ظل خالد عبدالله -لفترة طويلة- يتباهى بأن العديد من أصدقائه على صفحته في موقع "فيسبوك"، من أصحاب المبادئ والقيم والمثل العليا. ويعلن على الملأ أنه يعتز بهؤلاء الأصدقاء، ويؤكد استفادته من كتاباتهم وتعليقاتهم على مجريات الأحداث محل الاهتمام في الموقع الاجتماعي الشهير. وبعد 5 أعوام من التباهي والافتخار، جمعت المصادفة بين خالد وبعض هؤلاء الأصدقاء للمرة الأولى، بعدها شعر أنه أمام أناس آخرين تماماً، رسموا لأنفسهم صورة نموذجية في مواقع التواصل الاجتماعي؛ فيما الحقيقة أنهم بعيدون عن أي مثالية يتشدقون بها أو يدّعونها في الموقع. ويدعو نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، زملاءهم إلى التمهل والتريث في الحُكم المبكر على الشخصيات المعروفة أو العامة في تلك المواقع، من خلال كتاباتهم أو تعليقاتهم؛ مشيرين إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي غالباً ما تكون خادعة لكل مَن ليس لديه خبرة كافية تُمَكّنه من معرفة حقيقة الشخصيات والوصول إلى الأشياء الخفية عنه بأي طريقة كانت.
ويرى الناشط الاجتماعي عثمان عبدالرحمن أن حجم الخداع في مواقع التواصل الاجتماعي لا حدود له؛ مشيراً إلى أن شخصية الإنسان عندما يكتب ويعلق على الموضوعات، مختلفة تماماً عن شخصيته وهو يتعامل وجهاً لوجه؛ مشيراً إلى أن الإنسان أثناء الكتابة يتمهل كثيراً فيما يكتب، وينتقي عباراته وألفاظه؛ الأمر الذي يساعده على الظهور بشخصية مغايرة لشخصيته الحقيقية.
الحقيقة الحاقدة وشعر عمر العبندي بالحسرة والخيبة عندما اكتشف حقيقة ناشط في "تويتر"، ظل يتشدق بالصراحة والشفافية وحب الخير للآخرين، من خلال كتاباته وتعليقاته على موضوعات مطروحة في الموقع. وقال: "لم أشك لحظة واحدة في أن ما ينادي به هذا الناشط من مُثُل وقيم، هي نبراسه وأسلوب معاملته في الحياة؛ ولكن بمجرد أن اصطدم هذا الناشط مع ناشط آخر، حطم -دون أن يدري- الصورة الجميلة التي رسمها لنفسه أمام بقية نشطاء الموقع، وأخذ يهذي بعبارات وكلمات كشفت عن حقيقته الحاقدة والناقمة على كل إنسان ناجح".
وأضاف "العبندي": "الخداع في مواقع التواصل الاجتماعي سهل جداً؛ ولكن أعتقد أن استمرار هذا الخداع صعب". وقال: "من السهل التحلي بالخلاق القويمة والتباهي أمام الآخرين بالمُثُل العليا، عبر اختيار الكلمات والعناوين الرنانة، وانتقاء العبارات القوية والجاذبة؛ ولكن إذا لم يكن الإنسام يتمتع بما يتباهى به؛ فلن يستطيع الاستمرار في خداع الناس طويلاً، وسينكشف أمره في أي موقف يتعرض له في الموقع".
روحانيات رمضان ويتذكر "أسامة" الكثير من المواقف التي حدثت له في "توتير"، ويقول: "في شهر رمضان الماضي، تلوّن العديد من نشطاء الموقع تماشياً مع روحانيات الشهر الكريم، وتحدّثوا كثيراً عن أهمية الأخلاق والإيمان بالله، ودعوا بقية نشطاء الموقع إلى التبرع للفقراء والمساكين في حسابات بنكية معينة، أعلنوها في الموقع، وقد تجاوب معهم الكثير من الأصدقاء، وتَبَرّعوا بما تجود به أنفسهم، وبعد أكثر من شهر، فضح هؤلاء النشطاء أنفسهم بأنفسهم، بعدما اختلفوا فيما بينهم؛ ليكشف أحدهم أن الأموال التي جُمعت، لم تذهب إلى الفقراء؛ وإنما تم السطو عليها من قِبَلهم دون وجه حق.
12 نمطاً وكشفت دراسة بريطانية وجود 12 نمطاً مختلفاً لشخصيات الناس في المواقع الاجتماعية، وأوضحت الدراسة التي أجرتها جامعة "وينشستر" البريطانية، أنه يمكن تمييز 12 نمطاً من الشخصيات بين مستخدمي المواقع الاجتماعية، وفي بعض الأحيان يجمع الشخص الواحد بين أكثر من نمط؛ استناداً إلى حجم نشاطه ومدى انتظامه ونوعية المحتوى الذي يُقَدّمه عبر تلك المواقع؛ مبينة أنه تم تمييز هذه الشخصيات بحسب السلوكيات والطباع، التي يتصف بها الشخص أثناء تواجده على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي قد تختلف عن حقيقته.
وبحسب الدراسة؛ فإن الشخص قد يتصرف في "فيسبوك" بشكل يختلف عما يفعله في "تويتر"؛ مشيرة إلى أن الهواتف الذكية سهّلت -للغاية- الوصول لمنصات الإعلام الاجتماعي، وبالتالي يُمضي الكثيرون وقتاً أطول في الدردشة مع أصدقائهم في الفضاء الإلكتروني، أكثر من الهاتف أو وجهاً لوجه؛ مما يغير شكل علاقاتهم مع الآخرين، ويغير أيضاً من شخصياتهم، التي قد تتغير بنسبة 180 درجة عن شكلها الحقيقي. واستندت الدراسة إلى نتائج تجربة لمدة شهر اضطر فيها المشاركون إلى تغيير عاداتهم في المواقع الاجتماعية، بالإضافة إلى مسح اتجاهات وسلوكيات الناس في المواقع الاجتماعية على مستوى بريطانيا. وتنوّعت أنماط الشخصيات بين المستخدمين المخلصين والمتصفحين والباحثين عن الشهرة.
الطواويس ومن بين هذه الأنماط، فئة يُطلق عليها اسم "الطواويس"، ويمكن تمييز هذا النمط من الشخصيات بسهولة في "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستقرام". وينظر أصحابها إلى الشبكات الاجتماعية كساحة لبيان مدى شعبيتهم ومكانتهم الاجتماعية التي تستند إلى عدد المعجبين أو المتابعين، ويتحول العدد إلى وسيلة للتنافس مع الآخرين، ويصبح الهدف من كل رسالة أو تغريدة جديدة جني المزيد من علامات الإعجاب وإعادة نشر التغريدة "ريتويت"، الذي قد يفرض على هؤلاء شخصيات وَصَفَاتٍ معينة، لا تعبّر بالضرورة عن شخصياتهم الحقيقية التي يتعاملون بها مع الأشخاص وجها لوجه.
ومن هؤلاء أيضاً نمط يطلق عليه "المتشدقون"، أو أصحاب النبرة العالية، وقد يتصرف أصحاب هذا النوع من الشخصيات بلطف خلال المحادثات المباشرة؛ إلا أن الوضع يختلف عند تواجدهم في الإنترنت؛ إذ تتيح لهم وسائل الإعلام الاجتماعية التعبير عن آرائهم دون قلق إزاء ردود أفعال الآخرين، وبالتالي يبالغون في التمسك بآرائهم، ولا يرتبط هذا النوع بالشبكات الاجتماعية تحديداً؛ إذ ربما يكونون من المدوّنين السابقين، إلا أن "تويتر" أتاح لهم الوصول إلى مزيد من الناس.
قروبات "الواتساب" وكشفت قروبات "الواتساب" أخلاق الكثير من "المثاليين" الذين يرتدون ثوب الوسطية في الطرح والرأي، وحين يحدث خلاف بسيط مع شخص آخر في نفس القروب وعلى مرأى من الجميع، يرعد ويزبد هذا المثاليّ ليجد نفسه في "الحزب اليساري"، وربما يطلق أقسى عبارات الشتم والإقصاء ثم يخرج من المجموعة.
حياة الترف في "السناب شات" يقول الناشط الزميل مروان المريسي: إن برنامج "السناب شات" يروي حكايات مخملية، وحياة الترف للشباب والشابات، وإن هناك مفهوماً شائعاً ومغلوطاً كرسه البرنامج، وهو الصورة النمطية لدى المتلقي من خلال متابعته اليومية للمرسل، فأصبح يعرف كل تفاصيل حياته.. وهذا المفهوم جعل المتلقين يرسمون صورة محددة عن المرسل أنه لا يعاني من "أية مشاكل"؛ مشيراً إلى أن اليوميات التي يبثها نجوم "السناب شات" لا تتعدى 2% من يومه، وانتقاها بعناية.
وأضاف "المريسي": في "سناب شات" لو شاهدتَ "ستوري" طولها 1000 ثانية؛ فهذه فقط 17 دقيقة من 960 دقيقة من يوم المرسل، وهذه الحسبة طبعاً دون احتساب 8 ساعات للنوم، وهو متوسط النوم اليومي للشخص الطبيعي، وتلك ال 1000 ثانية هي نسبة ضئيلة تمثّل أقل من 2%؛ بمعنى أنك تتابع أقل من يومين فقط من كل 100 يوم يعيشها المرسل، وبالتالي تذكّر أنك تتلقى فقط 2% أو أقل من حياة نجوم "السناب شات" غير الواقعية.