الثقافة بمفهومها الشامل كمصطلح، هي التراث الفكري الذي يميز مجتمعا عن آخر بكل عقائده وأخلاقياته وقيمه. فهي ترسم الهوية الفردية في المجتمع عبر التراكمية والتوارث والاستمرارية من جيل إلى جيل. وهي تتطور وتتغير وفقا للتطور والتغير الواقعي للمجتمع. يرى بعض المتخصصين أن الثقافة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول هو العموميات؛ كالدين واللغة.. وهي مقاوِمة قوية للتغيير. والقسم الثاني هو الخصوصيات؛ كالظواهر الخاصة بالثقافات الصغرى داخل المجتمع.. وهي أقل مقاومة للتغيير. والقسم الثالث هو البديلات؛ كالموضة وطبيعة الحياة اليومية.. وهي أكثر الأقسام عرضة للتغيير. لم تعد ثقافة أي مجتمع بمعزل عن ثقافات العالم، فكل ثقافة متفاعلة مع بقية الثقافات بشكل مباشر، تؤثر فيها وتتأثر بها. ولم يعد جزء الحياة اليومية هو الجزء الوحيد سريع التأثر، كما أن (العموميات) لم تعد تحظى بحصانتها ضد التغيير. أكثر ما يؤثر في الثقافة الداخلية لأي مجتمع هو الحركة الفكرية لمثقفي وأدباء ذلك المجتمع. فهم من يؤثر بشكل فعال في الذائقة الثقافية المحلية وسلوك أعضاء المجتمع، خصوصا جيل طلاب المدارس في التعليم العام. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الأدباء والمثقفين السعوديين المعاصرين ليس لهم حضور كاف في المناهج الدراسية. يوجد روائيون وشعراء وكتّاب سعوديون لهم إنتاج أدبي وثقافي مميز، لكن طلاب المدارس لا يعرفونهم ولا يعرفون منتجهم الفكري. رغم أن هذا المنتج هو جزء من صناعة الواقع الثقافي الحالي. (الأدب المحافظ) ليس المقصود به الأدب الإسلامي فقط. فالأدب المحافظ ينطلق من قاعدة العموميات الدينية. أي أن الأدب المحافظ والأدب القومي والأدب الإسلامي ليسوا أطرافا متناقضة. بل الأول والثاني يدخلان تحت مظلة الثالث بالضرورة في المجتمع السعودي –بشكل أو بآخر-. إن عزل أو إقصاء بعض الأدباء والمفكرين والمثقفين السعوديين عن المناهج التعليمية –لأسباب قد تكون نسبية في نظر واضع مفردات المواد التعليمية والمناهج- يساعد على سرعة نمو (الثقافة البديلة)؛ وهو مصطلح يصف ازدواجية في الثقافة المجتمعية بين الواقع المعاش والنظري المعلن في وسائل الإعلام والمناهج التعليمية. لننشئ جيلا متوافقا مع الثقافة التي نعيشها، وليس جيلا يعيش واقع (ثقافة بديلة)، يجب إثراء المنهج المدرسي بثقافة الأديب والمفكر والكاتب السعودي من شعر ونثر. [email protected]