سجلت سوق السيارات الهندية أكبر تراجع لها منذ 12 عاماً، ما تسبب في تنافس التجار على تقديم عروض خيالية لجذب الزبائن. تراجعت مبيعات السيارات 26% في فبراير الماضي بالمقارنة مع فبراير 2012، في أسوأ نتيجة منذ العام 2000.
ويتوقع أن تسجل المبيعات في السنة المالية الجارية التي تنتهي في 31 مارس تراجعاً بالمقارنة مع الأشهر ال12 الماضية، بعد ست سنوات من النمو المتواصل، بحسب الاتحاد الهندي لصانعي السيارات.
"هيا! اشتروها".. بهاتين الكلمتين يسعى وكلاء شركة فولكسفاجن الألمانية لجذب الزبائن لشراء الطراز الجديد للسيارة "فينتو" بسعر 13400 دولار، والشاري ليس مضطراً للدفع فوراً، إذ بإمكانه مبادلة سيارته القديمة بأخرى جديدة ودفع مبلغ روبية واحدة رمزياً، على أن يبدأ بتسديد ثمن سيارته بعد سنة.
ومن بين العروض المبهرة هناك أيضاً إمكانية استرداد الأموال المدفوعة وصولاً إلى 20% مع قروض بلا فوائد، لكن يتبقى معرفة هل ستنجح هذه الخطط في إعادة إحياء ثالث أكبر سوق للسيارات في آسيا وتصريف كميات السيارات غير المبيعة مؤخراً بسبب نقص الشراة.
وأوضح "سوغاتو سين"، نائب المدير العام للاتحاد، أن هذا التراجع في سوق السيارات مرده إلى حال الاقتصاد برمته، مع نمو يقارب 5% فقط خلال العام الجاري، أي النسبة الأضعف منذ عشر سنوات.
وقال: "إذا كان على الناس عدم شراء سيارة فإنهم لا يشترونها، إنهم يلجمون أنفسهم عن النفقات غير الضرورية"، مضيفاً: "الناس الواقعون في أسفل الهرم أو هواة شراء السيارات الصغيرة، وهم يشكلون الجزء الأكبر من السوق، يحجمون عن الشراء بسبب ضعف الاقتصاد".
في المقابل، لا تشهد السوق الآسيوية الكبرى الأخرى "الصين" التي أصبحت السوق الأولى للسيارات عالمياً عام 2009 أي أزمة, وبذلك فإن الصين "تجد نفسها دائماً في مرحلة عجز عن تلبية الطلب (على إنتاج السيارات) في حين أنه في الهند المصنعون لديهم فائض في طاقة التصنيع"، بحسب ديبيش راثور، المحلل المتخصص في شؤون الهند في شركة "أي إتش إس أوتوموتيف" للدراسات الاقتصادية.
وحتى السنة المالية 2011/2010، كانت السوق الهندية تحقق معدلات نمو تتراوح بين 20% و30%، وكانت تشكل واحة للمصنعين الأجانب الساعين للتعويض عن تراجع مبيعاتهم عالمياً خصوصاً في أوروبا.
وشهد مصنع السيارات الأمريكي "فورد" تراجعاً في مبيعاته بنسبة 44% في فبراير لتسجل 4490 وحدة مبيعة، في حين تراجعت مبيعات "جنرال موتورز" بنسبة 20% لتصل إلى 7106 سيارات مبيعة، ومبيعات "فولكسفاجن" تراجعت بدورها بنسبة 8%.
لكن الشركة الأكثر تضرراً تبقى "تاتا موتورز" الهندية التي شهدت مبيعاتها تراجعاً بنسبة 70%، أما بالنسبة لسيارة "تاتا نانو" التي تم التسويق لها على أنها أرخص سيارة في العالم، إذ إن سعر أرخص طرازاتها لا يتجاوز 2600 دولار، فإنها لم تحقق يوماً النجاح المتوقع منذ إطلاقها في العام 2009، خصوصاً بسبب عيوب تقنية في محرك السيارة.
ويبدي "أر سي بهارغافا"، مدير شركة ماروتي سوزوكي، أكبر مصنع هندي، والمملوك بنسبة كبيرة لشركة سوزوكي اليابانية، خشيته من ألا تكون السنة المالية المقبلة التي تبدأ مطلع إبريل "أحسن حالاً" على القطاع من السنة المالية المنصرمة.
وبغية تصريف مخزون السيارات غير المبيعة يعمد مصنعو السيارات إلى الاستغناء عن خطوط إنتاج، كما أن الاستثمارات قد تواجه عراقيل إذا لم يتحسن الوضع، وفق المحللين.
وبشكل عام أكثر، تعكس حال سوق السيارات الوضع الاقتصادي برمته الذي يعاني ضعفاً في الطلب وتضخماً وارتفاعاً في معدلات الفوائد، إضافة إلى عجز كبير في الميزانية العامة.
وأضاف "ديبيش راثور": "الناس لا يتلقون مؤشرات إيجابية في هذا الاقتصاد (تدفعهم) لشراء سيارة".
لكن قسماً وحيداً من السوق لم تطله الأزمة، هو سوق السيارات الرياضية المتعددة الأغراض "إس يو في" التي تلاقي رواجاً كبيراً لدى أوساط الطبقة المتوسطة والعليا الساعين إلى اقتناء سيارات تعكس المركز الاجتماعي لمالكيها، وتكون بمتانة كافية لقيادتها على الطرقات الهندية المعروفة بالعدد الكبير من الضحايا الذين يسقطون عليها جراء الحوادث المرورية.
وارتفعت مبيعات السيارات الرياضية المتعددة الأغراض بنسبة 35% في فبراير.
وسجل المصنع الفرنسي "رينو" العائد إلى السوق الهندية منذ سنتين فقط مبيعات في فبراير الماضي بلغت عشرة أضعاف مبيعات سياراته في الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلاً بيع 6723 سيارة، وذلك خصوصاً بفضل طرازه "داستر" الذي يباع بسعر 14300 دولار.
لكن الصعوبات الحالية يجب ألا تُنسي أن السوق الهندية تبقى سوقاً هائلة الحجم، بحسب سوغاتو سين الذي ذكر بأن 12% فقط من الهنود يملكون سيارات.