أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ في افتتاح قمة مجموعة العشرين، أن «الاقتصاد العالمي مهدد بتنامي الحماية التجارية وأخطار الأسواق المالية». ووردت تحذيرات شي بعد محادثات ثنائية مع نظيره الأميركي باراك أوباما التي وصفها الأخير، بأنها «بناءة جداً، ولا تزال تشير إلى مجالات كبرى للتعاون». لكنها فشلت في تقريب مواقف الطرفين في شأن قضايا شائكة مثل التوترات في بحر الصين الجنوبي. ومع افتتاح أعمال القمة بعد تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي وقبيل انتخابات الرئاسة الأميركية، توقع المراقبون أن يدافع زعماء مجموعة العشرين عن حرية التجارة والعولمة، وأن يحذروا من العزلة.وقال شي إن الاقتصاد العالمي «يمر في منعطف خطير»، في ظل «تباطؤ الطلب وتقلب أسواق المال وضعف الاستثمار». وأضاف: «تتلاشى تدريجاً محركات النمو من الجولة السابقة للتقدم التكنولوجي، في حين لم تحصل جولة جديدة من الثورة التكنولوجية والصناعية بعد على القوة الدافعة». ولفت نائب كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني كويتشي هاجيودا في لقاء مع صحافيين على هامش القمة، إلى حصول «التزام باستخدام أدوات السياسة الثلاث، المتمثلة في السياسات النقدية والمالية والإصلاحات الهيكلية، لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل». ورأى شي ضرورة «تحويل مجموعة العشرين إلى فريق عمل لا منتدى للكلام». وأجرى شي محادثات مع رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم ترنبول أمس، وأبلغه أمله في أن «تواصل أستراليا توفير بيئة شفافة ونزيهة للمستثمرين الأجانب». واستاءت الصين عندما أوقفت أستراليا صفقة بعشرة بلايين دولار أسترالي (7.7 بليون دولار) لبيع أكبر شبكة كهرباء في البلاد، إلى مستثمرين صينيين الشهر الماضي. واتهمت الصينأستراليا بالرضوخ لسياسات الحماية التجارية، برفضها بيع شبكة «أسجريد» ومنعها كذلك صفقة لبيع شركة «كيدمان أند كو» للمواشي إلى كونسورتيوم تقوده الصين. وأشارت ورقة عن العلاقات الصينية- الأميركية صدرت أمس، إلى أن الجانبين «اتفقا على عدد من القضايا، من بينها تفادي التنافس في خفض قيمة العملة وعدم وضع حدود لفرص التجارة أمام الشركات الأجنبية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات». وبدأت أعمال القمة أمس في مدينة هانغتشو في الصين المشهورة بمناظرها الجميلة، ما يمنح قادة الصين فرصة لإظهار بروز بلادهم كقوة كبرى على الساحة العالمية. لكن محللين استبعدوا خروج القمة باختراقات أو نتائج جدية، لعدم وجود أزمة ملحة على رغم أجواء المشاكل الاقتصادية وتباطؤ النمو العالمي. إذ رأوا أن من دون وجود أزمة حادة تحفز على التغيير، سيكون من الصعب على قادة كثر إطلاق التزامات مهمة، في ظل المشاعر المتزايدة المعادية للعولمة. وتوالت مواقف القادة المشاركين في القمة، إذ حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، من أن العالم «يواجه خليطاً ساماً من النمو البطيء الطويل المدى وتزايد انعدام المساواة، ما يخلق توجهات سياسية إلى الشعبوية وزيادة المعوقات التجارية. وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم ترنبول، أن أسترالياوبريطانيا «ملتزمتان بقوة التوصل إلى اتفاق مبكر للتجارة الحرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وأعلنت ماي وهي في طريقها لحضور القمة، أن اقتصاد بريطانيا «سيعاني نتيجة قرار ترك الاتحاد الأوروبي، وذلك على رغم البيانات الاقتصادية التي أظهرت أخيراً، أن التأثير لن يكون سيئاً إلى الحد الذي تشير إليه التوقعات». وقال ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس خلال لقائهما على هامش القمة، إن التعاون بين روسيا والسعودية «سيعود بالنفع على سوق النفط العالمية». إذ تسعى روسيا والسعودية أكبر منتجين للنفط في العالم، إلى إيجاد السبل لدعم سوق النفط الضعيفة. وأبلغ بوتين الصحافيين أن «من المهم لروسيا بقاء الحوار مفتوحاً مع السعودية». وفي المواقف الأوروبية، رأى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ضرورة أن «تضع الصين آلية لمعالجة مشكلة فائض الطاقة الصناعية لديها». واعتبر أن «ليس مقبولاً أن تفقد صناعة الصلب الأوروبية حجم الوظائف الذي فقدته في السنوات الأخيرة». وأوضح في مؤتمر صحافي خلال القمة أن على بريطانيا «التزام قواعد السوق المشتركة، إذا كانت تريد فتح السوق الأوروبية المشتركة أمامها». ولفت إلى أن «السلطات الوطنية لا تستطيع منح مزايا ضريبية لبعض الشركات دون البعض الآخر». ألمانيا: الاتفاق على تعزيز النمو دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال انعقاد قمة مجموعة ال20 بالصين اليوم، إلى مكافحة اللامساواة الاجتماعية. وقالت إن قادة مجموعة ال20 المجتمعين في الصين اتفقوا على ضرورة العمل معاً لزيادة النمو الاقتصادي العالمي. ورحبت بتركيز الصين على الإصلاح الهيكلي خلال فترة رئاستها للمجموعة، التي قالت إنها تنوي تشكيل فريق عمل في شأن الابتكار. وأكدت في مستهل القمة المنعقدة في مدينة هانغتشو أنه ليس مسموحاً بإهمال العنصر الاجتماعي عند إنعاش الاقتصاد العالمي الضعيف. وأضافت: «تحدثنا عن أهمية الابتكار والتعليم، ولا سيما بالنسبة للشباب والنساء اللائي لم يشاركن بشكل كافٍ في الحياة العملية». يشار إلى أن ألمانيا ستتولى رئاسة مجموعة ال20 في الأول من شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وستُعقد القمة العام المقبل في هامبورج. وبينت المستشارة الألمانية أن رقمنة الاقتصاد ستكون موضوعاً محورياً في العام المقبل. وفي الجانب السياسي من اللقاءات، التي عقدتها المستشارة الألماني على هامش القمة، قالت ميركل بعد اجتماعها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنها تأمل في سماع أنباء طيبة عن النزاع في شأن زيارات مشرعين ألمان لقاعدة جوية تركية ترفضها أنقرة منذ حزيران (يونيو)، وأضافت: «إنها وأردوغان اتفقا على أن العملية السياسية التي تهدف لإنهاء القتال في سورية يجب أن تستأنف، إذ إن الوضع في حلب غير مقبول، وهناك حاجة ملحة إلى وقف إطلاق النار». مشيرة إلى أنها «تلمس وجود فرصة لتسوية الخلافات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد، لكنها أوضحت أن الأمر قد يستغرق أسابيع للتوصل إلى اتفاق». وقالت: «المحادثات مع المفوضية الأوروبية مكثفة ومستمرة». وكانت تركيا حظرت الزيارات لقاعدة إنجيرليك الجوية الواقعة قرب الحدود السورية منذ أن أقر البرلمان الألماني قراراً في يونيو يعلن أن مذبحة 1915، التي ارتكبتها القوات العثمانية بحق الأرمن، إبادة جماعية، لكن مشرعاً ألمانياً قال أمس، إنه يتوقع حل القضية هذا الأسبوع. أولويات فرنسا الاقتصادية حدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أولوياته بالنسبة إلى آخر قمة يشارك فيها لمجموعة ال20 خلال ولايته، وفي مقدمها المصادقة «في أسرع وقت» على اتفاق المناخ والتصدي لتمويل الإرهاب وللملاذات الضريبية. وقال هولاند أمام الصحافيين أمس في هانغتشو: «إن فرنسا تؤيد العولمة، لكن شرط أن يتم تنظيمها، وأن يكون هناك مبادئ، معايير، وخصوصاً بالنسبة إلى البيئة والمجال الاجتماعي». وألمح مجددا إلى رفضه التوصل سريعاً إلى اتفاق للتبادل الحر بين أميركا والاتحاد الأوروبي، بعدما نبه إلى أنه لا يمكن بلوغه قبل نهاية 2016، باعتقاد فرنسا. وأضاف: «لن أقبل إذاً باتفاقات تجارية لا تكون مستندة إلى هذه المبادئ، نعم للانفتاح، نعم للتبادلات، ولكن وفق شروط ومبادئ». وفي وقت سابق، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الموجود أيضاً في هانغتشو أن بروكسل ستواصل التفاوض مع أميركا. من جانب آخر، أكد هولاند أن أولويته الأولى هي المصادقة بحلول نهاية العام على الاتفاق العالمي حول المناخ الذي تم التوصل إليه في كانون الأول (ديسمبر) في باريس. وأوضح أن «الأولوية الثانية» تكمن في «أن نكون قادرين، في مكافحة الإرهاب، على تجنب ثغرات في النظام المالي». وأبان أن الأولوية الثالثة لفرنسا هي «مكافحة الملاذات الضريبية والتهرب الضريبي» عبر وضع «لائحة بالملاذات الضريبية» يجب أن تصادق عليها مجموعة ال20.