تشهد الولاياتالمتحدة جدلاً إعلامياً واسعاً حول قرار عدد من الشركات سحب إعلاناتها التليفزيونية من برنامج تليفزيون الواقع "أول أمريكان موزليم"، "كل المسلمين الأمريكيين"، الذي يصور الحياة اليومية لخمس عائلات مسلمة في ولاية ميشيجان. ورضخت الشركات، وآخرها "لوز" التي تملك سلسلة محال لبيع المستلزمات المنزلية، لضغوط من قبل جمعية مسيحية محافظة، ادعت أن البرنامج يروج للشريعة الإسلامية. ويقول القيمون على برنامج تليفزيون الواقع "أول أمريكان موزليم" إن الهدف منه الإضاءة على حياة المسلمين في الولاياتالمتحدة، وإظهار صورتهم الحقيقية بعيداً عن النمطية التي ارتبطت بهم، ولاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. غير أن جمعية "الأسرة في فلوريدا"، وهي جمعية مسيحية متطرفة، رأت في البرنامج ترويجاً للإسلام وقيمه. واعتبر رئيسها دايفيد كاتون أن "البرنامج يخلق صورة تشوّه بنية المعتقد وذاكرة ملايين الأمريكيين، الذين قد يشاهدونه ويعتقدون، خطأ، أن المسلمين بهذا الانفتاح، وعلى هذه الصورة، ونحن نعلم أن المسلمين ليسوا كذلك". ويعترض كاتون بشكل أساسي على عدم الإشارة في البرنامج إلى أي ارتباط للإسلام بالتطرف والإرهاب، وهما من "مكونات الإسلام" بحسب ادعائه. وأثار سحب بعض الشركات إعلاناتها من برنامج "أول أمريكان موزليم" موجة غضب، ليس بين المسلمين فحسب، وإنما بين عدد من المشرعين وأعضاء مجلس الشيوخ، ولاسيما عضو مجلس النواب كيث أليسون والسيناتور الديمقراطي تيد ليو الذي هدد بالدعوة إلى مقاطعة منتجات الشركات التي سحبت إعلاناتها إذا لم تتراجع عن خطوتها. ويقول عصام عميشي من مؤسسة دار الهجرة، إن حملة "جمعية فلوريدا" تعد "استكمالاً لمحاولات البعض تشويه صورة الإسلام وإظهاره كالوحش المخيف الذي يجب تطهير المجتمع الأمريكي منه". وتحدث عميشي عن اتصالات تجريها بعض الجمعيات والمنظمات الإسلامية لحل الأزمة، معتبراً أن من واجب المسلمين في الولاياتالمتحدة" إعادة تشكيل ذاكرة الأمريكيين وتصحيحها". وتحولت القضية إلى مادة إعلامية دسمة، لاسيما في الإعلام المرئي، كما انتشرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حملات شجب ودعوات لمقاطعة سلع الشركات التي سحبت إعلاناتها. إلى ذلك، جمعت تواقيع لإظهار الدعم للبرنامج الذي برأي كثيرين يفتح نافذة على حياة المسلمين في الولاياتالمتحدة. ويقول حسين الغول منسق صلاة الجمعة في مبنى الكابيتول إن "جمعية فلوريدا تدعي أنها مسيحية، ولكن على حد علمي، فإن رسالة المسيح كانت دوماً السلام والمحبة. لا أعلم أي رسالة تمثلها الجمعية وهذه ليست أمريكا التي نعرفها". وقال مواطن أمريكي مسلم يدعى هيثم ناصر إن "الشركات المعلنة تتعرض لضغط من مجموعات صهيونية لا تريد إبراز الوجه المتسامح والحقيقي للإسلام". ورفضت شركة "لوز" التحدث إلى "بي بي سي"، غير أنها أعلنت في بيان نشر على شبكة الإنترنت أنها لم تسحب إعلاناتها من برنامج "أول أمريكان موزليم" استجابة لأي ضغوط، وإنما بسبب الجدل الذي أثاره البرنامج. وأكدت الشركة أنها تحترم التنوع الثقافي والاجتماعي للولايات المتحدة. وامتنعت شبكة "تي ال سي" التي تعرض برنامج الواقع هذا، عن تحديد حجم الإعلانات التي سحبت أو عدد الشركات التي سحبت إعلاناتها، وما إذا كان ذلك سيؤثر على مستقبل البرنامج الذي تعرض آخر حلقاته بحلول منتصف يناير المقبل.