أعادت وكالة الأنباء الفرنسية شريط الذكريات بالنسبة للسعوديين والعرب، إلى ما قبل 16 سنة وذلك عندما أعلن المنتخب السعودي الأول لكرة القدم تأهله إلى دور ال16 في أول مشاركة له في مونديال كأس العالم 1994م في أمريكا، بعد أن تغلب في المباراة الثالثة والأخيرة في دوري المجموعات على فريق بلجيكا بهدف دون رد حمل توقيع سعيد العويران بطريقة خرافيه جعلت من هذا الهدف أن يصنف من ضمن أفضل عشرة أهداف في العالم وجاء في التقرير ملخص لأحداث تلك الليلة السعيدة التي عاشها السعوديون، رغم أنهم يغيبون حالياً عن مونديال 2010 في جنوب إفريقيا بعد أن أقصاهم منتخب البحرين في الملحق الآسيوي وجاء في التقرير: "في التاسع والعشرين من شهر يونيو كان الموعد السعودي مع إنجاز التأهل إلى الدور الثاني في وقت كان مجرد الحلم في تخطي الدور الأول بالنسبة لأي منتخب يشارك للمرة الأولى في المونديال ضرباً من الخيال فكيف إذا كانت المواجهة مع منتخب أوروبي لديه الطموح ذاته ومتمرس على بلوغ ادوار أبعد من ذلك. ولم تعط الخبرة البلجيكية في كأس العالم تفوقاً لأصحابها، لأن البلجيكيين دخلوا المباراة مدركين أن السعوديين ليسوا خصماً سهلاً، وكان لسان حال أبرز لاعبي المنتخب البلجيكي انزو شيفو "أن المباراة مع السعودية ستكون أصعب من التي خضناها مع المغرب لأنه أخطر بكثير أمام المرمى". المواجهة السعودية البلجيكية لم تكن عادية وكان فارسها الأول اللاعب سعيد العويران الذي نقش اسمه بحروف من ذهب في سجلات الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) ليس لأنه سجل هدفاً أعطى المنتخب السعودي تأشيرة الفوز على بلجيكا والعبور إلى الدور الثاني، بل لأن الهدف سجل على الطريقة المارادونية. فقد سار العويران بالكرة من قبل خط منتصف الملعب وشق طريقه بين المدافعين البلجيكيين وأودع الكرة في شباك الحارس البلجيكي ميشال بردوم في الدقيقة الخامسة من المباراة مسجلا أهم هدف في تاريخ الكرة السعودية حتى الآن. وفي تفاصيل الهدف، بادر العويران إلى السير بالكرة من المنطقة السعودية، فتوغل في وسط الملعب وحاور مدفيد.. ودخل المنطقة البلجيكية، ثم تخطى دي وولف وسميدتش والبير قبل أن يطلق الكرة قذيفة لحظة خروج الحارس برودوم لملاقاته. وكان هدف العويران الأول الذي دخل مرمى برودوم في البطولة، وعبثا حاول بعده رفاقه بقيادة شيفو في إدراك التعادل لأن التكتل الدفاعي السعودي حال دون ذلك، بل إن بعض الهجمات المرتدة لحمزة إدريس وفهد الهريفي كادت تزيد الغلة ل"الاخضر". وشبه الخبراء هدف العويران إلى حد كبير بهدف الأسطورة الأرجنتينية دييغو مارادونا الذي سجل هدفاً مماثلاً عندما قطع نصف الملعب متخطياً أكثر من لاعب قبل أن يهز الشباك الإنجليزية في كأس العالم في المكسيك عام 1986 التي أحرزت لقب بطلتها الأرجنتين لاحقا أيضا. وغاب عن المباراة ضد بلجيكا لاعب الوسط النشيط فؤاد أنور لحصوله على إنذارين في المباراتين الأوليين فحل مكانه حمزة صالح. أما بلجيكا فاعتمدت على صانع ألعابها المتألق إنزو شيفو في بناء الهجمات. وجاء هدف العويران المبكر ليربك البلجيك ويرفع من معنويات السعودية؛ إذ تألق فيها رباعي خط الدفاع ومن ورائه الحارس المتألق محمد الدعيع. وحاولت بلجيكا أن تدرك التعادل وحاول بوفان بتسديدة قوية مرت إلى جانب القائم، وإضطر المدرب البلجيكي إلى إشراك المهاجم لوك نيليس مكان مار دو غريز ليزيد من فاعلية خط الهجوم. وضغط البلجيك خصوصا عن طريق الأجنحة وتولى المهمة الظهير الأيمن مدفيد ونيليس على الجهة اليسرى، وتصدى الدعيع لكرة رأسية خطيرة لنيليس (31)، ثم لانفراد للاعب نفسه إثر تمريرة بينية رائعة من شيفو (41). وأهدر حمزة إدريس فرصة ذهبية لتعزيز تقدم فريقه عندما فشل في استثمار كرة أمامية مررها له النجم ماجد عبدالله (44). وفي الشوط الثاني لعب مدرب بلجيكا آخر ورقة هجومية له المتمثلة بالكرواتي الأصل جوزيب فيبر مكان مارك فيلموتس غير الموفق. وكاد الاحتياطي يفعلها لكن الدعيع كان بالمرصاد لتسديدته الرأسية (57). وعاود المنتخب السعودي السيطرة على وسط الملعب بفضل تحركات خالد مسعد الذي حل مكان عبدالله في منتصف الشوط الثاني وفهد الهريفي، وسدد أحمد جميل كرة قوية بين يدي الحارس البلجيكي (60). ثم أضاع إدريس فرصة ثانية لحسم المباراة نهائيا في مصلحة السعودية عندما بالحارس البلجيكي وسدد عاليا (77). وتابع المنتخبان تبادل الهجمات في الدقائق العشر الأخيرة إلى أن أطلق الحكم الألماني هلموت كروغ صفرة النهاية ملعنا فوز السعودية وبلوغها الدور الثاني. وقال الأمير سلطان بن فهد نائب الرئيس العام لرعاية الشباب في السعودية في ذلك الوقت: "هذا الإنجاز هو أبلغ دليل على تطور الكرة السعودية واستحقاقها للعب أمام أفضل المنتخبات العالمية". وأضاف "ما تحقق يرد بقوة على المشككين الذين توقعوا خسارة السعودية في الدور الأول وخروجه منه لكن أفراد المنتخب ردوا على هؤلاء على أرض الملعب وظهروا بمستوى رائع أبهر جميع المراقبين وجعلهم يعيدون حساباتهم". وقال مدرب السعودية الأرجنتيني خورخي سكولاري: "قلت في أول مؤتمر صحافي إننا جئنا للمنافسة على صدارة المجموعة وإننا لا نخشى منافسينا وبالفعل وبفضل شهادة النقاد فإننا قدمنا أفضل أداء بين فرق المجموعة". أما العويران صاحب الهدف الشهير الذي اعتبر الأجمل في البطولة فقال: "كنت قلقا قبل المباراة؛ لأنني لم أسجل أي هدف في البطولة مع العلم أنني كنت هداف المنتخب في التصفيات". وأضاف "سأتذكر هذا الهدف كثيرا كونه الأول لي في كأس العالم وكونه كان السبب في بلوغ منتخب بلادي الدور الثاني".