لكَ العُتبى يا ربِّ حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك. ثم عملاً بقول الحقِّ جلَّ شأنه: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [الأنعام/55] حتى يُدمغوا ويُكبتوا، ولأجل الحذر من طرقهم وشبههم، فهذا أيضاً توضيحٌ لبعض أقوالهم البغيضة: فقد تسامع الناس اليوم بخبر نبتةٍ خبيثةٍ، من زرع الإلحاد والفجور والضلال، زين لها الشيطان مسالك الضلال، وحسَّن لها رذائل الإلحاد، وأزَّها نحوها أزَّاً، فلم تزل هذه النبتة الخبيثة تراوغ في إظهار ضلالها، خشيةَ الناس وغضبتهم؛ عندما يغار المؤمنون لله ولدينه ولرسوله عليه الصلاة والسلام. ويزداد النكير من جهة أنَّ هذه الهجمة الإلحادية في الكتابة والطرح قد حاول المجرمون بثها انطلاقاً من المملكة العربية السعودية، دولة التوحيد وراعية الحرمين الشريفين، التي دستورها القرآن والسنة، وما قام كيانها إلا على تعظيم الله وإجلال شرعه. وعلى هذا تتابع ملوكها بدءاً من الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، وأبناؤه الملوك من بعده رحمهم الله جميعاً، وحتى هذا العهد للملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله وأعزَّه. ويأبى الله والمؤمنون أئمتهم وعامتهم أن يجد المجرمون موطئ قدم أو مغرس بذر لإلحادهم وضلالهم في هذه المملكة العربية السعودية. وكان من جملة ما لبَّست به تلك الطُّغمة المجرمة على الأمة: تشكيكهم في السُّنة النبوية والاستهزاء بها، بأساليب وأطروحات متنوعة، حتى آل بهم الأمر إلى الحال التي وصفها المصطفى صلى الله عليه وسلم محذراً، كما روى أبو رافع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَأْتِيهِ الأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أو نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لا نَدْرِي! مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ". رواه أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجة وصححه الألباني. وكما أخبر المعصوم عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: "أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ! فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ" رواه أبوداود وغيره، وصححه الألباني. والاعتراض على السنة والتشكيك فيها وسوء الأدب مع صاحبها عليه أفضل الصلاة وأتم السلام تكرر من هؤلاء المبطلين في منتديات ومجلات وصحف، لا أقول في بلاد أو صحف يهودية أو نصرانية أو غيرها، كلا، بل صحف وأشخاص يجاورون الحرمين الشريفين!. وعندي وبيدي تحديد تلك الصحف بأسمائها وأرقام أعدادها وصفحاتها. وقد رَدَدْتُ أنا وإخواني طلبة العلم ومشايخنا عليهم، فنشرت تلك الصحف بعضاً ومنعت الأكثر!. ومما سلكه المبطلون في إجرامهم وأذيتهم لله ولرسوله: استغلال بعض وسائل الإعلام التقليدية ووسائط الإعلام الحديثة، إضافة لاستخدام الروايات والقصص لينطقوا فيها بالضلال والإلحاد وسوء الأدب مع الله جل شأنه وتقدَّست أسماؤه، فإذا صاح بهم المؤمنون منكرين ومشنعين، قالوا: هذا ليس منَّا! ولكنه من شخصيات الرواية والقصة، زعموا!. ولما زاد أمنُ أولئك المجرمين من أَخذةٍ قاصمةٍ أو عقوبة عاجلة صرَّحوا بضلالهم وإلحادهم؛ فأخرجوا للناس ما تخفيه صدورهم، عبر صفحات شبكة المعلومات في الإنترنت تويتر وغيره، وعبر تجمعات في مقاهٍ ومنتديات لا تبعد عن بيت الله الحرام إلا مسافة قصيرة. فصرحوا وكتبوا العبارات الشنيعة، التي فيها الجرأة على الله، ووصفه سبحانه بأوصافٍ كفرية إلحادية، ما قالها فرعون ولا كفار قريش، وهذا مدونٌ عنهم في محاضرات مسجلة وكتابات موثقة عبر صفحاتهم في الإنترنت وغيره. فكانت بذرة الضلال منذ سنين أن كتب مقدَّمهم مذؤوماً مدحوراً: (الله [تعالى وتقدَّس] والشيطان وجهان لعملة واحدة). وما زال المؤمنون ينكرون هذا القول، وما زال صاحبه يرفع عقيرته: أنتم فهمتم غير ما أقصد! ولو كان معظماً لله ولكتابه لصرَّح بلا امتراء ولا تردد بالبراءة من أيِّ قولٍ يُحاد به الله ورسوله. ولكنه زاد الأمر ضِغثاً على إِبالة فلم تزل أطروحاته وتغريداته مما ينكره أهل الإيمان، كما سأنقل بعد أسطر. فجاء على خطاه في أيامنا هذه قول أحد منظريهم في كينوناته الآثمة: (لم يعد ممكناً استمرار ذلك التصور عن الله. لا بد مراجعته. نقده. الشك به. تصور جديد. يلائم وعينا الإنساني الجديد. هذا يبقى الله في حياتنا). وقوله: (تصورنا عن الله نشأ في القرن الأول مرتكزاً على نموذج السوبر ملك. سوبر في قدرته وعلمه. و"سوبر" في عقده وخوفه. لذلك يغضب لا كالملوك بل كطفل حانق). وقوله: (نحن بحاجة لله. لا شك. ولكن بحاجة لصياغة علاقة جديدة معه. وهذا لا يأتي إلا بالتشكيك به. فإذا تحب الله وتريد استمراره في حياتنا فشكك فيه). وقوله: (..... حتى الله لا نؤمن به ما لم ينسجم مع أخلاقنا). وأقول بقول الله تعالى : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا) [الكهف/5]
وقد خطط هؤلاء المجرمون لاستمرار سلالة الضلال فأوحى الشيطان لهم استقطاب حدثاء الأسنان، ومكروا بهم الليلَ والنهار، فأظهر أحدُهم تطاولَه على الله سبحانه وتكذيبَه لرسوله محمد عليه الصلاة والسلام، فكتب: (إن قدرة الله على البقاء ستكون محدودة لولا وجود الحمقى). وقوله: (ولو افترضنا وجود الله فإنه سيجعلكم في عينه على الدوام ما دمتم جيدين). إلى غير ذلك مما اشتهر عند الناس شأنه. ولما هيأ الله النكير على هذا الأخير في قلوب العباد وعلى ألسنتهم وما سبقه من نكير العلماء ووازع السلطان تواصى أصحاب نادي المنكر إلى الدفاع عن قرينهم وتهوين جرمه ومحاولة إخفائه في أقاصي الأرض. وفي مثل هؤلاء قال ربنا جلَّ وعلا: (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ) [التوبة/62]. وعندما استمرأ هؤلاء المجرمون تأخر العقوبة على جرأتهم في التطاول على الله تعالى وعلى كتابه ورسوله عليه الصلاة والسلام كتب أحد كبرائهم في الجرم والإثم: (ما بال إلهكم عاجز؟ لا يحسن الدفاع عن نفسه)!. والجواب له ولأمثاله: (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [آل عمران/178]. وهؤلاء المجرمون شابهوا أسلافهم في مُحادة الله واستعجال عذابه كما أخبر الله عنهم: (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) [ص/16]. ولا تزال صفحات الإنترنت وأوراق عدد من الكتب والصحف مأزومةً من أطروحات بقية الطغمة المجرمة، وما أوردته ما هو إلا نموذج على عظيم جُرمِهم، حسيبهم الله على قولهم الإفك: (تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) [مريم/90]. وبعد الاعتذار إلى الله جلَّ شأنه وتقدَّست أسماؤه، والبراءة من أقوال الإلحاد، وبعد بيان طرف من مكرهم وبغيهم، يجدر وضع المعالم المهمة في التَّوَقِّي من هذه المسالك الخاطئة وكيفية التعامل معها: فأولاً: يجب أن يحمي المسلم نفسه من الزيغ وأن يسأل الله الثبات: وقد جاء تأكيد هذا المبدأ في مواضع عديدة من القرآن والسنة، كما قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال/24]. وأخبر جلَّ وعلا أنَّ أفاضل عباده لهم دعاءٌ عظيم الشأن: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ () رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران/7، 8]. وتوعد الله جل شأنه أولئك المجترئين المتطاولين على شرعه وحُكمه، أو على جناب رسوله محمد عليه الصلاة والسلام فقال عزَّ وجلَّ: (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أو يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور/63]. قال الإمام أحمد رحمه الله: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا ردَّ بعضَ قوله - أي قول النبي صلى الله عليه وسلم - أن يقع في قلبه شيء من الزَّيغ فيهلك. ويؤيده قول الحق سبحانه: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [الصف/5] وكما قال سبحانه: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أول مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام/110]. ولا يمتري أيُّ مؤمنٍ طرفة عينٍ أنَّ أذيَّة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي إحسانُه إلى الخلق فوق كلِّ إحسان بعد إحسان الله، أنَّ إيذاءَه عليه الصلاة والسلام غاية الوقاحة والجراءة والزيغ عن الصراط المستقيم، الذي قد علِمُوه وتركوه. وكان من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ما أخبرت عنه أمُّ المؤمنين أمُّ سلمة رضي الله عنها قالت: "كان أكثر دعائه عليه الصلاة والسلام: يا مُقَلِّب القلوب ثبت قلبي على دينك. فقيل له في ذلك؟. فقال: " إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ" رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني. فالواجب على أهل الإيمان جميعاً الأخذُ بهذه الأوامر الربانية والتوجيهات النبوية، وبخاصة فئة الشباب من الجنسين، وكذلك إخواننا وأخواتنا المنتسبين للثقافة أو لشيء من المجالات الإعلامية. فلي تواصلٌ مع عدد منهم، وقد وجدت فيهم النبل والفضل وحبَّ الخير، والمأمول أن يكونوا من المدافعين عن القرآن الكريم وعن السنة النبوية، فذلك فضل وشرف يوفق الله إليه من أحب من عباده. ثانياً: يتعين ترسيخ تعظيم الله جل وعلا وتعظيم شرعه ورسوله وهديه: فما مِنْ مُؤمنٍ ولا مُؤمنةٍ إلا وقد أيقنوا أن لا معبود يستحق الألوهية على الخلق إلا الله الذي له الخلق والأمر، فخلع المؤمنون الأنداد والآلهة، وأفردوا لله العبادة. فالله سبحانه له الملكُ كلُّه، وله الحمدُ كلُّه، وإليه يُرجع الأمرُ كلُّه، لا معقِّب لحكمه، وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا مشير، تعالى وتقدَّس: (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) [هود: 56]، أي: مُتصرفٌ فيها. وهو سبحانه: (يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ) فهو السَّيِّد العظيمُ الذي لا أعظم منه، والذي له الخلق والأمر، ولا مُعَقِّب لحُكمه، الذي لا يُمَانَع ولا يُخَالَف، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الأنبياء: 23]: لا يُسأل عما يفعل؛ لِعَظَمَتِهِ وكِبرِيَائِه، وقَهْرِه وغَلَبَتِه، وعِزَّتِه وحِكْمَتِه، والخَلْقُ كلُّهم يُسألون عن أعمالهم، كما قال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر: 92، 93]. ولذلك خضعت له جلَّ وعلا كُلُّ الخلائق والعوالم وأذعنت: (سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ () بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة/116، 117]. (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) [الروم/26]. (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) [آل عمران/83]. (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ) [الرعد/15]. فالواجب أن يربَّى الناس جميعاً على منهج التعظيم لله والانقياد لشرعه، وأن يُضمَّن ذلك في مسالك التربية ومناهج التعليم ووسائل الإعلام، وفي غُدُونا ورَوَاحنا، وفي كُلِّ شؤوننا. ومن الحسن جداً أن يتم إعداد حملات تربوية وإعلامية ودعوية موضوعها: تعظيم الله جلَّ وعلا. وقد أنكر الله على عامة المكلَّفين تركهم هذا الواجب العظيم، فقال تعالى وتقدَّس: (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج/74] وقال سبحانه: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفتح/9]. وقال جلَّ شأنه على لسان نبيه نوح عليه السلام: (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) [نوح/13]. ثالثاً: وجوب الحذر من التعرض للشبهات والقراءة فيها دون تحصن: فعند التتبع لأحوال من تنكَّبوا الصِّراط المستقيم وآل بهم الأمر إلى الضَّلال والإلحاد، وُجد أنهم سمحوا في البداية لتلك الشبهات أن تلوث فِطَرَهم، وبخاصة من خلال ما استجدَّ في زماننا من الكتب المترجمة أو المقالات الفلسفية أو كتابات لأشخاص مغموزين بتشربهم وانتسابهم لتيارات ضالة ومنحرفة. وقد ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنه قال: "فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ" رواه الشيخان من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. رابعاً: من ألحد وتزندق فلا يضر إلا نفسه: أخبر الله سبحانه أنَّ من ضلَّ وأعرض فإنه لا يضرُّ الله شيئاً، وإنما يهلك نفسه. وتوعدهم الله بالنَّكال، كما سلَّى الله قلوب المؤمنين وطمأنهم كلما أظهر الشيطان هؤلاء المجرمين. يقول الله تعالى: (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ () إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ () وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [آل عمران/176-179]. وقال الله عزَّ وجل: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ) [محمد/32]. وقال الله جلَّ شأنه: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ) [المجادلة/5]. وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ) [المجادلة/20]. خامساً: ما يجب على ولاة الأمر من الغيرة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام: ولا ريب أنَّ على ولاة الأمر واجباً عظيماً في كفِّ هذا الأذى عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام والانتصار لشرعه، لا لحاجة الله، ولكنه مقتضى التكليف.