أكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن الواقع المرير في سوريا لن يتغير، بل قد يزداد سوءاً ما لم يحسم المجتمع الدولي أمره في التحرك الجاد والسريع في وضع حد لهذه المأساة، مبينًا أنه لم يعد هنالك أي خيار أمام المجتمع الدولي سوى مساعدة الشعب السوري وتمكينه من الدفاع عن نفسه. وقال "الفيصل": "اجتماعنا اليوم يتسم بأهمية خاصة، ويجب أن يكون حاسماً بالنظر لما تعكسه المرحلة الراهنة للأزمة السورية من تفاقم في الأوضاع، مع استمرار نهج النظام السوري في تعطيل وإفشال أي محاولة لتحقيق تسوية سياسية للأزمة، والإصرار على المضيِّ في فرض الحل العسكري بكل ما ينطوي عليه ذلك من سفك للدماء البريئة وتدمير للبلاد". وأضاف: "يكفي أن أشير إلى لجوء النظام السوري لاستخدام أنواع الأسلحة المدمرة كافة، بما في ذلك صواريخ سكود ضد المدنيين ودون تفرقة، الأمر الذي ترتَّب عليه ارتفاع مخيف في عدد الضحايا، اقترب من معدل مائة ضحية في اليوم، في الوقت الذي تعمقت فيه المأساة الإنسانية ونتائجها على الدول المجاورة؛ جراء تدفق اللاجئين إليها، وانعكاسات ذلك على أمن واستقرار المنطقة عموماً. وأنه مما يدعو للأسى، أن بعض الدول تقوم بالمساعدة في تزويد النظام بالسلاح والعتاد، الذي يُمَكِّنه من الاستمرار في المذابح ضد الشعب السوري". وأردف وزير الخارجية قائلاً: "إنه لم يعد هنالك أي خيار أمام المجتمع الدولي سوى مساعدة الشعب السوري، وتمكينه من الدفاع عن نفسه، غير أننا وللأسف الشديد نواجه بموقف دولي- خصوصا من الدول الفاعلة- ما زال يحجم عن توفير الحاجات الضرورية للشعب السوري؛ لتمكينه من ممارسة حق الدفاع المشروع عن نفسه، الذي تؤكد عليه الشرائع والقوانين كافة"، مبيناً أن هذا الموقف استند على فرضية لا أساس لها، حول إمكانية أن ينتهي السلاح المقدم لعناصر المقاومة في سوريا إلى فئات ذات توجهات متطرفة أو متشددة؛ مما يترتب عليه التمهيد لاعتلاء هؤلاء سدة السلطة. وتابع قائلاً: "حقيقة الأمر أن مثل هذا يفتقر إلى المنطق، فمن ناحية فإن حجم المتطرفين في ساحة القتال السورية ليس بالمستوى الذي يصوره الإعلام الغربي، ومن ناحية أخرى فإن هذه الفئات تتلقى- على أي حال- حاجتها من المعونات العسكرية من عدة مصادر، وهو الشيء الذي لا يتوفر لغالبية أفراد المقاومة السورية. ومن الطبيعي أن يؤدي هذا الأمر إلى توسيع رقعة التطرف على حساب رقعة الاعتدال، بخلاف ما ترمي إليه الدول الغربية في هذا الصدد، من خلال سياسة منع وصول السلاح إلى المقاومة السورية المشروعة". وتطرق الأمير سعود الفيصل إلى ملاحظات تتعلق بوضعية ائتلاف المعارضة السورية، وهي كالتالي: أولاً: يحظى هذا الائتلاف باعتراف دولي واسع على المستويات العربية والإسلامية والدولية. ثانياً: يتمتع الائتلاف بأهلية كممثل شرعي للشعب السوري، في الوقت الذي فقد فيه النظام السوري شرعيته وأهليته في الاستمرار في السلطة. ثالثاً: تحرص قيادات الائتلاف على التأكيد في كل مناسبة وموقف على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا الوطنية والترابية، وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الشعب السوري بمكوناتهم كافة. وبذل كل ما من شأنه التهيئة لسوريا جديدة تتحقق فيها التطلعات المشروعة لجميع فئات الشعب السوري، على أساس من التعددية والعدل والمساواة. وهو الشيء الذي تضمنته وثائق القاهرة واتفاق الدوحة، والتي شارك في صياغتها جميع أطياف المعارضة السورية. رابعاً: يحرص الائتلاف على بناء صلات مباشرة بين المقاومة في الداخل، بكافة شرائحها وتوجهاتها، والمعارضة السياسية بكافة تياراتها. خامساً: إن الدول المساندة للائتلاف على استعداد من جانبها للمشاركة في ضمان وفاء الائتلاف السوري بالتزاماته وواجباته، التي أعلن عنها في جميع المناسبات. وإذا لم تكن هذه العناصر جميعها فيما يتعلق بتوجهات الائتلاف السوري ومقاصده سبباً كافياً لدعم هذا الائتلاف والوقوف إلى جانبه من قبل المجتمع الدولي، فإننا نكون حينها قد أتحنا للنظام السوري من الأسباب ما يجعله يمضي في سياسة القتل والإبادة والقضاء على الأخضر واليابس في سوريا، مما يهدد بزعزعة أمن واستقرار الدول المجاورة والمنطقة برمتها. إن مصير القضية السورية يتوقف على جديتنا وعزمنا في اتخاذ موقف صلب وصريح يعكس وحدة المجتمع الدولي. وعلى نحو خاص يستوجب علينا إنهاء حالة التصدع الحاصل في أطراف المجتمع الدولي. في الختام، أناشد ضمائركم؛ حيث إن الوقت يداهمنا جميعا، إنه لا يمكن للمجتمع الدولي التسويف أكثر من ذلك، ويتعين علينا التحرك فوراً لمساعدة الشعب السوري؛ لتمكينه من الدفاع عن نفسه من نظام بلغ حدوداً قصوى في الطغيان والشراسة. إن عدم التحرك الآن لن ينتج عنه سوى إراقة المزيد من الدماء البريئة والدمار المنافي لكل القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية. إن التاريخ لن يغفر لنا، كما أننا لن نغفر لأنفسنا تهاوننا في هذا الأمر.