تستوقفني أقوال جورج برنارد شو، ومواقفه مع الأصدقاء والمرأة، فتدفعني إلى أن أبتسم وأستلهم الحكمة منها، حتى لو كانت عكس ما أشتهي. شو - بالنسبة لي - الأب الروحي للأذكياء و(الملكعين) من الأدباء، لذا أتمهل كثيرا عند كل مواقفه، وآرائه التي تجنح بعيدا عن القطيع، فهو لا يشبه إلا نفسه! أهدى شو صديقه كتابا من تأليفه ولم ينس أن يكتب عليه: «إلى فلان.. مع تحياتي.. جورج برنارد شو» وبعد مرور عام وجد شو هذا الكتاب في محل بيع الكتب المستعملة. ما فعله الآيرلندي صاحب اللحية الطويلة هو أن اشترى هذا الكتاب وأعاد إرساله لصديقه بالبريد بعد أن كتب تحت الإهداء الأول: «جورج برناد شو يجدد تحياته». هذه المقدمة الطويلة ليست إلا مدخلا حول الأصدقاء الذين يشبهون صديق برنارد شو- طيب الذكر- ففي محل الكتب المستعملة لدينا تجد العجب العجاب مما دعاني أن أتخذ قرارا لا رجعة فيه، وهو ألا أهدي أحدا كتابا مطلقا. كثير من الكتب لكتابنا وجدت طريقها لمحل بيع الكتب المستعملة بإهداءاتهم دون أن يرعوي المهدى أو حتى يخجل، ولعل من المفارقة العجيبة أن وجدت كتابا لمحمد حسن علوان كنت قد استوليت عليه من مكتبة الجامعة، ودفعت لهم نقدا، لأني لم أجده في المكتبات، وكان مهدى لمذيعة معروفة. بالإضافة إلى كتاب شعري للشاعرة هدى الدغفق مهدى لصديقة حميمة - أحتفظ بالأسماء من باب الستر-. وغيرهما كثيرون. بائعو الكتب يقفون على النقيض من سارقي الكتب، فالسارق الشبيه بحماد الراوية - برأيي - أفضل بكثير ممن يقتات على بيع كتبه المهداة. لذا تجدني لا أخجل من سرقاتي لكتب الأصدقاء - مثل فطاحلة الشعراء الذين لا ينكرون سرقاتهم لأبيات شعرية من شعراء أكبر منهم. من أجمل الكتب التي سرقتها كتاب - أيام عبدالحق البغدادي - للخطاط الشهير محمد الصكار وكان مكتوبا عليه إهداء لصديقتي، لم أسرقه لمضمون الكتاب، بل لأن الإهداء كان مكتوبا بخط الصكار الذي عندما التقيت به آخر مرة في أبوظبي.. أسر لي أنه لم يعد يكتب حرف الراء كما ينبغي بسبب ضعف في أوتار ساعده.. عندها قررت أن أحتفظ بالكتاب المهدى للصديقة ميرة.. فلا فرق بين ميره وعبير في عالم الخطاطين. رحم الله الصكار.. ورحم كل الكُتاب الذين يسرفون بإهداءاتهم لأصدقاء لا يستحقون.