أبرزت دِراسة دكتوراه تجربة الأميرِ سلطان بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في العملِ المؤسسي الخيري والدعوي والإغاثي، والتي تعدّ من أعمقِ التجاربِ وأثراها في الجانبِ الدعوي والإغاثِي، داعية للاستفادة من نجاحاتِها التي تحققت لتكونَ نتائج هذه الدراسةِ دليلاً مهِماً يَرجِع إليه العاملون في مجالاتِ الدعوةِ والعملِ الإغاثِي والخيرِي. وأشادت الدراسة بتميّز جهودِ الأميرِ سلطانَ بن عبدالعزيز -رحمه الله- الدعويةِ بالتخطيطِ السليمِ المبني على أسسٍ علميةٍ تطويرية، ولعدم وجودِ رسالةٍ علميةٍ أكاديميةٍ تعرض للجانبِ الدَّعوي في جهودِه، وترصد التحولَ الكبيرَ في العملِ الخيري والدعوي المتكاملِ الذي تبنَّاه وأثمرَ نجاحاتٍ كبيرةً.
واندفع الباحث "فهد بن منصور الدوسري" طالب الدكتوراه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، لاختيارِ هذا الموضوع الذي كان منصباً على جهود الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- في العمل الخيري والدعوي، وأوضحت رسالته العلمية تعدد وتنوع جهوده في مجالات مختلفة، ومنها الدعوة إلى الله تعالى؛ مما كانَ له الأثر الكبير على مسارِ الدعوةِ الإسلاميةِ في انتشارِها وتوسّعِها داخلَ المملكةِ وخارجَها، من خلالِ عملٍ مؤسسيٍ منظَّم، ومن خلالِ استخدامِ الوسائلِ والأساليبِ المناسبة، والإفادةِ من التقنيةِ الحديثةِ والتطورِ الهائلِ في الاتصالات.
وبينت الدراسة أن استمرار اهتمام الأمير سلطان -رحمه الله- طِوال عمرِهِ بأمرِ الدعوةِ إلى اللهِ؛ لإيمانه بأنّ السعوديةَ هي المنطلق الحقيقي لنشرِ الإسلامِ وخدمةِ المسلمين، فأنفقَ أموالاً كثيرةً، وبذل جهوداً كبيرةً، وموَّل حملاتٍ دعويةٍ متعددةً، كلّ ذلك كان داخلَ منظومَةِ عملٍ مؤسسِيٍ ضخمٍ، تشرف عليه جِهاتٌ متخصِّصةٌ تنظيماً لأعمالها وضماناً لاستمرارها، وهذه الجهودَ الكثيرةَ والمتنوعةَ.
وَأكدت الدِّرَاسَة أنَّ منهجَ الأميرِ سلطانَ رحمه الله في الدعوةِ كان موافقاً لما كان عليه سلف الأمةِ، وكان لإيمانِه بأهميةِ العمل المؤسسي الدور الأكبر في نجاحِ جهودِهِ نجاحاً كبيراً، كما أن إيمانه بدورِ المملكةِ الكبيرِ في جانب الدعوةِ إلى الإسلامِ، وخدمةِ المسلمين ظهرَ واضحاً في تعدّدِ وتنوعِ جهودِهِ، كما أن نجاحه في التأثيرِ في النّاسِ وكسبِ قلوبهم من خلالِ قربِه منهم، وحملِه لهمومِهِم، وبذلِه غيرِ المحدودِ، كان له أكبر الأثرِ في دعوة الناسِ إلى الإسلامِ، وإعجابِهم بتعاليمِه السمحةِ.
وأشارت الوزارة إلى تأثر المدعوِّين في كثيرٍ من البلدانِ بالدعاةِ المرافقين للقوافلِ الدعويِّة التي أمرَ بها سلطانَ بن عبد العزيز رحمه الله، وهذا ثمرةٌ من ثِمارِ اهتمامِه الكبيرِ -رحمه الله- بتدريبِ الدعاةِ وتأهيلِهم.
وأوصت الرسالة بأن تولِي بعض كلِّياتِ الجامعاتِ السعوديةِ اهتمامَها للبحثِ في موضوعِ ثباتِ المنهج الدَّعوي لقادةِ الدولةِ السعوديةِ منذ تأسيسِها إلى وقتِنا الحاضرِ، وفي تأكيدِهم جميعا على التمسّكِ بالكتاب والسنةَ وأنَّها المقدَمة على غيرِها، وعدمِ تأثرِهم بالتحولاتِ الكبيرةِ والضخمةِ التي مرَّ بها العالم، وإجراء دراساتٍ خاصةٍ تعنى بتحليلِ خطَبِ وكلماتِ الأميرِ سلطانَ بن عبد العزيز رحمه الله، للتعرّف على الجوانبِ الدعويةِ التي حوتها تلك الكلمات والخطابات، ودِراسة تجربة الأميرِ سلطانَ رحمه الله في العملِ المؤسسي التي تعدّ من أعمقِ التجاربِ وأثراها في الجانبِ الدعوي والإغاثِي، والاستفادة من نجاحاتِها التي تحققت، وإنشاءِ مؤسسةٍ خاصةٍ تعمل على الاستفادةِ الكاملةِ من كلِّ تقدمٍ عِلميٍ أو تطورٍ تِقنِّي ومتابعةِ كلِّ جديدٍ في ذلك، وتزويدِ جميعِ مؤسساتِ الدعوةِ في العالمِ بها لنشرِ الإسلامِ وتبليغِ دينِ اللهِ في كلِّ مكان، شريطةَ ألا تتعارضَ مع ثوابتِ الشرعِ، وبثِّ ونشرِ مقاطِعَ مختارةٍ من الكِلماتِ المسجَّلةِ لدى وسائلِ الإعلامِ المسموعةِ والمرئيةِ والمقروءة، المتضمِّنةِ لكلماتِ وخطَبِ قادةِ وأمراءِ الدولةِ السعودية، والتي تظهِر مدى اعتزازِهم بالدَّعوةِ إلى الله عزَّ وجلَّ، ونشرِ العقيدةِ الصحيحةِ، وافتخارِهم بتحكيمِ الشريعةِ.
وحملت الدراسة عنوان "الجهود الدعوية للأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله" وتعد الأطروحة العلمية الأولي من نوعها، وتمت مناقشتها بكلية الدعوة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رسالة الدكتوراه، وتكونت لجنة المناقشة من كل الدكتور عبد الله بن محمد المطوع مشرفا، والدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس الرئيس مناقشا، والدكتور عبدالله بن إبراهيم اللحيدان مناقشا، وفي نهاية المناقشة منحت اللجنة الطالب درجة الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطباعة الرسالة.