اقتنص نجيب محفوظ في مقهى الفيشاوي، شخصية «عاشور الناجي»، الذي شكل محور رائعته السردية «الحرافيش»؛ إذ انتقل بالقارئ من واقعه المادي المحسوس، ليغوص به في عمق المجتمع المصري داخل الحارات الشعبية. ولا تزال جدران وكراسي وديكورات ذلك المقهى، شاهدة على المسودات الأولية لهذه الروايات التي أهلت نجيب محفوظ ليتربع على عرش الكتابة الروائية العربية، والفوز بأرفع جائزة كونية «نوبل للآداب». ومازال زقاق «خان الخليلي» ومقهى «الفيشاوي»، يعجان بزخم مظاهر الحياة المصرية القديمة المتجددة، التي تؤجج الرغبة في الكتابة السردية والإبداع القصصي والروائي، تلك الحياة التي لقيت في الأديب العربي نجيب محفوظ عينا لاقطة ثاقبة، وعبقرية أدبية فذة، جعلته يرتقي بها إلى أعمال روائية تنافست دور النشر على نيل طبعها، وسارع القراء والأدباء والمثقفون والأكاديميون للاستمتاع بقراءتها وكتابة الأبحاث والدراسات حولها. إذن، فإن «مقهى» الفيشاوي «من أهم المقاهي الأدبية العربية، يقع في الزقاق الطويل» خان الخليلي «في قاهرة المعز، ذلك المقهى قبع في أحد أركانه لسنوات طويلة الأديب نجيب محفوظ، العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل للآداب (1988)، فكان المقهى بالنسبة لمحفوظ مصدر إلهام حقيقي بما للكلمة من معنى. ذلك المقهى العتيد، الذي أسسه الحاج علي فهمي الفيشاوي منذ مئتي عام ونيف (1797)، استمد شهرته العالمية من روايات نجيب محفوظ، الذي جعله مقرا لجلساته الأدبية لأكثر من ثلاثة عقود، فاتخذه مقرا له ليتأثر به في كتاباته التي تناولت الشخصيات المصرية البسيطة، ودخلت إلى «أعماق الحارة» وعالمها الخفي، ليقدم إبداعا أدبيا فريدا عبر فيه عن واقع المجتمع المصري، من خلال روايات: أولاد حارتنا، الثلاثية، زقاق المدق، الحرافيش.