لاقى صدور الأمر الملكي السعودي بقصر الفتوى في القضايا العامة على هيئة "كبار العلماء"، تأييداً واسعاً من علماء بالأزهر، أكدوا أنه خطوة فى الاتجاه الصحيح لمواجهة "فوضى الفتاوى". وقال د. محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، لصحيفة "المصري اليوم"، إن هذا القرار متفق مع ضرورة التأهيل العلمي لمن يتصدى للفتوى. وأكدً أن صدور هذا المرسوم الملكي يقضي على "فوضى الإفتاء" التى انتشرت الآن، وأصبحت تمثل ظاهرة فى الفضائيات وقنوات التلفزيون الأرضية. وأضاف: "إن قصر الفتوى على المتخصصين والعلماء أمل نحب أن يتحقق فى مصر، لكن الوضع هنا مختلف عن السعودية؛ لأن عندنا يصعب التحكم فى الإعلام، أما فى المملكة فيمكن ضبطه بسهولة". وأشار إلى أن أحد أسباب شيوع الفتوى من غير المتخصصين فى مصر هو وسائل الإعلام نفسها، وأنه يجب توجيه مثل هذا القرار فى مصر إلى وسائل الإعلام لإلزامها باستضافة العلماء المتخصصين. كما أشاد د. عبدالرحمن العدوى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، بالأمر الملكي السعودي، وقال: "الفتوى التي تحتاج إلى معرفة الدليل الشرعي من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي تعرف المقارنة بين الأدلة والترجيح بينها وتقديم بعضها على بعض وكل هذا يرجع فيها إلى المتخصصين". وأكد أن صدور المرسوم الملكي جاء ليقضي على "فوضى الفتاوى"، التي انتشرت بسبب اقتحام غير المتخصصين الفتوى وتعليقاتهم على الفتاوى من غير علم، مطالباً بإصدار مثل هذا القرار في مصر. وفي الكويت أشاد عدد من العلماء والمشايخ بالأمر الملكي السعودي ووصفوه ب"الصائب"، مؤكدين ضرورة الالتزام بشروط المؤهلين للفتوى، ولاسيما من الدول والفضائيات والإذاعات. ونقلت صحيفة "الوطن" الكويتية عن العلماء والمشايخ إشاراتهم إلى أن هذا القرار جاء في وقته ومحله؛ خشية من وقوع العامة في البلبلة والفتنة، ولاسيما بعد صدور فتاوى مختلفة تراجع عنها أصحابها فيما بعد، مثل إرضاع الكبير وتحليل الغناء وتحليل الاختلاط، وغيرها. وأبرزت الصحيفة ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية "واس" من أن القرار توعد "كل من يتجاوز هذا الترتيب بتعريض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع كائناً من كان". وأكد رجال الدين والدعاة والمشايخ أن هذا القرار تدخُّل محمود بل مطلوب لمعضلة بات إيجاد حل لها يؤرق العلماء. وقد استطلعت الصحف آراء كبار علماء الكويت، فأكد رئيس رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون وعميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية السابق د. عجيل جاسم النشمي أن هذا القرار الملكي، وعلى هذا المستوى الرفيع، إنما جاء بعد أن طفح الكيل وضاق الناس من الفتاوى الشاذة. معلناً تأييده لهذا القرار. واستدرك د. النشمي: لا بد أن يُنظر في أمر الفضائيات والتلفزيون والإذاعة. مقترحاً وضع مواصفات وشروط للمؤهلين للفتوى يُتَّفق عليها بين الدول والفضائيات والإذاعات، وهذه الشروط موجودة وصدرت بقرارات من المجامع الفقهية في المملكة العربية السعودية وفي غيرها. من جانبه أشاد الداعية الشيخ ناظم المسباح بالأمر الملكي بقوله: لقد جاء في محله وتوقيته، خاصة بعدما انتشرت في الآونة الأخيرة فتاوى مختلفة في أمتنا الإسلامية. واصفاً هذه الخطوة بالمباركة من خادم الحرمين الشريفين؛ لتقنين الفتوى وعدم ترك الأمور؛ خشية من ان يقع العامة في البلبلة والفتنة، ويُفتح الباب على مصراعيه، ويتجرأ الآخرون على الفتوى ومقامها. وشدد د. المسباح على ضرورة الاقتداء بما حدث في المملكة العربية السعودية بالالتزام بفتاوى هيئة كبار العلماء ومحاسبة من يتجاهلها ويفتي على مزاجه. وبدوره خلص عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور الشيخ أحمد حسين إلى القول: لا ريب أن قرار خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله تعالى - يُعلي شأن الشريعة ويحفظها من الغلواء والتفريط، كما يعيد إلى الفتوى الشرعية احترامها. موضحاً أن هذا القرار يُعدُّ من التدخل المحمود بل المطلوب لمشكلة بل معضلة بات إيجاد حل لها يؤرق العلماء. ولقد تسيّب أمر الفتوى؛ فأصبحت بضاعة من لا بضاعة له وسبيل من لا علم له؛ الأمر الذي أدى إلى فوضى جعلت الناس ينفرون بسببها من الالتزام بأحكام الشرع، وقصر الإفتاء في المملكة على هيئة كبار العلماء سوف يغلق الكثير من أبواب "دكاكين" المتاجرين بالدين والعلم. وأضاف حسين: إنني أشكر شخصيا خادم الحرمين الشريفين، وأثمّن عاليا هذا الموقف الشجاع، وأدعو له بالسداد والرشاد والتوفيق ليستكمل مسيرة الإصلاح وترسيخ الوسطية والتقارب والوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية بمختلف مذاهبهم، وهي مسؤولية عظمى أسال الله أن يعينه عليها، بارك الله فيه. من جهته اعتبر أستاذ كلية الشريعة والدراسات الإسلامية الدكتور عبدالمحسن زبن المطيري صدور الأمر الملكي قراراً صائباً بكل المقاييس، ووصفه بالقرار الموفق في توقيت ممتاز، خاصة في ظل الفوضى التي تعيشها الأمة في الآونة الأخيرة بسبب الفتوى والفتاوى الصادرة من غير أهلها في بعض الأحيان، التي أتت من غير العلماء الكبار؛ ما أوصلنا إلى الشذوذ في كثير منها، وخروجها عن جادة الصواب. مضيفا أن الفتوى الجماعية التي حث عليها قرار خادم الحرمين الشريفين أقرب ما يكون إلى الصواب والبُعد عن الخطأ، خاصة أن الإعلام في الآونة الأخيرة أصبح يتتبع هفوات المشايخ الصغار، لكن الفتوى الجماعية سوف تضبط الفتاوى لنقضي على هذه المشكلة. ومن جانبه قال رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د. بسام الشطي إن هذا قرار سام وحكيم يقف بشكل إيجابي مع العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وينصر الحق، ويضع حدا للفتاوى الشاذة لأشخاص دخلاء على العلم، أفرزتهم قنوات وصحف الإثارة.