أكدت ابنة الفنان العراقي الراحل محمد سعيد الصكار الذي توفي أول من أمس، في العاصمة الفرنسية باريس، قبل شهر من إتمامه عامه الثمانين وبعد أسبوع على تكريمه في معهد العالم العربي في باريس، أن جثمان والدها سينقل ليدفن في بغداد بناء على رغبته ووصيته. وقالت راية الصكار إن والدها توفي أول من أمس، جراء مرضه وبعد إقامة طويلة في المستشفى، مشيرة إلى أن الإجراءات بدأت أمس، لنقل جثمانه إلى بغداد. كما أبدت حرصها على شكر كل الأشخاص والأصدقاء «من محبي الصكار» الذين لم يكفوا عن الاتصال منذ انتشار الخبر وهم «جعلونا نصبر على تحمل هذه المناسبة الأليمة». ولم تعلن راية الصكار تاريخاً محدداً لنقل الجثمان إلى بغداد، مشيرة إلى أن «الإجراءات تأخذ وقتاً». وكان الراحل عاد في كل تلك الفترة مرة واحدة إلى العراق عام 2004 عقب اسقاط نظام صدام حسين وبعد غياب 26 سنة. وزار خلال تلك الرحلة البصرة وبغداد واستقبل باحتفاء وترحيب كبيرين. وكان الصكار قدم قبل نحو أسبوع إلى معهد العالم العربي خلال حفلة تكريمه على كرسي متحرك، وكرر عبارته الشهيرة التي لطالما ردّدها في السنوات الأخيرة «حبري أسود فلا تطلبوا مني أن أرسم قوس قزح» في إشارة إلى ما آلت إليه الأوضاع في العراق. وحول هذا التكريم، ذكرت ابنته أن والدها كان في غاية السرور بخاصة وأن التكريم أتى بمبادرة من السفارة العراقية في باريس، بعدما اضطر الصكار لمغادرة العراق قسراً إلى أوروبا حيث استقر في باريس التي اختارها لتكون منفاه الإجباري اعتباراً من العام 1978. والصكار أحد أهم الخطاطين العرب في العصر الحديث لدرجة أنه لقب ب «شيخ الخطاطين» وب «شاعر الحرف». ومارس في بغداد العمل الصحافي محرراً ومصمماً لصفحات الصحف والمجلات. واشتهر بمشروعه ل «الأبجدية العربية المركزة» والذي وضعه لجهاز الكومبيوتر قبل أربعين عاماً، ومنه أخذت أولى التطبيقات المعلوماتية التي مكّنت مصممي أجهزة الطباعة الإلكترونية من تصميم النصوص العربية المتنوعة في حروفها والمستخدمة حالياً. وعرف المشروع حينها ب»مشروع الصكار للأبجدية العربية» ونال عنه براءة اختراع بعد أن اختصر وكثف عدد الحروف لتتلاءم مع الطباعة. وكان هذا المشروع بالذات مثار جدل كبير في العراق حيث عانى الصكار من ممارسات النظام العراقي، ما دفعه الى مغادرة بلده ليحط رحاله في باريس حيث تفرغ للعمل الفني في محترفه إلى أن حال وضعه الصحي دون ذلك. وأصدر الصكار 14 كتاباً خلال مسيرة حافلة بالإبداعات. ورسم قصائد لمحمود درويش وسميح القاسم، فضلاً عن بدر شاكر السياب ومحمد مهدي الجواهري والشعراء العرب القدامى في نصوص، أضفت إلى جمال المعنى جمال الشكل. وكان «شاعر الحرف» يكرر أنه أقرب إلى الشعر ويحب أن يصف نفسه بالقول: «أنا شاعر في خطي وملون في شعري». أقام الصكار العديد من المعارض التشكيلية ومعارض فنون الخط عبر العالم، أما نصوصه الشعرية فترجمت إلى لغات عدة بينها الروسية والهولندية والدنماركية والإسبانية والكردية والبلغارية، فضلاً عن الانكليزية والفرنسية. ولد الصكار عام 1934 في المقدادية شمال شرق بغداد، لكنه نشأ في البصرة التي ظلت بارزة في أعماله الحروفية وأيضاً الشعرية، حيث أصدر ديوانه «أمطار» عام 1962 وديوان «برتقالة في سورة الماء» (1968) ثم ديواناً آخر بالفرنسية في الثمانينات.