من تجميد المفاوضات على معاهدة تجارية إلى تحسين توزيع الثروات أو تليين التدابير الحمائية يسعى قادة مجموعة العشرين إلى حلول لتبديد الريبة المتنامية لمواطنيهم إزاء العولمة وحرية التجارة. حتى وإن كان الإعلان النهائي لقمة هانغتشو في شرق الصين سيؤكد على وحدة مواقف القادة في تنمية التجارة الدولية وإنعاش النمو، ولم يسبق لدول مجموعة العشرين إن تبنت هذا الكم من التدابير الجديدة لتقليص مبادلات السلع والخدمات منذ سبع سنوات؛ إذ تراجعت وتيرة نمو التجارة العالمية إلى ما دون عتبة 3% منذ الأزمة المالية 2008 - 2009 مقارنة مع أكثر من 7% خلال العقدين السابقين. ويتهم الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالصين بالتسبب بخلل في سوق الفولاذ العالمي عبر إغراقه بفائض إنتاجها الهائل. من جهته، قال مسؤول مشارك في القمة طلب عدم الكشف عن اسمه لفرانس برس: «إن قادة العشرين أقروا جميعهم في هانغتشو بأن الناس لم يشعروا بفوائد العولمة، وبعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي بات القادة يبذلون جهدا لطمأنة مواطنيهم مع اقتراب استحقاقات انتخابية مهمة ولا سيما في فرنساوألمانيا في 2017». ولكن التردد ملموس في الولاياتالمتحدة، إذ أعلن المرشح الجمهوري إلى البيت الأبيض دونالد ترامب وكذلك منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون معارضتهما لإبرام اتفاقات تجارية جديدة على غرار اتفاقية «تافتا» الجاري التفاوض بشأنها مع الاتحاد الأوروبي. ورغم أن الرئيس باراك أوباما حضر إلى (هانغتشو) لتسريع إبرام الاتفاقية التجارية عبر الأطلسي مع بروكسل قبل رحيله من البيت الأبيض في يناير القادم، فقد دعا نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند إلى تجميد المفاوضات. فيما قال هولاند بعد وصوله إلى هانغتشو: «إن فرنسا تؤيد العولمة ولكن شرط أن توضح لها ضوابط، أن تكون هناك مبادئ وأنظمة، لاسيما بالنسبة للبيئة والضمانات الاجتماعية». وشددت الحكومة الفرنسية موقفها في الأيام التي سبقت قمة العشرين، ودعا رئيس وزرائها مانويل فالس إلى «وقف لا لبس فيه» للمفاوضات. لكن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر رد في هانغتشو بقوله: «لا جديد تحت الشمس»، مؤكدا أن المفاوضات لن تتوقف وأن بروكسل تحتفظ بصلاحياتها للمضي بها رغم اعتراض باريس وبرلين كذلك. في حين رفض وزير الاقتصاد الألماني الاشتراكي الديموقراطي سيغمار غابرييل القول بأن المفاوضات فشلت عمليا لأن الأوروبيين لا يريدون الرضوخ للمطالب الأمريكية، لكن المستشارة المحافظة آنغيلا ميركل تواصل الدفاع عن مشروع الاتفاقية. ولكن أمام صعود حزب البديل الألماني الشعبوي الذي حقق فوزا انتخابيا كبيرا في منطقة في ألمانياالشرقية الشيوعية سابقا، باتت ميركل تدعو إلى توزيع أفضل للفوائد الناجمة عن المبادلات التجارية. وقالت ميركل خلال قمة العشرين: «لا تقتصر العولمة على الإيجابيات فهي تسبب كذلك فروقات متزايدة بين المجتمعات السكانية، ومكافحة الفروقات مسألة مهمة لضمان وجود علاقة مستدامة بين النمو والعدالة الاجتماعية».