وجّه الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، كلمة ورسالة لجموع المسلمين في أقطاب المعمورة، وضح من خلالها الأسباب الضرورية والشرعية والمصلحة العامة المرعية لتخفيض أعداد الحجاج والمعتمرين بشكل مؤقت واستثنائي، حتي الانتهاء من توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخية، ومشروعه الرائد في رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف الذي يهدف إلى التيسير على الحجاج والمعتمرين. وجاء في كلمته: الحمد لله الذي جعل بيته الحرام مثابةً للناس وأمنا والصلاة والسلام على من أرسله الله للبشرية رحمةً ومنَّاً وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه نشروا دين الله حكمةً وعلماً.
أما بعد: فإنه انطلاقا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف ومقاصد شريعتنا الغراء وقواعدها المثلى في السماحة واليسر ورفع الحرج ورعاية المصالح ودرء المفاسد وتحقيق أمن المكلفين وسلامتهم وإزالة الضرر والعنت والمشقة عنهم وتوفير سبل الراحة والطمأنينة لهم وتحقيقا لما أراد الله عز وجل لبيته الحرام من كونه واحة أمن وأمان ودوحة روحانيه وسلام ونظرا لما يشهده المسجد الحرام في هذه الأيام من مشروعات جبارة وتوسعات تاريخيه طموحه بفضل الله ومنه ثم بما يوليه ولاة الأمر حفظهم الله من اهتمام وعناية وجهود ورعاية جعلها الله في موازين أعمالهم الصالحة.
وأضاف: ويأتي في عقد جيد هذه المشروعات العملاقة وتاج فخارها توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدا لله بن عبدالعزيز التاريخية ومشروعه الرائد في رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف الذي يهدف إلى التيسير على الحجاج والمعتمرين في أداء شعيرة الطواف والذي سيحدث بعد انتهائه قفزه مهمة ونقله نوعيه في مستوى منظومة الخدمات التي تقدمها الدولة وفقها الله للمسجد الحرام وقاصديه الكرام.
وتابع: وبناء على أن العمل في هذا المشروع العملاق ما زال جاريا على قدم وساق ما ترتب عليه ضيق مساحة المطاف وازدحام وتكدس الطائفيين الأمر الذي قد يسبب ضررا على أمنهم وسلامتهم وخطراً على راحتهم وصحتهم لاسيما وقد تفرع عن هذا المشروع مشروع آخر مهم وهو الجسر المعد لذوي الاحتياجات الخاصة والذي سيأخذ حيزا كبيرا من المطاف وسيؤثر ضرورة في تقليص عدد الطائفيين وقد كان المطاف قبل المشروع يتسع لقرابة 48 الف طائف في الساعة وفي أثناء المشروع إلى 22 الف طائف في الساعة وبعد نهاية المشروع بحول الله سيستوعب مئة وخمسة آلاف طائف في الساعة ولذلك فإن الضرورة الشرعية والمصلحة العامة المرعية تقتضي تخفيض نسبة أعداد الحجاج والمعتمرين بشكل مؤقت واستثنائي حتى يتم الانتهاء من هذه المشروع العظيم وهو أمر لا بد من اتخاذه واللجوء إليه خلال فترة تنفيذ هذا المشروع المبارك.
وأوضح: ومراعاة لشدة الزحام خلال هذه الفترة المؤقتة حيث يشهد المسجد الحرام ورشة عمل كبرى هذه الأيام في التوسعة والخدمات ومن هنا فإن الدعوة قائمة لإخواننا المسلمين إلى عدم تكرار الحج والعمرة خاصة في هذه الفترة وإفساح المجال لإخوانهم الذين لم تتح لهم فرصة أداء المناسك حفاظا على أرواحهم وسلامتهم، وليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان وراحة واطمئنان، وأن يراعوا الأخذ بنسب تخفيض أعداد القائمين لأداء المناسك خلال هذه الآونة المحدودة. ومن المقاصد الشرعية المعتبرة حفظ النفس وعدم الإلقاء بها إلى التهلكة كما أن من القواعد المقررة في الشريعة أن المشقة تجلب التيسير وأن الضرر يزال وأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وأن الأمر إذا ضاق اتسع وأنه إذا تعارضت المصلحتان أخذ بأعلاهما وأن الأمر إذا آل لضرر أو أذى فإنه يمنع شرعا.
وأشار: وبالأخذ بالاعتبار لهذه المصالح العظمى والمقاصد الكبرى سيحقق هذا المشروع بإذن الله ما يؤمل منه من تأمين سبل الراحة للحجاج والمعتمرين وهذا يدعو إلى أهمية تعاون المسلمين وتفاعلهم الإيجابي مع هذا القرار الحكيم لتحقيق المصالح العليا للأمة الإسلامية والدعوة موجهه لقادة الأمه وعلمائها في تعزيز ما رآه ولاة الأمر في المملكة في ذلك الأمر وأن يبينوا للمسلمين أسباب هذا التوجه الحميد وآثاره النافعة لاسيما وأنه امر مؤقت ومحدود بمده زمنيه قصيرة مراعاة لفقه الأولويات والمصالح، التي يجب أن يعيها المسلمون لاسيما الحجاج والمعتمرون والزائرون.
وأردف: إن ما تبذله المملكة قيادة وحكومة وشعبا للحرمين الشريفين إنما يصب في مصلحة ضيوف الرحمن والحرص على راحتهم وسلامتهم لا سيما ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك وموسم الحج إلى بيت الله الحرام وتلك المواسم التي يتوقع فيها الزحام الشديد وتدفق الأعداد الهائلة من المسلمين للحرمين الشريفين لذا فان الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وبتوجيهات من القيادة الرشيدة تهيب بالمسلمين من داخل المملكة وخارجها إلى مراعاة التقيد بخفض النسب في أعداد الحجاج والمعتمرين والزائرين لا سيما من إخواننا في داخل المملكة وتطمئنهم أن هذا الأمر استثنائي ومؤقت ريثما ينتهي هذا المشروع الرائد قريبا ان شاء الله، كما تهيب بالجميع التعاون والتفاعل بإيجابية في تطبيق هذا القرار الحكيم تحقيقا للمصالح العامة مع التأكيد على دور وسائل الإعلام في التوعية بأهمية هذا الموضوع.
وختم بقوله: والله نسأل أن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خير الجزاء على ما قدمه ويقدمه للحرمين الشريفين من خدمات وتوسعات لقاصديهما من تيسير وتسهيل على ارقى المستويات وان يجعل ذلك في موازيين أعماله الصالحة، وأن يشد أزره بولي عهده الأمين وسمو نائبه الثاني وأن يوفقهم لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين إنه جواد كريم.