حذّر باحث مختص في الخلايا الجذعية، من الانسياق خلف التكهنات لبعض الممارسين في زراعة الخلايا الجذعية من نخاع العظم، والتي أوهمت مرضى السكر بإمكانية إعادة إفراز الأنسولين؛ نتيجة لعدم وجود أي مستند علمي أو دراسة علمية؛ مما يؤكد عدم فاعليتها للمصابين بداء السكري. وقال البرفسور ماتياس هبروك، أحد الباحثين في الخلايا الجذعية وتطبيقاتها في مركز جامعة كاليفورنيا لأبحاث السكري خلال فعاليات الملتقى الرابع لمراكز ووحدات السكر بوزارة الصحة مؤخراً: كَثُرَ في الآونة الأخيرة الحديث عن موضوع شائك وهامّ لمرضى السكر، وهو زراعة الخلايا الجذعية، وقدرتها على علاج داء السكري من جذوره؛ حتى لا يحتاج المصاب معها لتعاطي أدوية السكر المختلفة الفموية أو الأنسولين؛ خاصة بعد إعلان العلماء في جامعة هارفارد بالولاياتالمتحدةالأمريكية نجاحهم في إنتاج خلايا "بيتا" المفرزة للأنسولين في المعمل، وتجربتها في الحيوانات، وأن الوقت قد اقترب جداً من إنتاجها وتجربتها على الإنسان، وهذا -بلا شك- تقدّم علميّ؛ ولكن نظراً لتزايد الناس في الحديث عن هذا الموضوع وخروج بعض التصريحات التي تفتقد للموضوعية والدقة واعتمادها الأسلوب العاطفي لتجذب انتباه الناس إلى هذا الموضوع الحيوي؛ مما قد يؤدي إلى إعطاء أمل كاذب لهؤلاء المصابين.
وأضاف الباحث أن الوقت مبكر للحديث عن خلايا مفرزة للأنسولين بشكل طبيعي مثل الخلايا الطبيعية؛ ولكننا اقتربا كثيراً من هذه العملية؛ حيث نجحنا -ضمن فريق العلماء الآخرين- في إنتاج كميات كبيرة من خلايا "بيتا" من الخلايا الجذعية مشابهة للخلايا الطبيعية، من حيث الشكل والمكونات؛ ولكن لا يوجد لدينا أي دليل على أنها تعمل بنفس الصورة التي تعمل بها الخلايا الطبيعية، ونحن بحاجة إلى وقت حتى نتأكد من ذلك، وقد نستغرق سنوات؛ خاصة أن مدة البحث قد استغرقت نحو الثلاثين عام.
واستطرد: "بالبحث يتضح أن هناك دعايات متفرقة في العالم تعتمد هذه العملية، وننصح بعدم الانجراف وراءها؛ حيث إنها لا تزال تجارب لم ترقَ بعدُ إلى درجة علاج الإنسان؛ حيث إن داء السكري هو داء عضال، وحينما يظهر أي علاج في أي جزء من العالم قد تجرفنا العاطفة دون أن يكون هناك دليل علمي على صحة ما يُقال أو يُتداول، ونحن كلنا إيمان أنه لا بد من وجود علاج جذري للسكري.
من جهته، كشف مدير إدارة مراكز ووحدات السكر بالإدارة العامة للمستشفيات بوزارة الصحة، خلال الملتقى الرابع لمراكز ووحدات السكر بوزارة الصحة بجدة، الأسبوع الماضي، أن وزارة الصحة أنفقت 375 مليون ريال لتوزيع 800 ألف جهاز قياس السكر للمرضى المسجلين حتى الآن لدى مراكز السكر والرعاية الأولية بالمملكة، وقامت وزارة الصحة -من خلال حملة "صحصح له"- بتوفير ملحقات جهاز الفحص المنزلي من أشرطة الفحص والإبر، مع إمكانية مراجعة المرضى كل ثلاثة أشهر بانتظام لتجديد صرف هذه الملحقات؛ من خلال توسعه الوزارة؛ بالتوزيع في كل المراكز الطبية، إضافة إلى 21 مركزاً متخصصاً في المملكة.
وبيّن "الحربي" أن الملتقى قد ناقش أهم المواضيع حول زراعة الخلايا الجذعية؛ حيث تحدث فيه أحد الباحثين في هذا المجال من الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ فالجميع يعي أن السكر ينقسم إلى عدة أقسام؛ أهمها: النوع الأول الذي يكون نتيجة تحطم خلايا البنكرياس، والتي تسمى خلايا "بيتا"، وهي المسؤولة عن تصنيع وإفراز الأنسولين الذي بدوره يتحكم في مستوى السكر في الدم، وهذا الخلل يكون نتيجة خلل جيني يصيب الأطفال من سن الستة أشهر فأكثر، وقد يصيب البالغين في مرحلة الشباب المبكر، ويقتصر علاجه الوحيد والحصري على هرمون الأنسولين الذي يتم تعاطيه من الخارج بأي طريقة من الطرق المتاحة، والنوع الثاني الذي يحدث نتيجة عجز خلايا "بيتا" المفرزة للأنسولين عن إفراز الكمية الكافية للتحكم في مستوى السكر في الدم، ويعتبر العلاج بالخلايا الجذعية هو علاجاً جذرياً للسكر من الناحية النظرية، إذا كانت خلايا "بيتا" المعدّلة "جينياً" من الخلايا الجذعية لديها تلك القدرة.
وزاد: "في حقيقة الأمر فإن ما تم الإعلان عنه 2014 م من جامعة هارفرد، أوضح أن هذا الاكتشاف يُعَدّ الخطوة الأولى في علاج السكري علاجاً جذرياً؛ حيث تَمَكّن الباحثون من إنتاج هذه الخلايا بكميات كبيرة يسهل معها زراعتها في المصابين بشكل بسيط، وقالوا ما نصه: إن محاولة زراعة هذه الخلايا في الإنسان هو في طريقه للتجربة خلال السنوات القليلة القادمة؛ أي أنهم نجحوا في المرحلة الأولى، وهي إنتاج خلايا "البيتا"؛ حيث لم يتم التأكد بشكل دقيق أن هذه الخلايا ستعمل بطريقة سليمة حتى تجرّبها بطرق عديدة، وهذه الخلايا المنتجة هي الآن في طور التجربة على بعض الحيوانات.