وصل إلى مطار الملك عبد العزيز بجدة عند العاشرة من مساء أمس الاثنين المواطن خالد القرشي، الذي كان قد تعرض لعملية اختطاف في لبنان قبل ما يقارب الشهر، وتمكن من الهرب من تلك العصابة التي قامت باختطافه. وكان في استقباله لحظة وصوله والدته وشقيقاه وزوج شقيقته، حيث اصطحبوه على الفور إلى المدينةالمنورة.. وحصلت "سبق" على صور حصرية للحظة وصول خالد، فجر اليوم الثلاثاء، ولقاء والده وأسرته بالمدينةالمنورة، اللقاء الذي اختلطت فيه دموع الفرح بعد أن كان والداه يعتبرانه في عداد المفقودين.
خالد لم يتمالك نفسه أثناء لقاء والده، حيث ذرفا الدموع معاً في موقف مؤثر.. خالد القرشي حكى ل"سبق" اللحظات العصيبة التي كان يعيشها لحظة وجوده في أيدي العصابة السورية على مدار 27 يوماً، شاهد فيها أصنافاً من العذاب.
قال: العصابة التي خطفتني تنتمي للنظام السوري، وأثناء سيرهم بي إلى داخل الأراضي السورية رفعت رأسي وشاهدت سيارة أخرى خلفنا، وسمعت إطلاق نار قوي من الطرفين، ثم بعد ذلك توقفوا وسلموني لمن في السيارة الأخرى، وذهبوا بي إلى منطقة معزولة في قرية نائية لا أسمع فيها سوى هدير الطائرات والقصف المتواصل، يصاحبها في المساء عواء الذئاب ونبح الكلاب.
وتابع: بدأوا في ضربي وتعذيبي بأسلاك الكهرباء وتعليقي في السقف، وكانوا يضعون السكين على أصابع يدي ويتصلون بأهلي في السعودية ويجبروني تحت التهديد أن أبلغهم بأن العصابة قطعت بعض أصابع يدي.
ويضيف: اتضح لي بعد فترة من اختطافي أن من خطفني هم من النظام، وباعوني بمبلغ معين لعصابة متعاونة مع الجيش الحر، لأن عدداً من أفراد الجيش الحر كانوا يزورون العصابة، وكانوا يطلبون مني أن أدفع الفدية لأنهم بحاجة لشراء أسلحة، كما أنهم كانوا أحياناً يتدخلون ويمنعون العصابة من أن تعذبني أو أن تحاول قطع شيء من أصابعي.
ويصف لحظة هروبه بقوله: صليت الفجر ثم عدت ونمت حتى الساعة العاشرة صباحاً، حيث نظرت فإذا بجميع أفراد العصابة يغطون في سبات نوم عميق، ففكرت في الهرب لكنني استخرت الله أولاً، فصليت صلاة الاستخارة، ثم تمكنت من الخروج من تلك الدار التي كنت محتجزاً بداخلها، وذهبت مسرعاً على جانب الطريق، وخشيت أن يكشف أمري فيلحقوا بي، فخرجت عن مسار الطريق لمنطقة جبلية.
ويواصل: التقيت طفلاً في الثانية عشرة من عمره، فطلبت منه أن يوصلني لبيت والده، ففعل ذلك، فطرقت باب المنزل فخرجت لي امرأة، فسألتها عن صاحب المنزل، فأخبرتني أنه ليس موجوداً، لكنها سوف تتصل به، فطلبت منها أن تخبئني فدلتني على كوخ للدجاج، فذهبت واختبأت بداخله حتى عاد صاحب المنزل، فحكيت له قصتي كاملة وطلبت مساعدته في إيصالي إلى بيروت مقابل 20 ألف دولار، فأخبرني أنه لا يستطيع، لكنه سوف يصحبني لمنزل شقيقه الذي سيقوم بإيصالي.
ويكمل: بالفعل أوصلني لشقيقه الذي قدم لي واجب الضيافة، وبقيت عنده حتى اليوم التالي، وحينما اقترب وقت الظهر غادرنا تلك المنطقة بعد أن أركبني في سيارة من نوع دينا محملة بالبرسيم وخبأني بداخلها، وكان يرافقه اثنان آخران، حتى وصلنا للحدود اللبنانية، حيث كان هناك مواطن لبناني قام باستلامي بعد أن تم الاتفاق بينهما حول مبلغ 20 ألف دولار.
ويحكي "القرشي": اصطحبني المواطن اللبناني لمنزله في بيروت، واحتفل بي احتفالاً كبيراً في منزله، قام بشراء ملابس جديدة لي بعد أن قدم لي وجبة الغداء، وعند الرابعة عصراً سلمني لأحد مراكز الأمن اللبناني الذي حقق معي تحقيقاً مطولاً، ما اضطرني للنوم في مركز الأمن حتى اليوم التالي، حيث حضر سائق لبناني مرسل من السفارة السعودية وأوصلني لها.
وأردف: وتم التحقيق معي هناك قبل أن يتم حجز رحلة طيران لعودتي للمملكة، بعد أن تم أخذ تعهد خطي عليَّ ووضع بصمتي وتوقيعي بأن أسدد قيمة تذكرة الطيران والفندق الذي سكنت فيه لحظة وصولي من السعودية قبل تعرضي للاختطاف، وذلك قرابة 600 دولار.
وأبدى "القرشي" عتبه وغضبه الشديدين على السفارة السعودية في لبنان، وطريقة تعاملها معه ومع قضية اختطافه، مبدياً استغرابه من تقديم السفارة المساعدة للاجئين السوريين، وقصورها عن خدمة المواطن السعودي، والدليل أنهم يطالبون حتى بسداد تذكرة الطيران وقيمة الفندق.
"القرشي" ناشد في ختام حديثه عبر "سبق" ولاة الأمر إنقاذ ابنته "العيناء" البالغة من العمر سبع سنوات من بين نيران القصف والحرب، التي عاشها "القرشي" على مدى 27 يوماً.