أكد عميد الرحالين العرب، الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد بن ناصر العبودي، أنه لم يتم اكتشاف أية وثائق للوقف الإسلامي في المملكة قبل ما عرف بوصية أحد الموالي التي سُجّلت باسم "صبيح"، والتي ترجع إلى القرن الثامن الهجري، وهي مؤرخة بتاريخ 774ه، وسُجلت في "أشيقر" ب"نجد"، ووصفها بأنها "أم الوثائق". جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها الشيخ "العبودي"، مساء أمس الاثنين، ونظمتها "غرفة الرياض" -ممثلة في لجنة الأوقاف- بعنوان "الأوقاف في العالم الإسلامي.. مشاهد وقراءات"، وأدارها الدكتور محمد بن عبدالله المشوح.
وقال الشيخ "العبودي": "إنه تم إعادة كتابة الوثيقة في عام 1363ه على يد الشيخ عبدالرحمن الحصين، ودعا كل مسلم قادر على أن يوقف ما يستطيع لينتفع به المجتمع المسلم في حياته وبعد مماته، ومن ألطف ما ذَكر المحاضر أن الوقف كائن حي لا يموت بموت صاحبه؛ بل يظلّ أثره باقياً بعد مماته كصدقة جارية، وأن إشاعة أعمال الوقف خير ونماء للأسرة والمجتمع".
وأكد عميد الرحّالين العرب، أنه لا يُشترط في الوقف أن يكون بمبالغ ضخمة؛ بل بما يستطيع الشخص، وسينمّيه الله؛ ضارباً على ذلك بمثال شاهده لوقف من إحدى قريباته بدأ إيجاره بما لا يتجاوز 12ريالاً فقط، ثم ارتفع إيجاره إلى 18 ألف ريال.
وتحدّث "العبودي"، الذي يُلقّب بشيخ الرحالة العرب، أن لديه تراثاً فكرياً ثرياً سجّله في أكثر من 200 كتاب، حول رحلاته وجولاته لمعظم الدول والمجتمعات الإسلامية في أرجاء المعمورة؛ للتعرف على ظروف وأحوال المسلمين في العالم؛ تعزيزاً للجسور بين مركز العالم الإسلامي في المملكة، وبين الأشقاء المسلمين في العالم.
وتناول "العبودي" الحديث عن جولاته حول العالم الإسلامي والأقليات الإسلامية في الدول غير الإسلامية؛ فاستهلّها بالحديث عن أول رحلة كانت لإفريقيا؛ موضحاً أنه بعد عودة الوفد من جولته قدّم تقريره إلى الملك فيصل يرحمه الله، والذي قَبِل بدوره كل مقترحات الوفد، ووجّه في حينه بإيفاد 50 شخصية من الدعاة لإفريقيا، وتقديم 80 منحة تعليمية للأفارقة بالجامعة الإسلامية.
وأشار "العبودي"، إلى أن الملك فيصل وافق على كل المقترحات؛ على الرغم من ضعف ميزانية المملكة آنذاك؛ انطلاقاً من حرصه على نشر ودعم الشريعة الإسلامية في إفريقيا، كما أن رحلاته وجولات الوفود من الجامعة الإسلامية تكررت كثيراً فيما بعد لإفريقيا وكل قارات الأرض؛ نشراً للإسلام في هذه البقاع، ودعماً للمجتمعات الإسلامية هناك، كما تناول المُحاضر رحلاته لروسيا الشيوعية آنذاك، وللدول التي كانت تدور في فلكها.
وكانت المحاضرة، قد بدأت بكلمة عضو مجلس إدارة غرفة الرياض، نائب رئيس لجنة الأوقاف المهندس محمد بن صالح الخليل، رحّب فيها بالشيخ "العبودي"، وشكره على تلبية دعوة اللجنة، وأشاد بدوره في خدمة الدعوة الإسلامية في المملكة والمجتمعات الإسلامية في العالم؛ مُثمّناً جهوده في إحياء سنة الوقف الإسلامي ودعم وتنمية استثماراته بالمملكة.