يتجه العسيريون إلى الهجرة خلال فصل الشتاء وبداية فصل الربيع في رحلتَيْ الشتاء والربيع، تبعاً لبوصلة المواسم طلباً في الحصول على أجواءٍ وتجارب سياحية جديدة. ففي الشتاء يهاجر العسيريون طلبا للدفء في رحلتهم إلى تهامة، وفي مطلع الربيع ونهاية الصيف، يتجهون إلى المنطقة الغربية لتكون رحلةً دينية وسياحةً ترفيهيةً في كل من مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة وجدة. يقول منظِّم فعاليات السياحية والثقافية في أبها ورجال ألمع إبراهيم مسفر، إن سفر أهالي عسير تغذية راجعة، هم يستقبلون الناس ويسوّقون الصيف، ولا بد أن يكون هناك اتجاهٌ عكسي أن يتبادلوا السلعة البديلة في مواقع أخرى ويمارسوا الخدمة السياحية، والقصة ليست ردة فعل وإنما ممارسة لسياحة أخرى. وأضاف أن معظم أهل تهامة ممَّن انتقلوا للحياة في منطقة عسير والى أبها، يجدونها فرصة عند دخول موسم البرد طلباً للدفء والعودة إلى الأهل واجتماع الأسر والتقائهم وتغيير الجو، وخلال ساعة ينتقل الشخص من شدة البرد إلى الجو الدافئ الذي يغوي أهالي عسير للبحث عن الدفء. كما أن المنطقة الغربية جاذبة سياحياً من حيث الجانب الاقتصادي والتسوّق والخدمات الحضارية في جدة أرقي بحكم قدم المدينة وحضارتها، إضافة إلى السياحة الدينية في مكة، حيث يجد أهالي عسير في هذا الموسم فرصة ثمينة للذهاب إلى مكة. وأشار إلى أن هذه الظاهرة تعتبر ظاهرةً صحيةً في انتقال الناس خلال هذه المواسم، وأتمنى أن تكون هناك زيارة لأهالي الجنوب للرياض والشرقية والقصيم وغيرها من المواقع الجاذبة. وحول تهيئة الطرق لسفر أهالي عسير قال: إن المشكلة ليست في الطرق، وأن الحوادث تكون بسبب السرعة التي تؤدي إلى وجود وفيات، وطالب بحملة في مجال مكافحة الحوادث. فيما ذكر الناشط الحقوقي حسن مخافة، أنها ظاهرة أمن وأمان، ووصفها بأنها ترفٌ اجتماعي وحضاري، وأشار إلى أن كثيراً من الأسر العسيرية يتجه إلى الغربية لأهدافٍ دينية وأهدافٍ ترويحية، وفي المقابل هناك زيارات إلى عسير من الرياض والقصيم والغربية، عودة أبناء المنطقة أو مَن يحضر للاستمتاع بالأجواء. وقال: إن أهالي عسير لديهم ممتلكاتٌ في تهامة والدرب ومحايل ومربة ويمتلكون شققاً في جدةوالغربية، وكثير من رجال الأعمال يمتلكون عقارات في هذه المواقع، وأضاف أن منطقة عسير محرومة من الطرق المزدوجة. وأشار إننا نطالب المسؤولين بالنظر إلى الطرق المزدوجة والى حركة النقل في المنطقة والكثافة السكانية، نحتاج إلى طرق مزدوجة في مداخل المدينة والطرق التي تربطها بالمناطق الأخرى، فنحن بحاجة إلى طرق مزدوجة في أبها والطائف وطريق الساحل وعقبتَيْ شعار وضلع وطالما سمعنا عن تنفيذ مشاريع طرق. ويضيف خالد آل دغيم خبير سياحي وعضو المركز العربي للإعلام السياحي تأتي هجرة أسر منطقة عسير إلى مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة وجدة في هذا الوقت التي ترتفع فيه الأسعار في قطاع الإيواء والزحام الشديد على الخدمات، وهذا دليلٌ واضحٌ على ارتفاع دخل الفرد واستقرار الطبقة التي ينتمون إليها، وهي غالباً ما تكون الوسطى فما فوق. وأشار الخبير إلى أنه عرف عن هذه الطبقة أنها أكثر فاعليةً والأكثر في الإنتاج والاستهلاك والخط البياني الظاهر من هذه الهجرة الزائدة في هذه الفترة يتصاعد نحو الاستقرار الذي تعيشه الأسر وارتفاع مستواها التعليمي والثقافي والاجتماعي، الذي ساعدها على ضبط ميزانياتها ولذا تبحث عن الاستمتاع والاستجمام في مناطق أخرى، إلى جانب أداء مناسك العمرة. وأكد آل دغيم أن الميزانية لا تقل عن عشرة آلاف للأسرة الصغيرة التي تستخدم سيارتها الخاصّة في التنقل في مدة قصيرة من أربعة إلى خمسة أيام، ولكن هي ظاهرة طبيعية مرتبطة بإجازات أفراد الآسرة كاملة ولسهولة الوصول إلى المنطقة الغربية والسعي للتغيير، خصوصاً بعد انتهاء موسم الصيف وما لازمه من ارتباطٍ للبقاء في المنطقة في تلك الفترة. كما يشير الأديب علي مغاوي إلى أن عسير في بعض المواسم تودّع سكانها الذين يسافرون إلى مواقع الدفء في الشتاء أو طلباً للسياحة الدينية في الربيع، فالعسيريون يعيشون أجواء الجو الرائع في الصيف في حديقتهم التي تمتد من ظهران الجنوب إلى المجاردة وإلى البحر، ووصف عسير بأنها منطقة استقرار حضاري، فأهالي عسير ليسوا أهل ترحال ولكن تحسُّن الظروف الاقتصادية لدى الأسر المتوسطة الدخل وجّههم للبحث عن الجديد وعن الترفيه والدفء والتلاقي مع المناطق الأخرى. كما أكد مدير عام الطرق في منطقة عسير المهندس على آل مسفر، أن هناك شبكة مواصلات وطرق كبيرة تربط عسير بغيرها من مناطق المملكة، مؤكداً سعي إدارة الطرق والنقل على ازدواجية الطرق. وقال: تم توفير ازدواجية خط أبها - نجران وطريق الطائف وطريق الرياض، كما تم اعتماد طريقٍ رديف أبها - محايل، كما تم طرح طريق رديف لعقبة ضلع في الميزانية، مؤكدا أن عدد الرحلات اليومية في عقبة ضلع 19 ألف سيارة و13 ألف رحلة على طريق عقبة شعار يومياً، مؤكداً أن إدارة النقل والطرق تقوم بالرفع للمطالبة بازدواجية الطرق التي تربط عسير بباقي مناطق المملكة. وعن تزايد الحوادث على الطرق الخارجية أكّد أنها بسبب السرعة وعدم مراعاة مستخدمي الطريق وسائل السلامة. كما أكد مدير عام المرور في منطقة عسير العميد سعيد ال مزهر، أن مرور عسير وضع خطة استثنائية لمتابعة مداخل المنطقة ومخارجها ومواقع تنقل المواطنين وأوقات الذروة، مشيراً إلى أن جميع الإحصائيات تؤكد ارتفاع نسبة الحوادث على الطرق الخارجية والتي تحدث بنسبة 90 % بسبب السرعة، مؤكداً الرقابة المرورية المشددة على عقبتَيْ ضلع وشعار، وطالب المسافرين بالتروي وعدم السرعة حفاظاً على أرواحهم من وقوع الحوادث الجسيمة.