قال القيادي اليساري المصري حمدين صباحي إنه لا نية ل"إقصاء" أو "اجتثاث" جماعة الإخوان المسلمين بعد سقوط نظام الرئيس محمد مرسي، مؤكداً أن جبهة الإنقاذ الوطني التي هو أحد رموزها ستتقدم بمرشح وحيد عنها للانتخابات الرئاسية القادمة. وقال "صباحي" في مقابلة حصرية مع وكالة الأنباء الإسبانية (إفي): "لا نريد إقصاء أو اجتثاث الإخوان. لقد أسقطنا نظاماً فاشلاً وفاسداً وتسلطياً من أجل أن نقيم نظاماً ديمقراطياً تُحترم فيه حقوق جميع المصريين".
ورفض القيادي اليساري وصف ما حدث في 3 يوليو ب"الانقلاب العسكري"، موضحاً أن "الجيش لم يتدخل إلا بعد أن كان تدخله واجباً وطنياً وأخلاقياً لا مفر منه، ولم يحضر إلى المشهد بنفسه، بل استجاب لإرادة شعبية عارمة، عبرت عن نفسها بالملايين".
وأعلنت القوات المسلحة مساء الأربعاء الماضي على لسان وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي سقوط شرعية "مرسي" وتولي رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور إدارة شؤون البلاد خلال فترة انتقالية لحين إجراء انتخابات رئاسية.
وقال "صباحي": "نحن لسنا أمام استعادة حكم عسكري بإرادة شعبية.. الدور الذي يلعبه الجيش هنا هو لتأمين هذا المطلب الشعبي خلال المرحلة الانتقالية".
وردًّا على سؤال حول ما إذا كان الضغط الشعبي على النظام قد استوفى حيزه حتى يتدخل الجيش، قال: "بالطبع.. لقد استوفاه من خلال 22 مليون توقيع تطالب بسحب الثقة من مرسي، وتدعو لانتخابات رئاسية مبكرة ومظاهرات شعبية حاشدة في 30 يونيو وحضور هائل في الشوارع والميادين على مدار ثلاثة أيام".
وفي حين اعتبر "صباحي" أن ما حدث كان "تصحيحاً لمسار الثورة" الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011 أكد على حق أنصار "مرسي" في "أن يكونوا جزءاً من الحياة السياسية، وأن تحفظ لهم حقوقهم كاملة".
ودعا "صباحي" أنصار الرئيس المعزول إلى عدم اللجوء للعنف وقبول "مصالحة حقيقية"، يُستثنى منها "الذين ارتكبوا جرائم الدم وقتلوا الشهداء أو نهبوا المال العام"، مؤكداً أن تيار الإسلام السياسي "سيكون له موقعه في الانتخابات القادمة التي ستحدد حجمه الحقيقي في الحياة السياسية المصرية".
ودعا "صباحي" الجميع إلى "الاحتكام إلى الصندوق في انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة بدون عزل لأي أحد، بمن فيهم الإخوان".
وأعرب عن رفضه اعتقال العاملين بالقنوات الإسلامية التي أغلقتها الأجهزة الأمنية فور عزل "مرسي"، لكنه أشار إلى أنه يتفهم "الإيقاف المؤقت" لبث تلك القنوات التي اتهمها بالتحريض على العنف والتمييز بين المصريين، واعتبره "إجراء استثنائياً لفترة محدودة" للحيلولة دون حدوث "الاقتتال الأهلي".
وقال "صباحي" إنه "ضد أي إجراء خارج القانون" يتخذ مع قيادات الإخوان المسلمين، مضيفاً "إذا كانت هناك اتهامات فينبغي أن يتم التعامل معها وفقاً للقانون".
وشنت أجهزة الأمن المصرية بعد عزل "مرسي" حملة اعتقالات ضد قيادات الإخوان المسلمين ورموز إسلامية بتهمة إهانة القضاء والتحريض على العنف، كما قطعت بث قنوات "مصر 25" التابعة للإخوان المسلمين و"الناس و"الحافظ" السلفيتين، وداهمت مكتب قناة "الجزيرة مباشر مصر".
وأعرب "صباحي" عن رفضه الاقتراح الذي طرحته الجماعة الإسلامية للخروج من الأزمة، ويتضمن إجراء استفتاء شعبي للاختيار بين خارطة الطريق التي أعلنتها القوات المسلحة أو بقاء الرئيس المنتخب محمد مرسي في السلطة.
وقال: "لا تراجع عن ثورة الشعب المصري. لقد انتهى محمد مرسي بإرادة شعبية. الآن على الجميع أن يحترم إرادة الشعب، وأي مبادرات تعود للوراء لن تكون محل قبول".
ودعا "صباحي" جميع دول العالم لدعم الشرعية الجديدة التي نتجت من تغيير نظام "فشل في تلبية مطالب الشعب وخدم مشروع الأخونة، وكان ضد مصالح المجتمع المصري، وتنكر لمبادئ وأهداف ثورة 25 يناير، وأقام حكماً ديكتاتورياً جديداً".
وقال: "إن الذين يقولون إنه انقلاب عسكري إما أن لهم مصلحة في استمرار نظام الإخوان أو أنهم يجهلون الحقيقة أو يراقبون الوضع عبر وسائل إعلام غربية غير منصفة".
وأشار "صباحي" إلى أن جبهة الإنقاذ الوطني ستتقدم بمرشح وحيد للانتخابات الرئاسية القادمة، كما تعهد بتحقيق توافق وطني على المواد التي سيجري تعديلها بالدستور الذي أعلن الجيش تعليق العمل به لحين تغيير المواد المختلف عليها.
واقترح القيادي اليساري تولي "البرادعي" الحكومة الانتقالية؛ لأنه يعبّر عن "خط هذه الثورة"، وأن يتم اختيار الوزراء "على أساس الكفاءة دون شرط الانتماء إلى أي حزب سياسي، ودون أي محاصصة سياسية".
وتوقع "صباحي" الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة "خلال يوم أو اثنين".
وجاءت المقابلة مع "صباحي" قبل ساعات قليلة من ظهور المرشد العام للإخوان المسلمين وسط الآلاف من أنصاره أمام مسجد رابعة العدوية بحي مدينة نصر في القاهرة، دعا خلاله إلى استمرار التظاهر في الميادين لحين عودة الرئيس المنتخب إلى السلطة.
كما أبدى "بديع" استعداده ل"التفاهم" مع القوات المسلحة "حول كل شيء"، ولكن بعد عودة مرسي إلى منصبه.