فايز الزيادي): رصدت عدسات الصحفيين مقعد الجمهورية العربية السورية الذي ظهر خالياً اليوم في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب في الرياض، وهو الأمر الذي يثير التساؤل حول من سيمثل سوريا في قمة الدول العربية ودول جنوبأمريكا المنعقدة غداً. ويواصل مقعد الجمهورية العربية السورية خلوّه من ممثليه في الاجتماعات العربية والقمم المنعقدة منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 وارتكاب نظام الأسد مجازر ضد شعبه.
ويعد تمثيل سوريا في القمم والاجتماعات العربية والدولية منذ الأزمة واحداً من الملفات السياسية التي حملت اختلافاً بين عدد من الدول؛ وذلك لما يترتب عليها من رسائل سياسية؛ إذ تقف المملكة العربية السعودية ودول خليجية وعربية مع تمثيل الائتلاف السوري لدولة سوريا خلال الاجتماعات الدولية، وهو ما بدا واضحاً وبشكل حاسم خلال كلمة الملك سلمان في القمة العربية في الكويت 2014. ومنذ قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية في نوفمبر 2011، بدأ منع تمثيل سوريا في المحافل الدولية، وظهر ذلك في القمة العربية عام 2012 في بغداد؛ إذ غاب جميع أطراف النزاع في سوريا رغم وجود مقعد للوفد السوري ورفع العلم إلى جوار أعلام الدول الأخرى.
وفي مارس 2013 أصدرت جامعة الدول العربية في ختام اجتماعها الوزاري قراراً يجيز لأعضائها الحق في تقديم الدعم العسكري للجيش السوري الحر، كما دعت الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة إلى تشكيل "هيئة تنفيذية" لشغل مقعد دمشق في الجامعة العربية ومنظماتها ومجالسها، وهو القرار الذي صدر بعد اجتماع ساخن شهد سجالاً بين وزراء خارجية: لبنان، وقطر، والعراق، ومصر، حول مقعد سوريا.
وفوراً أصدر نظام الأسد بياناً هاجم فيه قرار الجامعة العربية لما وصفه ب"الانحياز لصالح جهات عربية وإقليمية ودولية تستحضر التدخل العسكري الخارجي في الأزمة"، واتهم البيان الجامعة بأنها: "باتت رهينة الموقف السياسي المنحاز لدولٍ خليجية بعينها "السعودية، وقطر"، وبالتالي لا يمكن أن تكون طرفاً يسهم في الوصول إلى حل سياسي حقيقي للأزمة في سورية".
وفي نهاية شهر مارس وخلال القمة العربية المنعقدة في الدوحة؛ تم منح مقعد دمشق للمعارضة رسمياً، وترأس الوفد السوري الرئيس السابق للائتلاف "أحمد الخطيب"، وجلس في مقعد رئيس وفد الجمهورية العربية السورية، فيما رفع علم الاستقلال الذي تعتمده المعارضة بدلاً من العلم السوري؛ وهو الأمر الذي مثل اعترافاً من الجامعة العربية بالائتلاف ممثلاً للشعب السوري وسط اعتراض كل من الجزائرولبنان والعراق.
وفي القمة العربية عام 2014 في الكويت وبشكل مفاجئ، ظهر مقعد سوريا خالياً مجدداً من ممثليه، رغم الاعتراف بالائتلاف السوري، وهو ما مثل خيبة أمل للثوار السوريين، ويومها صرح "الملك سلمان بن عبدالعزيز" حفظه الله- ولي العهد آنذاك- خلال كلمته في القمة، وقال: "إننا نستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف يحتل مكانه الطبيعي في مقعد سوريا، وخاصة أنه منح هذا الحق في قمة الدوحة"، وحينها اعترف وزير الخارجية العراقي السابق بأن خلافاً حدث بين الدول العربية حول مقعد سوريا.
وقبل القمة العربية السابقة التي عقدت في شرم الشيخ؛ كشف رئيس اللجنة القانونية بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية "هيثم المالح"؛ أن هناك دولاً عربية هددت بالانسحاب من الجامعة العربية إذا تم منح المقعد للائتلاف الوطني السوري، وبالفعل واصل مقعد سوريا خلوه خلال القمة.
وبوجود هذه المعطيات والانقسامات العربية الحادة حول الموقف من الأزمة السورية الذي تمثل في تباين الآراء حول مقعد سوريا؛ لا تزال هناك حاجة ملحَّة لموقف عربي موحد يدعم الحل العاجل لسوريا سياسياً أو عسكرياً.