بتخطيط إيراني وبتنفيذ عراقي تحول العراق إلى دولة ميليشيات فاشلة ومصنفة ضمن أسوأ وأكثر الدول فساداً وانعداماً للأمن، وباتت عاصمة الرشيد موطئاً لعشرات الميليشيات الطائفية المدعومة إيرانياً تسيطر على مفاصلها لتسحق بذلك مفهوم الدولة بمعناها الرسمي؛ حيث لم تكن قصة اجتياح عشرات الآلاف من الزوار الإيرانيين إلى العراق من غير تأشيرات للدخول أو الزيارة إلا عملية منسقة ومخطط لها على الأقل من جانب طهران التي لا ترى في العراق إلا دولة نفوذ لها يجب استنزافها وإسقاط مفهومها العربي ليسهل السيطرة على ما تبقى منها. زوار "الحسين"! وفي الوقت الذي انتقدت فيه السلطات العراقية بخجل عملية الاجتياح غير الشرعية تراجعت ووصفت من قام بهذه العملية بأنهم زوار لضريح الحسين، داعية الميليشيات والجيش العراقي إلى توفير الحماية لهم والسهر على راحة الضيوف حتى انتهاء مراسم أربعيينة الحسين رضي الله عنه.
أسوار بغداد هذا بينما في المقابل يقف مئات الآلاف من مواطني العراق في أوضاع مزرية على أسوار بغداد نزحوا من فجور "داعش" وبطش الميليشيات الشيعية ومُنعوا من دخول بغداد بأوامر إيرانية؛ لكونهم من الطائفة السنية، مشترطة إحضار كفيل عراقي للسماح بدخول السنة إلى بغداد.
تقسيم العراق وشكك مراقبون بعد حادثة الاجتياح في قدرة الحكومة العراقية على هزيمة تنظيم "داعش" وتوحيد العراق من جديد؛ نظراً لعمق النفوذ الإيراني وميليشياتها الطائفية وتغلغله في كل مفاصل الدولة العراقية، مرجحين تقسيم العراق الذي يعيش تحت وطأة أسوأ أزمة مالية.
تخاذل وصمت ووصف ائتلاف "متحدون" العراقي، رد فعل الحكومة العراقية بأنه متخاذل وصامت أمام تجاوزت إيران وتدخلها في شؤون العراق الداخلية لافتين إلى أن مئات الآلاف من المواطنين الإيرانيين يقتحمون الحدود العراقية بشكل متكرر ويدخلون إلى المدن بلا تأشيرة دخول أو اعتراف بأي أنظمة أو ضوابط تعمل بها دول العالم وكأن العراق جزء من إيران في ظل صمت الحكومة العراقية الذي يوحي بأن الأمر لا يعنيها.
حصار وتخلٍّ وأكد الائتلاف في بيان له، أن العراق يرحب بزواره، والترحيب لا يعني التخلي عن النظام والتعليمات والأمور التي تنظم انتقال الأشخاص بين الدول، فمن يضمن عدم وجود متسللين بين هؤلاء ومن يضمن أيضاً هدف الزائرين للمراقد الدينية في العراق، واستغرب الائتلاف من الحكومة العراقية على هذا القدر من التماهي مع الإيرانيين، وهل كانت ستتعامل مع زوار آخرين بالطريقة نفسها، مشيرين إلى أن الحكومة تحتجز وتحاصر مواطني الأنبار والمحافظات العراقية على جسر بزيبر في أوضاع إنسانية يرثى لها بحثاً عن رأفة من الحكومة لدخولهم بغداد العاصمة العراقية، فهم لم يكن يبحثون في دخولهم لدولة أخرى بل لعاصمتهم بغداد.
رسائل طهران ورأى ساسة ونواب عراقيون معارضون لنفوذ إيران ببلادهم في الحادثة امتداداً لسياسة الهيمنة الإيرانية القائمة تجاه العراق منذ سنوات، محملين حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي التي تقودها أحزاب شيعية مسؤولية الحفاظ على رموز السيادة العراقية وفي مقدمتها احترام حدود البلد والقوانين المعمول بها في دخول الأجانب إلى الأراضي العراقية.
"الداخلية" تتهم واتهمت وزارة الداخلية العراقية بشكل نادر السلطات الإيرانية بتعمّد حادثة الاقتحام لفرض عشرات الآلاف من الإيرانيين إلى العراق دون تأشيرات، وأصدرت بياناً كشفت فيه تفاصيل الحادثة الخطيرة، مشيرة إلى انفلات الوضع في المنفذ على الحدود، ومحمّلة الجانب الإيراني المسؤولية كونه "لم يقم بواجباته وتعهداته بشكل مسؤول".
وقالت الوزارة في بيانها، إن منفذ زرباطية الحدودي في محافظة واسط شهد خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية حوادث مؤسفة، مبينة أن المنفذ كان يشهد انسيابية عالية حسب الضوابط والأصول المعمول بها، حيث تقوم الجهات المسؤولة بالتدقيق في تأشيرات الدخول التي منحتها الممثليات القنصلية العراقية ويجري التأكد والتثبت من المعلومات كما هو مطلوب.
حطام وجرحى وأضافت الوزارة أن حشود الزائرين بدأت تتدفق بشكل فاق طاقة المنفذ على الاستيعاب منذ يوم الأحد، وتبين أن قسما من الزائرين ويعدون بعشرات الآلاف لم يحصلوا على تأشيرات دخول نافذة، ما سبب إرباكاً للمنفذ وزحاماً خانقاً وتدافعاً أدى إلى تحطيم الأبواب والأسيجة وحصول خسائر مادية وجرح بعض أفراد حرس الحدود وانفلات الوضع في المنفذ.
حشود متعمدة وتابعت الوزارة أن تدفق الحشود بالطريقة غير المنضبطة كان متعمداً للضغط على مسؤولي المنفذ لفتح الحدود بشكل غير قانوني، وبحجة عدم سيطرة الجانب الإيراني على الداخلين من الحدود الإيرانية، وكان الاتفاق ينص على أن يقوم الجانب الإيراني بمنع الأفراد غير الحاصلين على تأشيرات من الاقتراب من المنفذ الحدودي. العراق يفتخر! وختمت الداخلية العراقية بيانها بالقول إن العراق يفتخر بأن شعبه المضياف حريص على تمكين جميع المسلمين من أداء طقوسهم وشعائرهم وقد وضع كل إمكاناته في خدمة ذلك لكنه يدعو جيرانه إلى مراعاة أوضاعه الأمنية والسياسية.
سرقة النفط ولم يكن حادث الاجتياح الإيراني للحدود العراقية إلا حلقة بسيطة من حلقات التغول الإيراني في العراق حيث تشارك إيرانالعراق في نفطه ومائه، فبعد خمسة أعوام على انسحاب القوات الإيرانية من حقل الفكة النفطي بمحافظة ميسان العراقية (365 كم جنوب العاصمة بغداد) الذي احتلته عام 2009 عادت شركات إيرانية مؤخراً لسرقة النفط العراقي من الحقل القريب من الحدود بين البلدين، بحسب تصريح مسؤول عراقي بالحقل لصحيفة "العربي الجديد".
وأكد المسؤول -رفض ذكر اسمه- أن فريق مهندسين وخبراء نفطيين تابعين لشركات نفط إيرانية باشر عمله بالتنقيب والبحث عن المواقع الغنية بالنفط بحقل الفكة بموافقة من الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي، منذ أكثر من عام ولم يخرجوا منه حتى الآن.
الحكومة تعْلم! وأوضح المسؤول أن الحكومة الحالية تعلم بالوجود الإيراني داخل الحقل وتجاهلت طلبات مسؤولين محليين بضرورة إخلائه، مؤكداً أن الأشهر الثلاثة الماضية شهدت مد أنابيب نفطية تحت الأرض لنقل كميات كبيرة من النفط العراقي الخام إلى الأراضي الإيرانية.
عمليات نقل وأبدى مسؤول في وزارة النفط العراقية استغرابه من عدم إدراج حقل الفكة النفطي ضمن جولة التراخيص النفطية الجديدة للاستثمار، رغم شمول حقول نفطية أقل أهمية، مرجحاً صحة المعلومات التي تشير إلى وجود عمليات نقل للنفط العراقي إلى إيران بشكل غير قانوني.
تجاهل السطو وانتقد الخبير النفطي العراقي عصام كبة، تجاهل الحكومة العراقية الحالية لعمليات السرقة العلنية للنفط العراقي، وعدم اتخاذها أي إجراء لتلافي أخطاء الحكومات السابقة، مبيناً أن السطو الإيراني على الحقول العراقية يكلف البلاد خسائر بمليارات الدولارات.
النهب والرواتب وأضاف: "كان الأجدر بالحكومة أن توقف نهب الثروة العراقية قبل أن تقلل رواتب الموظفين"، مبيناً أن اللجان المختصة بإنتاج وتصدير النفط قدمت تقارير متكررة حول سرقة إيران للنفط العراقي، لكن هذه التقارير لم تلق أي اهتمام من الحكومة. وتساءل كبة: "ماذا يعني وجود عشرات الآليات والمعدات إيرانية ومئات العمال الإيرانيين في عدد من حقول النفط جنوبالعراق"، موضحاً أن الحكومة أثبتت فشلها في حماية ثروات البلاد التي تنهب في وضح النهار.
أحواز جديدة وكان مسشار الرئيس الإيراني حسن روحاني وقائد الاستخبارات الإيرانية السابق علي يونسي، قد صرحا في وقت سابق : "إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"؛ ذلك في إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها.
نقاتل أو نتحد! ونقلت وكالة أنباء "إيسنا" للطلبة الإيرانيين عن "يونسي" تصريحاته خلال منتدى الهوية الإيرانيةبطهران: "جغرافية إيرانوالعراق غير قابلة للتجزئة وثقافتنا غير قابلة للتفكيك؛ لذا إما أن نقاتل معاً أو نتحد"؛ في إشارة إلى التواجد العسكري الإيراني المكثف في العراق خلال الآونة الأخيرة.
شرق أوسط إيرانية! وهاجم "يونسي" كل معارضي النفوذ الإيراني في المنطقة، معتبراً أن "كل منطقة شرق الأوسط إيرانية"، قائلاً: "سندافع عن كل شعوب المنطقة؛ لأننا نعتبرهم جزءاً من إيران، وسنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والإلحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية"، على حد تعبيره.
السؤال المر والآن وبعد هذا الاجتياج الإيراني للحدود العراقية وسرقتها للنفط العراقي وتغولها في مفاصل العراق.. هل تتحول العراق الدولة العربية الكبيرة إلى أحواز عربية أخرى تقبع تحت الاحتلال الإيراني؟!