يرقد الطفل تركي عبدالرحمن السلمي ذو الخمسة أعوام على فراش المرض منذ ولادته؛ حيث يعاني من مرض نادر تسبب في إصابته بهشاشة غريبة في العظام أدّت إلى إصابته ب 19 كسراً في أطرافه الغضة بينها 3 بالجمجمة، وأدت صدمته النفسية لتأخر النطق. لم يستمتع "تركي" باللعب مع أقرانه منذ أن بدأ يتعلم خطواته الأولى، يكتفي بمتابعة الأطفال وهم يلهون بجواره، ويرمقهم كل فترة وأخرى بنظرات حزينة، ويعود ليتلمس بيده الجبيرة الطبية التي لم تفارق عظامه منذ أن دب المرض الغريب في عظامه عندما انطلقت محاولاته الأولى للمشي.
يحكي والده "عبدالرحمن" ما حدث لطفله قائلاً: "يعاني تركي من هزال شديد وضعف في جسده منذ أن أصابه المرض، ووزنه حتى الآن لم يزد على 11 كيلو، وهو وزن منخفض جداً في هذا السن".
ويضيف والده الأربعيني بصوت يمتلئ حزناً على فلذة كبده: "تعرض تركي لمرض نادر يؤدي إلى تكسر شديد في العظام ويسمى هذا المرض Osteogenesis imperfecta، وتسبب في تعرضه ل 19 كسراً منذ أن بدأ المشي وحتى الآن، هذه الكسور متفرقة الأماكن في الساقين والفخذين واليد اليمنى والرأس، وتعرض في جمجمته لثلاثة كسور أحدها استوجب تدخلاً جراحياً؛ بسبب المضاعفات التي أدت لإصابته بنزيف في المخ.
ويصف "السلمي" حالة طفله النفسية قائلاً: "كلما شُفي من كسر ونهض ليلعب برفقة أقرانه يتعرض لكسر آخر مع أي احتكاك أو سقوط ضعيف، وكثرة هذه الكسور وبقاؤه في الجبس لمدة طويلة أدت إلى إصابته بصدمة نفسية شديدة، وسببت له تأخراً في النطق". ويضيف: "منذ أول كسر تعرض له تركي وهو يراجع المستشفى العسكري في تبوك، مقر إقامتنا، وبعد أن زادت حالته سوءاً، رفعت طلباً لعلاجه، وصدرت الموافقة من الديوان الملكي بعلاجه في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ولكن مع الأسف فوجئنا بالرفض قبل التشخيص من قبلهم مما زاد المعاناة، فطلبنا تحويله لمستشفى الأمير سلمان العسكري بالرياض، وهناك بدأ علاجه وتم إعطاؤه علاج Zoledronic acid لمدة عام، وعلى الرغم من ذلك لم يأتِ العلاج بنتيجة، وتعرض بعدها لعدة كسور، فطلبنا تحويله لمستشفى الملك فهد العسكري في جدة وما زال يراجع فيه إلى الآن".
ويواصل: "منذ شهرين تعرض تركي لكسر في فخذه الأيسر ولم يجبر عظمه حتى الآن، ثم تعرّض لكسر آخر في فخذه الأيمن، وتم وضع الجبيرة على قدميه لعلها تساعد في جبر عظامه، وجبر كسرنا في طفلنا الصغير".
ورغم المعاناة التي تحيط بعائلة "تركي" جراء حالته الصحية السيئة، فإن والده لم ينسَ الإشارة لجوانب مضيئة خلال مسيرة طفله في المستشفيات، فيقول: "هناك عدد من الأطباء الذين تعاملوا بإنسانية مع الحالة، ولعلني أتذكر استشاري الجينات في مستشفى الملك فهد العسكري بجدة الدكتور علي القاضي، والذي ما فتئ يسأل عن حالة طفلنا ويستفسر عن كسوره من فترة لأخرى، بل ويساعدنا في حجز مواعيده، ولا يبخل علينا باستشاراته الطبية، وهو ما يمثل نموذجاً إنسانياً يستحقّ الثناء".
وعن احتمالية علاج "تركي" قال: "سمعنا عن بعض الأطباء المتخصصين في بريطانيا من الممكن أن يجدوا حلاً علاجياً لحالته النادرة، وأنتظر تدخّل خادم الحرمين الشريفين وفاعلي الخير ليتبنوا حالته التي لم نجد لها علاجاً ممكناً في مستشفيات المملكة".