لليوم الرابع على التوالي تواصل القوات السعودية تطهير المناطق الحدودية من المتسللين الحوثيين، مؤكدة بذلك قدرتها على التصدي لأية محاولة للمس بسيادة المملكة واستقرارها أو تدنيس أراضيها . وتشير الأنباء من مسرح العمليات إلى عودة مقدم فقد في مواجهة "دخان" بعد قتله لعدد من الحوثيين وحصوله على خرائط ووثائق , إضافة إلى أنباء عن مقتل 40 متسللا في مثلث جبل شدا. ويرى مراقبون أن البيان الذي صدر يوم الاثنين الماضي 9-11-2009- عن القوات السعودية بدد مخاوف البعض من التورط في حرب عصابات طويلة مع المتسللين ، حيث جاء فيه أن المنطقة الحدودية قد تطهير تماما ، وعاد إليها الهدوء ، فيما تتواصل عمليات التمشيط النهائية . وذكر البيان نفسه أنه تم القبض على 250 من المتسللين الحوثيين، وأن القوات الجوية تقوم بقصف الشريط الحدودي مع اليمن، ما يدل على أن الأراضي السعودية لم تعد مسرحا لأي مواجهات ، وأن قرى الجنوب التي تم إخلاء سكانها عند بدء عملية التصدي للمتسللين قد عادت لحالتها الأولى. وبينما لم يستطع المتسللون إيقاع خسائر بشرية أو مادية تذكر في صفوف القوات السعودية، أشارت أنباء أمس إلى قتل ما يزيد عن 40 متسللا. وكان مساعد وزير الدفاع للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز أعلن في وقت سابق عن استشهاد 3 وإصابة 15 آخرين من أفراد القوات المسلحة السعودية ، مشيرا إلى فقدان خمسة جنود. وبعد وقت قصير تناقلت وسائل إعلام محلية وخارجية على رأسها فضائية العربية عودة مقدم من صفوف القوات المسلحة إلى الأراضي السعودية، بعد أن قتل عدد من الحوثيين وحصل منهم على خرائط ووثائق مهمة توضح تحركات الحوثيين. وحتى الحرب النفسية التي لجأ إليها المتمردون حين نشروا لقطات لرجل قالوا انه أحد الجنود السعوديين الذين يحتجزونهم ،لم تؤتي ثمارها ، بدت كأنها رعشتهم الأخيرة قبل إجبارهم على إنهاء مغامرتهم الخاسرة . و أظهر تصميم القيادة السعودية على إنهاء العملية بشكل سريع و بالحد الأقصى لأهدافها ، مدى الحرص على سرعة عودة الحياة بالمناطق الحدودية إلى حالتها الطبيعية ، مع توفير ضمان باستحالة تكرار الاعتداء الذي تورط به الحوثيون داخل الأراضي السعودية . وعكست الصلابة السعودية في مواجهة هذا الاعتداء أن سياسة ضبط النفس التي حافظت المملكة عليها تجاه تطورات الحرب التي تشهدها محافظة صعدة اليمنية بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين ، لم تكن ضعفا ، وإنما التزام بمبدأ عدم التدخل في شؤون دول الجوار . وكان الأمير خالد بن سلطان قد قال في تصريحات سابقة "إن الأمور بالكامل باتت تحت السيطرة تماما، والوضع مطمئن والاستعداد قوي والمعنويات مرتفعة".وقال للصحفيين عقب نهاية جولة قادها في المنطقة الجنوبية: " نحن نتعامل مع متسللين مع عصابات، والحمد لله الوضع مطمئن وكل ما استولوا عليه من قبل وخاصة "جبل دخان" تم السيطرة عليه تماماً". وكانوصول الحوثيين إلى مشارف "جبل الدخان" على الشريط الحدودي وانطلاقهم منه كقاعدة لهجمات داخل الأراضي السعودية، قد دفع المملكة لرد سريع وقوي ، حسبما جاء في بيان مجلس الوزراء خلال جلسته أمس، التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين في قصر اليمامة بمدينة الرياض. و شدد البيان نفسه على أن المملكة لن تتهاون إزاء أي انتهاك سيادي لأراضيها، ما يمثل رسالة مستقبلية لكل من يتصور أن طول بال السعودية يعني تهاونها فيما يمس سلامة أراضيها و امن مواطنيها . وأكد مجلس الوزراء على أن مثل هذا التسلل غير المشروع يعطيها كامل الحق في اتخاذ كل الإجراءات لإنهائه, مع اتخاذ التدابير اللازمة لحماية مواطنيها وأراضيها وتأمين حدودها, وردع المعتدين ووضع حد لكل من تسوّل له نفسه القيام بأي عمليات تسلل أو تخريب, والحدّ من تكرار ذلك مستقبلا. ولعب الدعم الشعبي للتحرك العسكري دورا رئيسا في الحسم السريع للمواجهة ، حيث تجلى ذلك في العديد من المناسبات ومنها إقدام المواطنين والمسؤولين في مناطق متفرقة على التبرع بالدم دعما للقوات المسلحة . وتزامن ذلك مع تواصل لافت بين الحكومة والشعب ، حيث قام العديد من المسؤولين والوزراء بزيارات للمنطقة الجنوبية للوقوف على أحوال الأهالي . وجاءت زيارات المسؤولين للمنطقة بعد إخلاء أكثر من 240 قرية حدودية ونقل مواطنيها إلى مخيمات إيواء سارعت الوزارات المعنية بتهيئتها وتوفير الاحتياجات الأساسية لمن وصلوا اليها . و لقي التحرك السعودي تأييدا دوليا وعربيا ، حيث توافقت مواقف معظم دول العالم على حق السعودية في الدفاع عن أراضيها ضد أي اعتداء سافر . كما حرصت العديد من الدول العربية ، وعلى رأسها مصر و الكويت و البحرين ، فضلا عن الحكومة اليمنية ، على دعمها الكامل لما تقوم به المملكة من الدفاع عن أراضيها.