عبدالله السالم – سبق – الدمام: قال الدكتور سعيد بن أحمد الأفندي المشرف العام على "كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز للقيم الأخلاقية"، بجامعة الملك عبد العزيز: "إن إنشاء الكرسي الذي يعنى بتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع من منظور علمي إنساني واجتماعي، "أصبح ضرورة ملحة بالنظر إلى الطفرة العلمية والنهضة الشاملة الثقافية والتعليمية، التي تشهدها المملكة، والتحديات التي يواجهها شبابنا.. مع تزايد التحديات وتنامي الظواهر والمشكلات السلبية في المجتمع". وفي حوار مع "سبق" عن رؤية ورسالة وأهداف الكرسي، اعتبر الأفندي أن "رؤية الكرسي جاءت لتتلاءم مع مكانة المملكة، التي هي قدوة ومرجعية معرفية وبحثية للقيم الأخلاقية ليس فقط على المستوى المحلي، ولكن على مستوى العالم أجمع". وأوضح أن من بين أهداف الكرسي "وضع دليل قيمي يشتمل على الضوابط والمعايير العلمية التي يمكن العمل من خلالها والتواصل بها مع الثقافات الإنسانية الأخرى.. ينتظر أن يكون هذا الدليل مرجعاً يسهم في تعزيز قدرة أفراد المجتمع على التمييز بين الثقافات والقيم المختلفة والتواصل والاستفادة مما يتناسب مع قيمنا الأخلاقية الإسلامية". وأضاف أنها تتضمن "إعداد منهج تعليمي شامل يعنى بالقيم الأخلاقية لمراحل التعليم العام". وكشف أن وزارة التربية والتعليم عبرت عن رغبتها في المشاركة في تنفيذ أهداف الكرسي. وقال الأفندي إن الكرسي يعمل في عدة اتجاهات ومحاور بحثية تتنوع بين ما هو نظري ومعرفي ونفسي وتربوي وبين ما هو اجتماعي واقتصادي وثقافي وإعلامي، "ولذلك فالكرسي يفتح ذراعيه لكل من أراد أن يسهم في تحقيق أهدافه كل في مجاله وتخصصه". وأكد "الإعلان خلال الأسابيع القادمة عن عناوين الأبحاث للكرسي، فيما سيتم البدء في الإعداد لمؤتمر عالمي تستضيفه الجامعة حول القيم الأخلاقية في عام 1434ه".
وفيما يلي نص الحوار: * بداية، نهنئ جامعة الملك عبدالعزيز باختيارها لتكون حاضنة لكرسي يحمل اسم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، ويعنى بالقيم الأخلاقية؟ - أشكركم على هذا اللقاء وهذا الاهتمام والمتابعة لنشاطات جامعة الملك عبدالعزيز التي شَرُفَت بنيل ثقة سمو النائب الثاني، الذي وجه بإنشاء كرسي يحمل اسم "كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية"، ليكون واحداً من أهم وأبرز الكراسي العلمية في جامعة الملك عبدالعزيز، خاصة أنه يتعلق بالقيم الأخلاقية التي يحث عليها ديننا الإسلامي وشريعتنا السمحة. وهذا الدعم من ولاة الأمر وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعضده الأيمن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني حفظهم الله ليس غريباً، فحكومتنا الرشيدة لم تأل جهداً في دعم التعليم العالي وكل ما من شأنه أن يعود بالنفع على أمتنا الإسلامية ووطننا الأبي، الذي يتشرف باحتضان الحرمين الشريفين ومهد رسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق؛ فديننا الحنيف يدعو إلى المبادئ والأخلاق السامية، فنحن معنيون أكثر من غيرنا من المجتمعات الإنسانية بنشر وتعزيز القيم الأخلاقية السامية بما يتلاءم وديننا الحنيف. فالشكر والتقدير والامتنان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز- حفظهم الله -؛ لدعمهم للتعليم العالي في بلادنا الغالية، وما هذا التبني لكرسي القيم الأخلاقية في جامعة الملك عبدالعزيز من سمو النائب الثاني إلا دليل على عناية قيادتنا الرشيدة بكل ما من شأنه أن يعود بالنفع والخير على الوطن والمواطنين في هذا البلد الأبي.
* عادة ما تكون الكراسي العلمية ذات طبيعة تطبيقية، هل ترون أن إنشاء كرسي في مجال العلوم الإنسانية بما تضمنه هذا المجال من تنظير، قد يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة؟ - فكرة إنشاء الكرسي نابعة من إيمان القائمين عليه بأهمية الدور الذي تؤديه العلوم الإنسانية والاجتماعية، في إعداد وبناء الإنسان فكرياً وثقافياً واجتماعياً ونفسياً، ولعل إنشاء كرسي من هذا النوع، سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى جامعات المملكة، حيث تتعلق بتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع من منظور علمي إنساني واجتماعي، وأعتقد أن هذا الأمر أصبح ضرورة ملحة بالنظر إلى الطفرة العلمية والنهضة الشاملة الثقافية والتعليمية التي تشهدها المملكة، والتحديات التي يواجهها شبابنا، ومما لا شك فيه أن العلوم الإنسانية والاجتماعية من شأنها أن تؤدي دوراً محورياً يسهم في فهم المجتمع وخصائصه وقضاياه، وتسهم في تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها الكرسي، وأبرزها رصد أسباب ومسببات ومظاهر انحسار القيم الأخلاقية الإيجابية وانتشار القيم والمفاهيم السلبية في مجتمعنا.
* تتلخص رؤية الكرسي في سعيه ليكون مرجعية معرفية وبحثية للقيم الأخلاقية، ما الإستراتيجية التي وضعت لتحقيق هذه الرؤية؟ - المملكة تحتضن الحرمين الشريفين، ومهد رسالة الإسلام التي جاءت للناس جميعاً، والمملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي دستورها القرآن والسنة النبوية المطهرة، وبحكم أن الدين الإسلامي جاء للناس جميعاً، ونبينا المصطفى جاء ليتم مكارم الأخلاق، فإن المملكة تقوم بدورها الأخلاقي نحو الإنسانية جمعاء، وهي تعاني شأنها في ذلك شأن دول العالم من مشكلات اجتماعية وظواهر وقضايا إنسانية، كالإرهاب، والمخدرات، والانحراف والسلوك الإجرامي وغيرها من الظواهر الاجتماعية، ولذلك فرؤية الكرسي جاءت لتتلاءم مع مكانة المملكة التي هي قدوة ومرجعية معرفية وبحثية للقيم الأخلاقية ليس فقط على المستوى المحلي ولكن على مستوى العالم أجمع، وتزداد وتيرة هذا الدور مع تزايد التحديات وتنامي الظواهر والمشكلات السلبية في المجتمع. أما الإستراتيجية التي وضعها الكرسي لتحقيق رؤيته فهي العمل وفق برنامج علمي متكامل وخطة، إستراتيجية لتحقيق أهدافه ورسالته وهي تعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع وتفعيلها بأساليب عصرية ووسائل منهجية والتفاعل الإيجابي مع المجتمعات الإنسانية.
* هل ترون أن الكراسي العلمية وسيلة ناجعة لتحقيق مثل هذه الأهداف؟ - الكراسي العلمية واحدة من الوسائل الفعّالة في تحقيق الأهداف، ولذلك نجد أنها تنال حظاً وافراً من الاهتمام من قبل الجامعات بشكل عام، وجامعة الملك عبد العزيز تضع ضمن أولوياتها الاهتمام والعناية بالكراسي العلمية، وقد وفرت الجامعة وكالة خاصة تناط بها مهمة خدمة الكراسي العلمية من خلال وكالة الجامعة للإبداع المعرفي ومعهد البحوث والاستشارات، فنجد أن جامعة الملك عبد العزيز تبنت العديد من الكراسي العلمية تحملاً لمسؤوليتها وأداء لواجبها، كما أن الكراسي تجد متابعة من معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور أسامة بن صادق طيب، وتقارير يومية، وهناك مشرف على الكرسي وفريق عمل وأستاذ للكرسي، ولجنة علمية تتكون من كوكبة من المتخصصين والمهتمين بالقيم الأخلاقية ، وكلهم يعملون ويسخرون وقتهم وأفكارهم وطاقاتهم لتحقيق أهداف الكرسي، وفق ما حدد لهم من مهام من وضع للأطر العامة والمقترحات البحثية ووضع الخطط والاستراتيجيات للمحاور وآليات مقترحات الأبحاث المتعلقة بالكرسي، ووضع الجدول الزمني لاستقطاب الأبحاث العلمية وتصنيف مقترحات الأبحاث الواردة من المشاركين والمشاركة في إعداد التقارير الدورية والنهائية لمشاريع الأبحاث وتطوير قواعد بيانات المحكمين، ذوي الصلة بمحاور الأبحاث والتنسيق مع الجامعات والكليات ذات العلاقة بمجال الكرسي لمتابعة إنجاز الدراسات المطلوبة. وجامعة الملك عبد العزيز كما يعلم الجميع تزخر بالكراسي العلمية والبحثية التي تعد وسيلة مهمة من وسائل تعزيز البحث وتوليد المعرفة والمساهمة في الحراك التنموي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي، وكرسي الأمير نايف بن عبد العزيز للقيم الأخلاقية جاء ليسهم بدوره في خدمة المنطقة والمملكة وإثراء العملية البحثية في هذا الصرح العلمي الشامخ.
* الملاحظ أن الكرسي يتجه إلى إعداد دليل قيمي، ما مضمون هذا الدليل؟ - من بين أهداف كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية، العمل على وضع دليل قيمي يشتمل على الضوابط والمعايير العلمية التي يمكن العمل من خلالها والتواصل بها مع الثقافات الإنسانية الأخرى، ويتضمن إعداد منهج تعليمي شامل يعنى بالقيم الأخلاقية لمراحل التعليم العام، وتقدم أبحاث ودراسات تطبيقية تخدم أهداف الكرسي وتصب في خدمة هذا الدليل القيمي، والهدف في النهاية هو الوصول إلى نتائج إيجابية يمكن الاستفادة منها في كافة القطاعات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية، بحيث نصل إلى معالجة أسباب انحسار المشكلات القيمية والأخلاقية، الناتجة عن قلة وعي المجتمع بالمنظومة الأخلاقية الإسلامية، وينتظر أن يكون هذا الدليل مرجعاً يسهم في تعزيز قدرة أفراد المجتمع على التمييز بين الثقافات والقيم المختلفة والتواصل والاستفادة؛ ما يتناسب مع قيمنا الأخلاقية الإسلامية.
* تم اختيار معالي الدكتور صالح بن حميد كأستاذ للكرسي، ما رأيك في هذا الاختيار، وعلى أي أساس تم؟ - كما يعلم الجميع ففضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد أحد العلماء البارزين المتميزين في بلادنا. فهو إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء ورئيس مجلس الشورى سابقا ورئيس مجلس القضاء الأعلى حاليا، وقد قبل مشكوراً أستاذية الكرسي رغم مشاغله الجمة رغبة منه في الإسهام في هذا المجال المهم، وسيرة الدكتور صالح بن حميد غنية عن التعريف فله من الخبرة والحنكة والحكمة؛ ما يجعله الشخص المناسب في المكان المناسب، وقد لاحظ الجميع اهتمام معاليه من خلال خطب المسجد الحرام ومؤلفاته ومحاضراته بجانب الأخلاق والعناية بها في مجتمعنا وفي كل المجتمعات الإنسانية، وأستاذ الكرسي تناط به عدة مهام تتلخص في إنجاز برنامج الكرسي العلمي طبقاً للجدول الزمني المحدد، وعليه العمل على تحقيق المخرجات المتوقعة للكرسي من أبحاث ودراسات وغيرها من الإنجازات والنشاطات، بالإضافة إلى أن أستاذ الكرسي معني بمساعدة ومشاركة الفريق العلمي والبحثي للإلمام بالتطورات والتحديات التي تواجه نشاطات الكرسي وفعالياته، ويتولى أيضاً ربط الكرسي العلمي بأحد المراكز الدولية المشهورة في مجال عمل الكرسي، وتتمنى الجامعة لفضيلته التوفيق والسداد في هذا المهمة العلمية القيمة , فقد شرفت الجامعة ومنسوبيها بتولي معاليه هذه المهمة.
* هل لكم أن تسلطوا الضوء على أبرز الإجراءات التي اتخذها الكرسي منذ تأسيسه وحتى اليوم؟ - مضى ما يقارب ستة أشهر من تأسيس الكرسي، وقد تم تحقيق العديد من الإنجازات حسب الخطة المرسومة وحسب الجدول الزمني، ففي 1031431ه تم اقتراح الشعار الرسمي للكرسي، ثم في 1931431ه، اجتمعت اللجنة الإشرافية العليا للكرسي وناقشت عدة أمور تتعلق بالشعار وبرنامج السنة الأولى وموعد افتتاح المقر الإداري وموعد التدشين، ثم في 2431431ه، عقد الكرسي ورشته الأولى شارك فيها أعضاء اللجنة العلمية مع بعض الضيوف لمناقشة الرسالة والمهمة وتقويمها، ومناقشة سير عمل الكرسي واقتراح الخطة، ثم كان اجتماع اللجنة التحضيرية الأولى للكرسي في 2241431ه، وتم خلاله وضع برنامج السنة الأولى تمهيداً لعرضه على الجهات المختصة تم كان تدشين الكرسي في 2651432 والذي شرفه سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة نيابة عن سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز، كما بدأت اللجان العلمية والإشرافية بالعمل حسب الجدول المعد لذلك.
* ماذا عن التعاون بين الكرسي والقطاعات الحكومية؟ - في الواقع الباب مفتوح لجميع الجهات الحكومية والقطاع الخاص سواء من الأفراد أو من المؤسسات أو من الباحثين أو الأكاديميين للانخراط في هذا المشروع الوطني، الذي يهدف إلى تعزيز القيم الأخلاقية في مجتمعنا؛ فالأمر يهم الجميع وعلى جميع المستويات، ويمكن أن أذكر لكم مثالاً على رغبة العديد من القطاعات الحكومية في التعاون مع الكرسي، فعلى سبيل المثال عبرت وزارة التربية والتعليم عن رغبتها في المشاركة في تنفيذ أهداف الكرسي وعقد شراكة فاعلة وتعاون مثمر وبناء مع الجامعة، ممثلة في كرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية، وقد عرضت وزارة التربية والتعليم المساهمة في عدة مجالات من بينها العمل مع الكرسي في إعداد البحوث والدراسات المسحية والتقويمية والتحليلية والإحصائية وإقامة لقاءات وندوات ومؤتمرات وتقديم البرامج التدريبية التي تعنى بالقيم الأخلاقية، ومن أمثلة ذلك أيضاً طلب المركز الوطني لأبحاث الشباب التعاون من الكرسي أجل تحقيق الأهداف المشتركة، والمركز الوطني لأبحاث الشباب كما تعلمون يتبع لجامعة الملك سعود بالرياض، وقد عبر القائمون عليه عن رغبتهم في التعاون مع الكرسي في مجال الأبحاث المسحية على وجه الخصوص، هذا بالإضافة إلى استعداد العديد من القطاعات الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في هذا المشروع الوطني الهادف؛ ولذلك فالكرسي يفتح ذراعيه لكل من أراد أن يسهم في تحقيق أهدافه كل في مجاله وتخصصه.
* ما أبرز الفعاليات القادمة للكرسي؟ - سيتم الإعلان خلال الأسابيع القادمة عن عناوين الأبحاث للكرسي وسيتم البدء في الإعداد لمؤتمر عالمي تستضيفه الجامعة حول القيم الأخلاقية في عام 1434 بإذن الله وهناك محاضرة هامة لمعالي أستاذ الكرسي ستقام في رحاب الجامعة وموضوعها هو: "القيم الأخلاقية بين الإسلام والغرب" وستكون في شهر محرم القادم، وستستضيف الجامعة كذلك الشيخ صالح المغامسي في محاضرة حول القيم الأخلاقية في السيرة النبوية، وستستمر الفعاليات والأنشطة والأبحاث كما هو معد له حسب الجدول الزمني. وكل ذلك بدعم ورعاية الداعم للكرسي سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله، وأود الإشادة بجهود ممثل سموه في الكرسي الأستاذ الدكتور ساعد العرابي الحارثي، أسأل الله تعالى للجميع التوفيق والسداد.