أَرْشَدَ إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، المسلمين إلى ضرورة المداومة على الأعمال الصالحة والعبادات والاستمرار فيها بعد انقضاء شهر رمضان، وسؤال الله سبحانه وتعالي الثبات علي الطاعات حتى الممات. وقال "خياط": "وصْل البر بالبرّ وإتْباع الخير بالخير والحسنة بالحسنة، آية بيّنة على كمال الوعي وصحة الفهم وتمام التوفيق الذي حظي به المتقون الذين يرون في استدامة الطاعات نعيماً لا يعدله نعيم".
وأضاف، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام بمكة المكرمة: "مما يعين العبد علي مداومة الأعمال أن يعلم أن معاودة العبادة لا سيما الصيام بعد شهر رمضان علامة علي قبول الله تعالي لصوم رمضان، لأن الله إذا تقبّل من عبدٍ طاعته وفّقه لعمل صالح يعقبها، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة، الحسنة بعدها، كما أن الوقوع في السيئة بعد الحسنة يعتبر دليلاً على عدم تقبّل الله للحسنة".
وأردف: "معاودة الطاعة بعد رمضان، لاسيما الصيام، يعتبر شكراً لله تعالي علي ما امتنّ به من عظيم الثواب الذي جعله لمن صام رمضان إيماناً واحتساباً وهو غفران ما تقدّم من الذنوب".
وتابع: "معاودة الصيام وسائر الطاعات بعد انقضاء شهر رمضان هو من جملة شكر الله علي نعمة صيام رمضان، فالمؤمن يجد في صيام ستّ من شوال الذي جاء الترغيب فيه في حديث الرسول صلي الله عليه وسلم "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثمَّ أَتْبَعَه سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " أقوي باعث ووسيلة لمواصلة السير علي الطريق الذي عنوانه أن رمضان ميدان تنافس للأبرار ومدرسة للسمو الروحي والتّكمّل النفسي والإصلاح الخلقي والاجتماعي".
وقال "خياط": "حقّ لمن استدام علي الطاعة ونأي عن سلوك سبيل المعصية أن تكون أيامه كلها أعياداً كما قال الحسن البصري: "كل يوم لا تعصي الله فيه فهو عيد".
وأوضح أن وقوع الناس في الغفلة أو التغافل أدى إلى ضعف هِمَمِهم في مجال استباق الخيرات وتنافسهم لتحصيل الباقيات الصالحات وعمارتهم الأوقات بألوان القربات، مشيراً إلى أن ذلك تسبب في نسيان حقيقة أن عمل المؤمن لا ينقضي حتي ينقضي أجله مصداقاً لقوله تعالى "وَاعْبدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين"، وحقيقة أن هذه الشهور والأعوام مقادير للآجال ومواقيت للأعمال.
وقال: "لقد ذمّ السلف من قصر العبادة على رمضان فقال بعضهم: "بئس القوم قوم لا يعرفون الله حقاً إلا في شهر رمضان، كما أن النبي صلي الله عليه وسلم كان كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها: "كان عمله دِيمة" وهو المطر الدائم في سكون لا يصحبه رعد ولا برق وهو تعبير علي المداومة علي الأعمال مع القصد والرفق فيها".
واختتم الشيخ "خياط" بقوله: "أحب الأعمال إلى الله ورسوله صلي الله عليه وسلم أدْومها وإن كان قليلاً كما جاء في الحديث "أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمهَا وَإِنْ قَلَّ".