زارت "سبق" مساء اليوم أحد المراكز الانتخابية في تبوك ومقره ثانوية البحتري بحي القادسية وشدنا منظر شاب أنيق المظهر ولكنه يبدو حائرًا في أمرٍ ما، اقتربنا منه وعرضنا عليه المساعدة فأبهرنا بقوله: "ممكن تساعدني باستخراج اسمي ورقمي من الكشف لأنني (أمي) لا أجيد القراءة والكتابة". قدمنا له المساعدة في ذلك ورافقناه حتى دخل لصالة الاقتراع، وواجهته المشكلة نفسها حتى قام بمساعدته أحد الموظفين وحدد له مكان وضع العلامة للمرشح الذي اختاره.
وعند بوابة الخروج استوقفناه وجرى معه هذا الحوار. ما اسمك وكم عمرك ؟ - (ذكر اسمه كاملاً وطلب عدم ذكر اسمه عند النشر) عمري 33 عامًا.
أنت لا تزال شابًا لماذا لم تتعلم ؟ - منذ صغري نشبت خلافات أسرية بين أبي وأمي خصوصًا بعد زواج أبي من امرأة أخرى وبعدها انفصلا وتخلى عنا والدي وأصبحنا أنا وأشقائي الأربعة وشقيقاتي الثلاث نعاني متاعب الحياة مع أمي التي كانت ضعيفة الحال والحيلة. وأبي بتخليه عنّا -سامحه الله- هو سبب جهلي وعدم إلحاقي بالمدرسة، فاضطررت إلى العمل منذ طفولتي لمساعدة أمي وذهب عمري دون دراسة ولكنني سعيد لأن جميع أشقائي وشقيقاتي أكملوا تعليمهم والآن بعضهم توظف ولله الحمد.
هل ستكمل تعليمك ؟ - بإذن الله سوف أكمل تعليمي بأقرب فرصة ولكنني حاليًا لا أجد الوقت الكافي للالتحاق بمدارس تعليم الكبار لأنني أعمل حارس أمن في قطاع خاص وأعمل على فترتين في اليوم لأتمكن من سد احتياجاتي الأسرية فأنا فضلاً عن كوني العائل لأشقائي فأنا متزوج ولله الحمد.
حدثنا عن معاناتك مع الأمية. - هي فعلاً معاناة فأنا اضطر إلى سؤال الناس أن يساعدوني أن يكتبوا أو يقرؤوا لي في كل مكان في العمل والبنك والشارع وعند مراجعة الدوائر الحكومية.
بل إنني حرمت من الاستمتاع بالأجهزة الذكية بسبب عدم معرفتي بالقراءة والكتابة وغالبًا استخدم المحادثات الصوتية في التواصل مع الأصدقاء.
ما أمنيتك في الحياة وطموحك ؟ أمنيتي أن أحفظ القرآن الكريم وأن أستطيع أن أتلو القرآن الكريم ويشهد الله أنني أتحسر وأبكي عندما أمسك المصحف ولا استطيع القراءة، حفظت الفاتحة وبعض السور القصيرة عن طريق التلقين في حلقة القرآن الكريم بالجامع.
وطموحي وظيفة حكومية تكون أمانًا لي بعد الله وتُساهم في إيجاد الوقت لي بأن أتعلم وأمسح هذه الأمية من قاموس حياتي.
وأخيرًا ما رأيك في الانتخابات ؟ الحقيقة أرى أنها مهمة ودور المرشحين مهم في نقل مطالب المواطنين لذلك حرصت للحضور وترشيح من أرى أنه يستحق أن يمثلني.
"سبق" ودعت الشاب ك.م.ع والذي وعدنا بأن يكمل تعليمه فور توفر الفرصة والوقت المناسب ، وتحتفظ (سبق) بكامل بيانات الشاب صاحب القصة.