يمكن تلخيص الجنون الإرهابي الذي استهدف ثلاث مدن في المملكة خلال 24 ساعة، بأنه مرحلة «الإرهاب للإرهاب»، فمن القاع في لبنان، إلى تركيا، والكرادة في بغداد، ودكا، لجدّة، والقطيف والمدينة، عمليات انتحارية داعشية، تحمل طابعا دعائيا في محاولة للبقاء في دائرة الأضواء بعد الضربات والخسائر التي تعرض لها التنظيم أخيرا في العراق وسورية، في حين مازالت إيران تتفرد وحدها بحصد ثمار هجمات التنظيم. بينما كان السعوديون يستعدون للاحتفال بعيد الفطر في اليوم ما قبل الأخير من شهر رمضان، ضرب الإرهاب في ثلاث مدن سعودية جدة والقطيف والمدينةالمنورة التي شهدت استشهاد 4 من رجال الأمن وإصابة خمسة آخرين، في حادثة إرهابية هزت العالم الإسلامي وأدانها الكثير نظراً لقدسية الحرم النبوي. لكن ولي العهد Aوزير الداخلية الأمير محمد بن نايف سرعان ما طمأن السعوديين على أمن البلاد، «أمن الوطن بخير وهو في أعلى درجاته وكل يوم ولله الحمد يزداد قوة». وقال أثناء زيارته لرجال الأمن المصابين في جدة: «أعلم أن مواجهة العمليات الإرهابية ليست بالأمر البسيط وما تشعرون به من آثار بسيطة عقب التفجير ستزول بإذن الله حيث مررت بهذه التجربة مسبقا وأشعر بما تشعرون به». وتعتبر حادثة المدينة، هي الأولى من نوعها، كونها وقعت على بعد أمتار قليلة من الحرم النبوي، لكن المدينة كانت حاضرة في الأحداث الإرهابية إبان وجود تنظيم «القاعدة» في المملكة، وشهدت مقتل قائد تنظيم القاعدة الأخطر في السعودية آنذاك صالح العوفي. وهذه الأحداث تُفسرها حملة السكينة لمكافحة الإرهاب في تحليل خصت به «عكاظ»، بأنها موجة من مرحلة «الإرهاب للإرهاب.. الإرهاب اللامنتمي»، الذي يسعى إلى تحقيق الفوضى للفوضى والعنف للعنف والقتل للقتل، هذا الإرهاب لا يرجع إلى مُستند فكري أو هيكل تنظيمي أو دوافع نفسيّة أو دينية.. إرهاب حُرّ.. يفعل غير المُتوقع وما لا يُمكن متابعته! مدير حملة السكينة عبدالمنعم المشوح أوضح ل «عكاظ»، أمس، أن النجاح الأمني الميداني هو سيّد الموقف في العمليات الإرهابية الثلاث كما أنه تبين من خلال الحوارات التي أجرتها السكينة في الأسابيع الماضية مع مجموعات من الشباب نمو الإحساس الأمني لديهم: لاشك أن التخطيط والتحليل والتنظير مهم وله قيمته، لكن إذا طغى على برامجنا فإنه سيتحوّل إلى استعراض نخبوي يدور في حلقات «فخمة» مفرغة بعيدا عن المُستهدفين، المُستهدفون الذين يقبعون في تجاويف الإنترنت تشوّهت عقولهم وفطرهم وبشريّتهم وتُحولوا إلى «وحوش». نحنُ عالقون في مربع «التنظير» والتحليل «أكثر مما يجب». واعتبر المشوح أن الأسابيع الماضية من منتصف مايو 2016، كانت شبيهة ب2013 وهي قمّة التجنيد للإرهاب العنفي من جهة الكثرة، إذ إن هناك شبابا لا تربطهم أي صلات مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية ومع ذلك يتبنون بعض أو كل أفكارهم، والمشكلة ليست هنا -وهي مشكلة فعليا- المشكلة الكبرى أن البرامج التوعوية والإعلامية لم تؤثر فيهم. واعتبر المشوح أن الشباب الذين تأثروا بالأفكار الإرهابية أغلبهم تأثر بالحاضنات الفكرية في «النت» التي تعمل على ملء المُستهدف بالحقد والغل والكراهية ضد مجتمعه وبلده وأهله وكل ما يحيط به حتى لا يبقى في نفسه شيء له قيمة أو مُقدّس أو مُحترم، هذا ما يتم فعليا في دهاليز الإنترنت: مسح ومسخ عقول وعواطف الشباب وبالتالي يوفرون لهم أدوات التنفيذ وأساليب الإجرام.