يخيل إلى الداخل لمساجد العاصمة المقدسة أنها مساجد الدول الإسلامية الأوربية، لقلة مشاهدة من يرتدي الزي السعودي الكامل، وبالذات في الصلوات الخمس، وتظهر جلية في صلاة الجمعة وفي الإجازات الأسبوعية، إذ يلاحظ انتشار ملابس جديدة الطابع بين طبقة الشباب وفي أوقات الإجازات التي تلي فترات الدوام. ولا يقتصر ذلك فقط على "شورت رياضي وبلوزة" بل إن بعض الملابس تحمل عبارات وصوراً لذوات الأرواح، وتجد البعض مرتدياً "بنطلون اللو ويست" أو الإسكيني، أو واضعاً المناشف على رأسه، ناهيك عن ضيق بعض تلك الملابس التي تصف أجزاء الجسم وتظهره كاملاً، كما أن بعظها يكشف عورة المصلي أثناء السجود.
ضعف الوازع الديني ويوضح المواطن جار الله سعيد ل "سبق" أسباب انتشار الظاهرة وأسبابها قائلاً: "اللامبالاة وعدم استحضار هيبة الوقوف أمام الله، فلو نظرنا لهم في المناسبات العائلية وطلبت من صاحب هذا الزي أن يسلم على أحد، لرفض النزول من السيارة ويقول ملابسي لا تصلح أن أقابل بها الرجال، وأشعر بالإحراج".
ويقول محمد بخيت إن ضعف الوازع الديني وعدم المتابعة من أولي الأمور وتقليد الأجانب أصبحت طابع شبابنا، بيننا يقول المهندس طلال عبدالله إن هذا التصرف بسبب البحث عن الحرية التي يفتقدها البعض.
الشعيرة المعطلة ويرى الدكتور عبدالله مبارك أننا "عطلنا شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واعتبرناها تدخلاً في شؤون الآخرين، وما نشاهده عادات مكتسبة ودخيلة لم تجد من يوجهها أو ينكرها أو يعاقب عليها، بدأت من الأسرة وبمباركة الوالدين، استمرأها المجتمع وأصبحت من طبيعته ولم يعد بمقدوره الخلاص منها".
وحول آراء بعض من يرتدون هذه الملابس قالوا: "السهر عند أحد الأقارب أو الزملاء والنوم معهم يجعلنا نستيقظ صباحاً أو وقت الصلاة ومنها إلى المسجد، ويوم الجمعة تكون أغلب المغاسل مغلقة لما بعد العصر، ما يصعب علينا كمسافرين أن نجد مغسلة في هذا الوقت لذلك نضطر للصلاة بملابس الرياضة، بينما اعتبرها آخر شيئاً عادياً جداً ولا ضير من الصلاة فيه.
اللبس المنزلق ويؤكد عضو برنامج الأمان الأسري الوطني عبدالرحمن القراش أن "على الجميع تنفيذ مقولة "كل لنفسك والبس للناس" إذ إن الظهور أمام الناس لا بد له من لباقة ولياقة وزينة، فما بالكم بالظهور أمام الله في الخمس الصلوات؟ فإنه يجب أن يكون أجدر وأحق بالاهتمام"، مشيراً إلى أن "حقيقة مريرة ما طرأ على المجتمع العربي والسعودي خصوصاً ظاهرة مستوردة في اللبس المنزلق الذي يظهر الملابس الداخلية أو الرياضي ذو الصور اللافتة أو العبارات الخادشة، حيث يعتبرها البعض حرية شخصية لا يقبل فيها جدالاً، بل يحارب أهله من أجل لبسها.
نشأت هذه الظاهرة –وفق القراش- وقت أن كان نظام السجون الأمريكية يطلب بعض الاحتياطات الواجب اتخاذها مع المساجين، فكانت تخلع الأحزمة منها فتبقى ساقطة تظهر جزءاً من الملابس الداخلية، خوفاً من الاعتداء بها على السجّانين أو زملائهم، من هنا بدأت ثقافة موضة اللو ويست " low waist ".
ملابس الشواذ وأضاف القراش أن "الظاهرة انتشرت مع المغنين ونجوم الراب وموسيقى الهيب هوب بإظهار البوكسرات بألوان جديدة ومتطورة، ثم انتشرت لدى الشواذ مما فتح الباب على مصراعيه لشركات الدعاية والإعلان لابتكار ماركات الملابس الداخلية بأشكال متعددة، وكالعادة شباب مجتمعنا الإسلامي والعربي والسعودي، يقلد كل ما يأتي من الغرب دون معرفة مصدره، ولا يراعي الذوق العام أو العيب، معتقدين أنهم بذلك يواكبون العصر مما يقلل قيمتهم في عيون مجتمعهم ليبحثوا بعدها عمن يحتويهم أو يحترمهم".
وبين القراش أنه "ليس معقداً أو رجعياً بانتقاده هذه الفئة من الشباب، فالكل منا يريد مواكبة الموضة ومجاراة التطور والتنافس في اكتساب الجديد ولكن ليس بالسراويل الداخلية الفوشية أو ذات الورود الحمراء أوقات الصلاة التي يجب أن تكون في زي نظيف ساتر، فلو قام أحدنا أمام مسؤول أو كان ضيفاً على أحد لاختار من اللباس والزينة ما ينفق ويتعب في إيجاده، فما بالكم بالوقوف بين يدي الله في مصلاه، ناهيك عمن يظهر بها متسكعاً في الأسواق والأماكن العامة أو الدوائر الحكومية".
وأفاد: "الأسرة باتت لا تراقب الأبناء في لباسهم والمجتمع لا يتصدى لمثل تلك الممارسات الخاطئة وتبيين حقيقتها، فدور التربية في المدارس أو الجامعات في محاربة تلك العادات الدخيلة أصيل ولا بد من تفعيله".