«السعودية هي الأمل الوحيد في منطقة يصعب أن تجد فيها أي شيء من التفاؤل»، هذه الخلاصة التي خرج بها الدبلوماسي الأمريكي الرفيع دينيس روس، بعد زيارته الأخيرة إلى الرياض، مبديا تفاؤله بمستقبل المملكة، في ظل منطقة غارقة في بحر من الأزمات. وكتب دينيس روس المبعوث الأمريكي الأسبق للسلام في الشرق الأوسط، مقالة في صحيفة «واشنطن بوست» تحت عنوان «ثورة إصلاحية في السعودية»، سرد فيها انطباعاته في أعقاب زيارة قام بها أخيرا إلى الرياض. وقال: «خرجتُ من المملكة وأنا أشعر بالتفاؤل حيال مستقبلها»، مضيفا: «في الحقيقة أن السعودية التي زرتها للتو تبدو بلدا مختلفا عن تلك السعودية التي تعودت أن أزورها منذ العام 1991، هناك حالة نهوض وصحوة تجري حاليا في المملكة، والقيادة العليا هي التي تقود هذا النهوض». أبرز ما لفت نظر روس الذي عمل مستشارا في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأولى، وجود إصلاحات اقتصادية كبيرة تجري في السعودية حاليا، والملاحظة الأبرز التي التقطها الدبلوماسي الأمريكي أن السعودية تحولت إلى عاصمة النشاط والعمل في المنطقة، لافتا إلى أن «أكثر من وزير ومسؤول رسمي أبلغونا بأنهم يعملون بواقع 80 ساعة أسبوعيا وذلك في الأحوال الطبيعية لهم»، وهو ما يعني أن معدل العمل اليومي للوزير في السعودية حاليا يتجاوز ال11 ساعة يوميا طيلة أيام الأسبوع السبعة. محمد بن سلمان يعمل نصف اليوم وتعيد كلمات روس إلى الأذهان الشهادة التي أدلى بها صحفيون من وكالة «بلومبيرغ» التقوا بالأمير محمد بن سلمان في مكتبه بالرياضمرات عدة، وانتهوا إلى نتيجة مفادها أن الأمير الشاب يواصل العمل يوميا لأكثر من 12 ساعة، ويجلس في مكتبه لساعات طويلة مرتديا ملابس غير رسمية (كاجوال)؛ ليتمكن من إنجاز أكبر كم ممكن من الأعمال اليومية. حضور واسع للمرأة أما الملاحظة الثانية التي يبديها دينيس روس من زيارته الأخيرة إلى المملكة، فهي أن المرأة بات لها حضور أكبر وأوسع من ذي قبل، لافتا إلى أن سيدات سعوديات حضرن اللقاء الذي انعقد مع وزير الخارجية عادل الجبير، كما أن النساء شكلن نصف الحاضرين في لقاء اجتماع حضره روس بإحدى الكليات المهمة في الرياض. وينتهي روس إلى القناعة بأن «لدى السعودية خططا طموحة للمستقبل تقوم على تنويع الاقتصاد وإنهاء الاعتماد على النفط، والحفاظ على رؤوس الأموال من أجل الاستثمارات المحلية، وتشجيع الشفافية والمساءلة»، لافتا إلى أن كلا من «الشفافية» و«المساءلة» كانتا أمرين مفقودين في الماضي. تنمية وحداثة ويتابع روس: «ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أكد لنا أن لا عودة إلى الوراء، وأن الأيديولوجية الوحيدة الموجودة لدى المملكة حاليا هي التنمية الوطنية والحداثة»، مضيفا: «بالنسبة للأمير فلا خيارات سوى المضي قدما بالأهداف الطموحة التي تم تحديدها في خطة التحول الوطني و«رؤية 2030» وهي رؤية تتضمن تأسيس صندوق للاستثمارات العامة، وتطوير صناعات السياحة الوطنية ومراكز الترفيه». ويشير الدبلوماسي الأمريكي إلى أن «الإصلاحات التي شهدها النظام التعليمي في السعودية أدت إلى وجود أكثر من 80 ألف طالب مبتعث حاليا للدراسة خارج المملكة، حيث سيعودون إلى بلدهم ومعهم مهارات حديثة، وعقول متفتحة، كما أن النساء يتم دمجهن حاليا في الوظائف وبكل القطاعات والمهن. كما أن 70% من السعوديين تقريبا هم دون سن الثلاثين عاما، وهؤلاء الشباب ليسوا فقط منفتحين على التغيير، بل إنهم يبحثون عنه». وبعد استعراضه للخطط والتحولات في المملكة، يقول دينيس روس في مقالته: «الأمير محمد بن سلمان أكد أن الحكومة يجب أن تفعل ما قالت إنها ستفعله» في إشارة منه إلى أنه لن يسمح بإخلاف الوعود أو النكوص عن الخطط التي تعتزم القيادة السعودية تنفيذها. وأضاف روس: «الأمير محمد كان معتزا، بالتأكيد أن الحكومة نجحت بالفعل في رفع الإيرادات المالية بواقع 30% حتى الآن، وخفضت العجز في الموازنة بأكثر من التوقعات، ورفعت الانضباط في الموازنة».