شكلت السعودية منذ تأسيسها على يد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، شجرة مثمرة تمد العالمين العربي والإسلامي بالعون والمساعدات ودعم القضايا العادلة حول العالم، وترى قيادتها بحكم التقاليد العربية المتجذرة في طول البلاد وعرضها أن مساعدة الأشقاء والمنكوبين حول العالم واجب تحتمه الشهامة العربية والمسؤولية التاريخية. استقلالية المساعدات الإنسانية عن المواقف السياسية، تجعل الرياض رقما صعبا في «إجابة المضطر»، ولعل سجلات المنظمات الدولية وعلى رأسها الأممالمتحدة لا تخطئ وتشكل شاهدا لتاريخ المملكة الإنساني الذي امتد عطاؤها ليشمل الشعوب المنكوبة وضحايا الكوارث على مدار تاريخها. ويسجل التاريخ المعاصر أن المملكة الدولة الثالثة عالميا من حيث تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والتنموية، حتى أن المساعدات التي قدمتها المملكة خلال العقود الأربعة الماضية بلغت نحو 139 مليار دولار أمريكي. وقبل عهد الثروة النفطية التي حولت الصحراء السعودية إلى مدن نموذجية، قدم السعوديون معونات إلى الشعوب المنكوبة في وقت لم تكن تنعم البلاد بوضع اقتصادي قوي كاليوم، حتى أن الملك عبدالعزيز أرسل إلى فلسطين مع بداية مناوشات العدو الإسرائيلي كمية ضخمة من الذخيرة والسلاح إلى الثوار الفلسطينيين، كما تبرع بمبلغ خمسة ملايين ريال (كان يشكل الرقم مبلغاً ضخماً كافياً لميزانيات الدول)، إضافة إلى مدهم بجنود سعوديين وفق مراجع تاريخية عدة. وإيمانا من السعوديين بالقضية الفلسطينية العادلة، لم تنقطع المساعدات الإنسانية والدعم اللوجستي الدولي للفلسطينيين في سبيل استرداد وطنهم المنهوب، إذ أكد محافظ البنك الإسلامي للتنمية عن دولة فلسطين محمد اشتية في عام 2011، تقديم السعودية إلى الشعب الفلسطيني أكثر من مليار و600 مليون دولار منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1994، ما يجعلها أهم متبرع وداعم للشعب الفلسطيني. منهج الملك عبدالعزيز الإغاثي ترسخ في أبنائه الملوك من بعده، ووفقا لتقرير أعده كل من وزارة الخارجية السعودية ووزارة المالية والصندوق السعودي للتنمية وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالمملكة، فإن المساعدات الإنسانية للمملكة بلغت الخارجية خلال عقدين أكثر من 65 مليارا، متخطية نسبة المساعدات الإنمائية الإجمالية للدخل القومي عالميا، مستجيبة لحاجات 83 دولة بحيادية بغض النظر عن الانتماء الديني أو الأصل العرقي. وتشير إحصاءات صدرت عن الأممالمتحدة إلى أن المملكة تصدرت قائمة الدول المانحة للمساعدات الطوعية لتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية في العام 2008، إذ تجاوزت نسبة عطاءاتها ومساعداتها 6% من دخلها القومي، بينما لا تمثل المساعدات الإنسانية التي تقدمها دول عرفت بالمصنعة، والأكثر ثراءً سوى 5.1% من دخلها القومي. خبراء البنك الدولي المتخصصون أكدوا في تقرير أعدوه بالتنسيق مع صناديق التنمية العربية ولجنة المساعدات الإنمائية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، نشر في عام 2010، أن المملكة ودولا عربية مانحة كانوا الأكثر سخاء على الصعيد العالمي في تقديم المساعدات الإنمائية الرسمية طوال العقود الأربعة الماضية. ومن موقع المملكة ومسؤولياتها الإقليمية، نشرت وكالة الأنباء السعودية تقريرا يوضح أن الرياض تفردت على امتداد العقود الأربعة الماضية بالعديد من المساعدات التنموية للدول الأفريقية، غير المستردة التي بلغت 30 مليار دولار، فيما قدرت القروض التي أعفت منها عددا من الدول ستة مليارات دولار، في الوقت الذي قدم فيه الصندوق السعودي للتنمية قروضا إغاثية ميسرة لتمويل 345 مشروعا وبرنامجاً إغاثيا في 44 دولة أفريقية، في القطاعات الصحية والتعليمية والاجتماعية والإسكان والبنية التحتية بمبالغ بلغت ستة مليارات دولار. وسجل السعوديون مواقف إنسانية على امتداد دول منكوبة في العالم، ولا يفرقون في مساعداتهم إلى أعراق الشعوب المنكوبة ودياناتهم، فالمشترك الإنساني كفيل بامتداد يد العون السعودية، كما يؤكدها مسؤولون رفيعو المستوى في المملكة.