دعا الرئيس التنفيذي ل"ديوان التنمية" للاستثمار المهندس يوسف الحربي إلى الاعتماد على نظام "الفرنشايز" ليكون بديلاً لنظام ريادة الأعمال في المملكة، مشيرًا إلى أن ريادة الأعمال، أثبت فشله وعدم جدواه على مدار السنوات الماضية، ولابد من تغييره بنظام "الفرنشايز"، الذي رأى أنه يتضمن معايير وآليات عدة، تؤهل رجال الأعمال من صغار السن، وتدربهم على ممارسة نشاطهم بحرفية أكثر ومهارات أعلى مما كان عليه الوضع في ريادة الأعمال. وأكد أن نظام "الفرنشايز" في المملكة غير منتشر بما فيه الكفاية، مشيرًا إلى أن عددًا محدودًا من الشركات السعودية تحتكر هذا النظام، وتتحكم فيه، محذرًا من أن هذا الاحتكار لن يدوم كثيرًا في المملكة، وربما تتدخل الشركات صاحبة العلامات التجارية، لسحب حقوق الامتياز التجاري، وتعمل بنفسها في السوق السعودي .
مفهوم "الفرنشايز" عرّف الحربي "الفرنشايز" بأنه حق الامتياز التجاري للعلامات التجارية. وقال إنه "إحدى الأدوات لتطوير الأعمال، والتوسع لاستيعاب المنتجات العالمية، كما أنه جزء من مفهوم العولمة في الشأن الاقتصادي، وهو يختلف عن نظام الوكالة والموزعين للمنتجات العالمية، إذ إنه يحتاج إلى نوع من الاحترافية والمهارة لتطوير المنتج وتطويعه حسب الأسواق التي يباع فيها، كما أنه يساعد على الانتقال بالمشروعات والأعمال خارج حدود الوطن".
ويتابع: "هذا النظام يقوم على 3 عناصر رئيسة، وهي استراتيجية التسويق التي تنفذها الشركة، ونظام التشغيل فيها، وأخيرًا الأنظمة والقوانين التي تقوم عليها الشركة، بما فيها الاتفاقات والعقود التي أبرمتها".
وأوضح أن "الفرنشايز" يختلف عن الوكالة، في أن الأخيرة تهدف إلى بيع منتج معين في السوق المحلي بأي وسيلة كانت، أما "الفرنشايز" فهو يتطلب أن يكون صاحب الامتياز لديه المهارات والخبرات في تسويق هذا المنتج بوسائل تتماشى مع البلد والمجتمع الذي يعمل فيه، مع مراعاة الاختلافات والثقافات الموجودة في كل مجتمع، التي تساعد على ترويج المنتج بشكل أكبر وأسرع".
وضرب "الحربي" مثالاً على ذلك ببعض مطاعم الوجبات السريعة في المملكة. وقال: "هذه المطاعم تعمل في المملكة بنظام الفرنشايز، لذا هي تحرص على أن يكون لها فروع للعوائل داخل المملكة، لمراعاة متطلبات المجتمع وعاداته، وهذا الأمر جعل الإقبال عليها كبيرًا".
احتكار الشركات السعودية وأشار إلى أن "هناك شركات عالمية، دخلت السوق السعودي بنظام ال"فرنشايز" ولكنها فشلت وخرجت منه، لعدم قدرتها على إيجاد آلية تساعدها على الاستمرار، ضاربًا مثالاً بالعلامة التجارية لمطاعم "ويندز" التي لم تستمر طويلاً لعجز الشركة السعودية صاحبة الامتياز في تشغيلها في المملكة، على الرغم من عالمية الاسم وشهرته".
وبيّن المهندس الحربي أن "غالبية الشركات والماركات العالمية، تخشى من دخول أسواق الشرق الأوسط، لعدم وجود نظام "فرنشايز" حقيقي ومتكامل"، مضيفًا أن "هناك محاولات جادة لتبني نظام "الفرنشايز" ووضع أنظمة له في المملكة، بالتعاون مع مجموعة من المحامين والمختصين".
وأضاف: "ثبت أن غالبية الشركات التي تعمل بنظام الفرنشايز في منطقة الخليج، لا تقوم بدورها كاملاً في إدارة حق "الفرنشايز" على أسس سليمة، حيث إنها لا تمنح حق "الفرنشايز" من الباطن لشركة أخرى، ما أدى إلى ضعف انتشار العلامات التجارية في بعض مناطق المملكة، ومثال على ذلك، أننا نجد أن مطاعم الوجبات السريعة، لا تنتشر بما فيه الكفاية في مناطق المملكة، ويقتصر وجودها على المناطق الرئيسة، والسبب في ذلك هو الاحتكار الذي تمارسه الشركة صاحبة الامتياز التجاري "الفرنشايز" برفضها منح هذا الحق لغيرها من الشركات، وتحتفظ به لنفسها"، مشيرًا إلى أن "الشركات العالمية صاحبة العلامات التجارية لمطاعم الوجبات السريعة، لا تمتلك فروعًا لها، وإنما تكتفي بتقديم الدعم اللوجستي للشركات التي تحصل على حق الامتياز التجاري منها"، موضحًا أن "هناك 4 أو 5 شركات في السعودية، تحتكر نظام "الفرنشايز"، ولكن لا أعتقد أن هذا الوضع سيستمر كثيرًا، لأن الأنظمة الجديدة للاستثمار الأجنبي في المملكة، يعطي الشركة الأم الحق في الدخول إلى السوق السعودي، وتفتتح فروعًا لها، وتعمل بنفسها، وليست في حاجة إلى منح حق الامتياز التجاري للشركات السعودية".
الفوائد الاقتصادية وشدد الحربي على الفوائد الاقتصادية ل"الفرنشايز" في دعم اقتصادات البلاد، وقال: "حقوق الفرنشايز في دولة مثل بريطانيا، تساهم سنويًا بما قيمته 15 مليار جنيه إسترليني من إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد البريطاني، وهو ما يوازي 5 % من قيمة الناتج المحلي لبريطانيا، وهناك دراسة تقول إن "الفرنشايز" يحقق في الوطن العربي ما قيمته 40 مليار دولار، وهو مبلغ ضعيف ويمكن زيادته إذا وجد المزيد من الاهتمام".
وتطرق الحربي إلى الاستفادة المادية للشركات العالمية التي تمنح الامتياز التجارية لعلاماتها. وقال: "منح امتياز "الفرنشايز" يتطلب في البداية دفع رسوم أولية للشركة الأم صاحبة العلامة التجارية، ويتم تحصيل هذه الرسوم على كل وحدة يتم افتتاحها، وتتراوح هذه الرسوم بين 5 آلاف دولار إلى 1.5 مليون دولار عن الوحدة الواحدة"، مشيرًا إلى أن "هناك عدة أساليب لإبرام الاتفاقات بين الشركة الأم صاحبة العلامة التجارية، والشركة التي تستغل هذه العلامة وتشغلها في دولة ما، فقد يتم الاتفاق على تحصيل رسوم على إجمالي المبيعات، بنسبة تتراوح بين 3 إلى 12 % من قيمة المبيعات، بصرف النظر عن هل الشركة رابحة أم خاسرة، وربما يتم الاتفاق على دفع مبلغ مقطوع، تلتزم به الشركة المستغلة للعلامة التجارية كل عام"، مشيرًا إلى أن الشركة الأم من حقها أن تراقب وتتابع جودة المنتجات في الشركات التي تعمل بنظام الفرنشايز، ومن حقها سحب الامتياز التجاري ما رأت أنها لا تلتزم بمعايير الجودة في الإنتاج".
ريادة الأعمال رأى الحربي أن "الفرنشايز" أسلوب ناجح لإدارة الشركات المتوسطة والصغيرة، وقال إنه "بديل ناجح لنظام ريادة الأعمال، الذي يدار في المملكة بطريقة خاطئة، ولذلك أطالب بأن يتم دعم رياديي الأعمال في المملكة بنظام الفرنشايز، خصوصًا إذا علمنا أن رياديي الأعمال في المملكة من صغار السن، وليس لديهم خبرة في إدارة الأعمال وإدارة الشركات، ويأتي "الفرنشايز" ليقدم لهم الدعم المطلوب، ويدربهم على كيفية إدارة أعمالهم والاهتمام بها، حتى تصل إلى بر الأمان، كما يدربهم على أخلاقيات المهنة، وهذا غير متوفر في نظام ريادة الأعمال"، مشيرًا إلى سبب آخر لفشل ريادة الأعمال، ويقول: "الأكاديميون هم الذين يديرون هذا النظام، وليس رجال أعمال، هذا خطأ كبير أدى إلى فشل هذا النظام".
ولفت النظر إلى أن السوق السعودي لديه شركات تمتلك أسماء تجارية محلية، أثبتت نفسها في الانتشار، وتستطيع أن تفعل نظام "الفرنشايز"، وتمنح علاماتها التجارية لغيرها من الشركات". وقال "للأسف أن بعض هذه الشركات لا يرغب في تفعيل هذا النظام، وبعضها الآخر ليس لديه الثقافة الكافية في تفعيله، يضاف إلى ذلك أن الشركات السعودية تخاف من منح اسمها لشركات أخرى لاستغلاله تجاريًا، والسبب أنها لا تستوعب نظام الفرنشايز بشكل دقيق".
الأسر المنتجة وحذر المهندس يوسف الحربي من دخول "الفرنشايز" لقطاع الأسر المنتجة، وقال: "هذا النظام يعتمد في الأساس على مبدأ الاستدامة، وهذه الاستدامة لا تتوفر لدى الأسر المنتجة، فقد تتوقف المرأة أو الأسرة عن ممارسة النشاط في أي وقتٍ لظرف ما، وهذا يعد أحد عيوب ريادة الأعمال الموجودة في السعودية حاليًا".
وأضاف أن معارض الفرنشايز في المملكة أثبتت فشلها الذريع، وقال: "لا توجد لجان ل"الفرنشايز" في الغرف التجارية في المملكة، باستثناء غرفة الرياض التي توجد من بين لجانها، لجنة خاصة به، وهو ما يفسر لنا ضعف ثقافة الفرنشايز في المملكة، وهذا الضعف أسفر عن فشل المعارض التي تقام عن الفرنشايز، ليس لسبب سوى أنها لا تضع لنفسها أهدافًا تسعى لتحقيقها، وإنما تُقام من دون أهداف، لأن القائمين عليها لا يفهمون معنى الفرنشايز، ولا يلمون بدوره في تنمية اقتصاد أي بلد".
ويطالب الحربي بإقامة معرض سنوي كبير في إحدى المدن الرئيسة في المملكة عن الفرنشايز، كبداية لنشر ثقافته في المملكة". وقال: "نشر ثقافة الفرنشايز مسؤولية مشتركة بين الغرف التجارية ورجال الأعمال والإعلام بكل وسائله، ومن هنا أطالب بتأسيس نادٍ للفرنشايزيين في منطقة الخليج، يضم الخبراء والعاملين في هذا المجال، ويتم في هذا النادي تبادل الخبرات ونشر الوعي في قطاع الفرنشايز، والتعامل مع الفرنشايز على أنه صناعة قابلة للتطوير والتحديث".
مليار ريال وكشف الحربي أن "بنك التسليف يدعم الراغبين في الدخول في نظام الفرنشايز بمليار ريال، وذلك لجلب المزيد من حقوق الامتياز التجاري من الخارج، ولدعم أصحاب العلامات التجارية المحلية، لتفعيل نظام الفرنشايز في المملكة، وإعطاء حق الامتياز التجارية لعلاماتهم التجارية، لتسويقها خارج حدود الوطن".
وأضاف: "لن يقتصر تركيز البنك على المدن الكبيرة، وإنما سيشمل المدن الصغيرة، مثل جازان التي أرى أنها كنز حقيقي للفرنشايز، نظرًا لمعدل الاستهلاك الكبير هناك، ولكن للأسف، الأسماء التجارية لا تذهب إلى جازان، وهذا الأمر سيتم علاجه".
وقال من الفرنشايز في المملكة ينصب على العلامات التجارية لقطاع المطاعم والكوفي شوب، وفي الوقت نفسه هناك علامات تجارية في المملكة، من الممكن تفعيلها بنظام الفرنشايز، مثل قطاع التعليم والصحة وشركات العقار، كما توجد في المملكة علامات تجارية نسائية، يمكن استثمارها مثل العلامات التجارية للأزياء النسائية والحلويات والمشاغل ووكالات الدعاية".