هذا أديب مفكر من المعاصرين في مصر يمتاز بالموسوعية في الفكر الأدبي الذي شغله عقوداً من الزمان بدءاً بإشرافه على تحرير صفحة الفكر والثقافة في صحيفة الأهرام ذلك الملحق الثقافي الذي كان يصدر أسبوعياً يوم الجمعة وكان سامي خشبة في إطار تلك الصفحة يركز على النواحي الثقافية والأدبية والفكرية وما أحسن من ذلك إلا المصطلح الفكري وهو زاوية في ذلك العدد الجمعي يعرّف فيه أسبوعياً مصطلحاً فكرياً خلف مصطلح آخر وكان في ذلك شديد التركيز لأن الرجل يقوم بتعريف المصطلحات، هذه بعض عناوين المصطلحات: اتصال ثقافي - اجتماعية المعرفة - التطور الاجتماعي والثقافي - تقاليد شعبية - عقلانية - علامات - فلسفة - لا منتمي - نزع الإنسانية - واقعية - نظرة عالمية. ومع مرور الأيام والأسابيع في صحيفة الأهرام جمع سامي خشبة تلك المصطلحات ووضعها بين دفتي كتاب صادر عن المكتبة الأكاديمية سنة 1994م بالقاهرة وقد جمعها فوصل بها إلى ثلاث مئة مصطلح، ويريد المؤلف والمفكر سامي تركيز المفاهيم في ثقافتنا العربية المعاصرة وكأنه يقول للمتلقين في هذا الجيل الصاعد أن هذا الكتاب قدمه لهم كي يقوموا بتجربة فكرية وثقافية وأدبية من أجل المرحلة القادمة في علم الأدب والفكر والثقافة، كما يوضح الرجل أن كتابه قد تجاوز الأسلوب المعجمي للمصطلحات إلى التعريف بالمفكرين وأفكارهم وماتوصلوا إليه من معلومات وآراء وأفكار، ولاشك أن الذين تابعوا ذلك في الأهرام خلال الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي قد تذكروها الآن بعد جمعها في كتاب وهو عمل علمي نافع لأن المؤلف قد رجع في كتابتها أي المصطلحات إلى مصادر ومراجع كتابية وصحفية وثقافية بحيث يخرج لنا كل جمعة في الأهرام الأمر الذي كان ينتظر بفارغ من الصبر إلى ذلك اليوم. ويبدو أن سامي خشبة قد توغل في مصطلحاته الفكرية إلى مقولات وشهادات وآراء وأفكار مختلفة يدخل فيها الأدب والدين واللغة والمعرفة بحيث قد يعاد النظر إلى تحرير بالعملية المصطلحية من ناحية المعتقد بالنسبة لبعض النصوص المختلفة الرؤية لكن ذلك يبقى من محصول ثقافة الرجل ومعلوماته التي يوضحها في كل مصطلح وهو الأمر الواضح الذي استند فيه على الفكر الإنساني والفكر العربي والإسلامي إلا أن ذلك يبقى أقل مما كان القارئ يترقبه من الفكر الديني والثقافة الإنسانية والإسلامية، ومن خلال كتاب (مصطلحات فكرية) يمكن للقارئ أن يستفيد من كثير من هذه المصطلحات نظراً لاحتوائها على معلومات كثيرة ووجهات نظر مختلفة الذي باستطاعته أن يميز بين الإيجابي والسلبي. انطلق المؤلف من خلال رؤية أدبية وثقافية ليحتوي المعلومات ويركزها فيما ما طرح بين التأصيل الفكري والمعاصرة الثقافية ليرى في بعض المصطلحات أنه حداثي وأنه مشخص للمعلومات بأرقى درجة من الفكر الإنساني العظيم الذي يتمتع به سامي خشبة، ولم يتوقف عند هذا الحد الثقافي بل أدرج معلومات مصطلحية من خلال العلوم الإنسانية والسياسية والتاريخية والنفسية كذلك ويحدد مصطلحاته بالتواريخ الموثقة لمقولات المفكرين والأدباء والمثقفين، ولن يتسنى لنا احتواء هذه المصطلحات إلا بفهم المراجع الفلسفية التي رجع إليها المؤلف لأن كتابه غني بالطروحات التعريفية والمصطلحات المبينة. وإذا ما عدنا إلى كتاب آخر للخشبة فإننا نجد كتاباً يحوي موسوعة عن المفكرين من عصرنا الذين ترجم لهم سامي بتركيز مع تعريف وجيز إلا أننا نجد عن كل مفكر معاصر أطيافاً من المعلومات أو الترجمات أو أسماء الكتب والمصنفات التي ساقها عند أكثر من هؤلاء الذين ترجم لهم والذين يعجبك من المؤلف طرحه المعرفي والتعريفي ومن خلال ذلك يأتي بأفكار لكل مفكر معاصر عرباً وعجماً في حوالي صفحتين أو دون ذلك أو أكثر من ذلك وعلى سبيل المثال فقد ترجم المؤلف للمفكر الإسلامي والأديب العربي أحمد أمين المتوفى سنة 1954م، مستهلا ترجمة هذا الرجل بقوله: (واحد من أكبر العقول العربية في العصر الحديث وأحد رواد إحياء الفكر العربي في مجالات مثل الفلسفة والنقد الأدبي والتاريخ الثقافي والنقد الاجتماعي ثم يستطرد التعريف بقول سامي وعلم المعاجم والموسوعات والفكر المقارن)، فهذا مثل لترجمة من تراجم (مفكرون من عصرنا) مما يدل أن المؤلف قد عاد إلى كتب العلوم والآداب والفنون والعقائد والأديان، التي استند عليها لطرح التعريف الخاص بكل مفكر معاصر وله أي للمؤلف منهج موضوعي للتعريف وفهرسة لأعلامه المفكرين بالحروف الأبجدية مع ذكر سنة الميلاد وسنة الوفاة علماً بأن مؤلفنا سامي خشبة قد توفي سنة 2008م الشيء الذي ينبغي التنبيه إليه بين سنة وفاة كل مفكر وسنة وفاة المؤلف، ومن أشهر الذين ترجم لهم المؤلف أحمد لطفي السيد وأحمد شوقي وأحمد حسن الزيات والإمام محمد عبده ومحمد مندور ومصطفى عبد الرازق ومحمد شفيق غربال ومحمد حسين هيكل ومن الغربيين ترجم سامي خشبة لأرنولد توينبي، وهنري ماكسي، وكارل جوستايونز وكثير من المفكرين استوعبهم هذا الكتاب الذي يعد عملاً فكرياً متميزاً ومشروعاً معرفياً نافعاً. وتبدو فكرية المعرفة عند سامي خشبة مميزة بشؤون وشجون الفكرة المعرفية التي تسدي المعلومة إلى شخص مترجمه الذي يبدو وكأنه خرج من كهف التاريخ الى دنيا الحياة العصرية. وعلى الرغم أن المعاصرة حداثية معرفية ورنات من المساهمة الثقافية ليحلو لنا نحن القراء المتلقين المفكر من عصرنا وكأنه ظهر للتو. إن المفكر في نظر سامي خشبة هو ذلك العالم الذي يأتي من خلف التاريخ أو الملهم يكتب خارطة الطريق ليرى بأم عينيه الفكرة المعرفية والنص الثقافي ليرسم ببراعته صورة طبق الأصل لشخص المفكر المعاصر. وإذا أردنا الجمع بين كتابيه فإنه أمر مهم، وشأنه دافع لمعرفة أصول الكتابة الفكرية عند هذا الرجل الشهم في حياته: حياة الثقافة ومجال الفكر الإنساني الرحيب، ولغة الأدب ذي الأسلوب البياني والموجز غير المخل، حيث يفيد ويجمع بين كل مصطلح وشخصية من الشخصيات فيتم هذا المسار بكل درب معنوي واضح المعالم والصور. وإذا أردنا عدداً لكل من المصطلحات ومن الشخصيات المفكرين فإننا نلقى موسوعة ً بين الكتابين (مصطلحات فكرية) و (مفكرون من عصرنا) بحيث يغنينا المؤلف بالمعلومات الفكرية والرؤية الثقافية التي ينجزها من خلال طروحاته المطروحة في سبيل بناء كون من المعاني في الفكر الإنساني والأدب البشري، وهذا يؤدي بنا إلى المقارنة بين الكتابين لا من حيث العددية الرياضية ولكننا نتحدث عن بناء شامخ من الأفكار والآراء والمعارف، وكل ذلك بتم بحسب حسن التناول وطرح الأفكار التي تفضي بنا إلى هذا الكون المعنوي، ونجد أن الأسلوب الذي إتخذه المؤلف من خلال كتابيه أسلوباً سهلاً ممتنعاً على سواء ويعتبر ذلك أمراً قطعياً للمعلومة المطروحة من خلال الأفكار والمفكرين. وينبغي لنا أن نمعن النظر عندما يتحدث هذا الرجل في تعريفه للمصطلح الفكري أو في ترجمته للمفكرين المعاصرين نجد أن كتاب ( مفكرون من عصرنا ) باذخ الفكر والمعنى ومتواضع في الطرح الذي عمقه من خلال مايعرف ويصنف في الكتابين، وهذا يؤدي بنا إلى الشفافية والمصداقية في الطرح الخشبي إذا جاز لنا التعبير وإمعانه في جلوة التحرير بالمفكر او التعريف بالمصطلح. وإذا أردنا أن نلامس الفن الأسلوبي عند سامي خشبة نجد ذلك في كتابه المفكرون لأنه يتناول كل مفكر بالطرح الأسلوبي الموجز ولكنه في نفس الوقت تناول موضوعي وفكري واضحين، ومن المعلومات المضغوطة والمركزة تعريفه لأمين الخولي بقوله: ( هو المفكر الإسلامي المصري التجديدي الكبير، وثاني أثنين من تلامذة الإمام محمد عبده مع الأستاذ أحمد أمين ) فهذا الإستهلال للتعريف بالمفكر هو عن نص يرمي بنا إلى الوعي بأقل كلفة وأقل وقت أو زمان لأن مثل هذا الرأي أو الأسلوب أو التناول ليس بهين بل هو يفضي بنا إلى علم البلاغة والبديهة على اننا لا نقول ذلك تضخيماً أو تعميقاً لذلك وإنما مرادنا ومقصدنا هو إعطاء جرعة فكرية ومعرفية وأدبية وإنسانية ليس إلا والدليل على ذلك تعريفه لتاريخ العقليات كمصطلح فكري وهو أمر مضغوط في نصف صفحة من القطع المتوسط ويقول أن هذا العلم أفكار كل الناس من الفلاحين والأميين إلى الفلاسفة العلماء وهو أيضاً الحساسية الشائعة التي تجسدها الفنون السائدة وكيف تبقى أو تختفي أفكار وحساسية ومفاهيم وقيم وكيف تتفاعل او تتناقض مع ظروف بعينها أنظر في ( مصطلحات فكرية صفحة 109 رقم 43 ). فإننا نجد في ذلك مثلاً على ماقلنا على التركيز المعنوي في كتابات المؤلف بحيث وفي مصطلح تحديث يعرج بنا المؤلف إلى أن الغربيين يعنون بالتحديث قيام المجتمعات غير الغربية بإقتباس ما أنتجه المجتمع الصناعي الغربي منذ القرن التاسع عشر، أو ماقبله ليس فقط من نظم عسكرية وإدارية وتعليمية وغيرها مثلما حدث في تركيا العثمانية منذ أواخر القرن السابع عشر وإنما يقصدون أيضاً إقتباس غير الغربيين لأشكال ومضامين الثقافة الغربية في الفنون والأدب والفكر الفلسفي ومعايير الأخلاق وأساليب الحياة ومن المؤسف أن يقول المؤلف أن هناك مفكرون غير غربيين يرون نفس الرأي، قاصداً أن أولئك الغربيين يرون أن التحديث يجب أن يتضمن تطور أشكال وأساليب وقيم الثقافة الأصلية والموروثة مستنتجاً هذا الحديث بقوله تأثر هذه القيم الشكلية أو المضمونية بالإنتاج الثقافي والقيمي للثقافات الأخرى على أساس أن تطور أو تحديث البناء التحتي لابد أن يؤدي إلى التغيير في الفلسفة والقوانين والفنون أنظر المصطلح رقم 53 صفحة 128- 129. وقد صدق المقدم لكتاب ( مفكرون من عصرنا ) لسامي خشبة أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا واحد من أهم الأعمال الموسوعية التي قدمها سامي للمكتبة العربية حيث يبحر في أعماق عدد من المفكرين البارزين على مستوى العالم مقدماً للقارئ العام دليلاً إرشادياً وأولياً إلى مساهماتهم الفكرية للإنسانية من جهة أو للثقافات التي ينتمون إليها من جهة أخرى وفي هذا الصدد يشير المؤلف إلى أنه يقدم قراءة تحليلة نقدية أو تقييمية لتلك المساهمات في سياق تطور المجال الفكري الذي برز فيه كل منهم، وفي سياق اللحظة التاريخية التي كان يعبرها هذا المجال. ويبقى الطرح الذي جاد به هذا المفكر طرحاً معنوياً ذا مدى بعيد إلى آفاق وثقافة معاصرة، لأن في ذلك بشرى خالدة لمثل هذه العلوم والآداب والفنون سيحظى به الجيل خلف الجيل والشباب من وراء الشباب لأن مثل كتاب ماطرحنا إسهام علمي ومعرفي من السهل تناوله ومن اليسر تداوله ومن السهل تقاوله. الذي يرى مؤلفه أنه ليس معجماً قاموسياً لمصطلحات الفكر او لبعضها وما كان القصد هو وحده الهدف من الكتاب رغم أنه يطمح إلى أن يتضمن تعريفاً معجمياً لكل مصطلح فالكتاب إذاً محاولة لتجاوز التعريف المعجمي للمصطلحات إلى التعريف والتعريب الفكريين ويستطرد المؤلف في تقديمه لكتابه أن كل فكر هو في جوهره تعبير عن قراءة خاصة لقضايا تنبع وترتبط بالثقافة التي ينتسب إليها الفكر المعين إننا لانستطيع إنتاج المفاهيم بحذافيرها في كل ثقافة لأنها قد صارت من الحقائق المستقرة. هذا ولله في خلقه شؤون.