في إحدى العصاري طلب كبير العائلة براد الشاهي المحبّق. بسط الهدم فوق الجناح. مدد كراعينه تجاه القبلة. ومدّ ناظريه تجاه الوادي المبهج بخضرته. الحي بحركة أهله. دعا أحفاده لتغميز قدميه. استجاب بعضهم. وعد من يغمّزه بقوة بفنجال شاهي. كان الأطفال يسعدون برغوة الشاي عندما يتم رفع البراد إلى أعلى. قال لهم أبشروا بالسعد كلكم بتتقهوون. يُبقي في قاعة الفنجال القليل ويناوله واحدا منهم. بدأ يرفع الصوت بالغناء (يا شاهي أبو جبل ما شفت مثلك وشرواك) يرتشف على مهل والصغار يحدقون في يده إن رفعها وإن خفضها . أسعده منظر أغنام عائدة من المرعى. لمح عابري سبيل على مشارف القرية. ردد في نفسه (الله يحول بيننا وبينكم) لم تكد تمر دقائق حتى كان الضيوف سدة الباب. تلحلح بتثاقل ورحب ترحيبة باردة. طلب من زوجة ابنه أن تحد الشفرة. كان يتلفت يمنة ويسرة خشية أن يراه أحد. استقبل الغنم. نثر الأحفاد أمامها عقد البرسيم. انتقى منها قارحا. طلب من الشباب مساعدته في إدخالها سفل العلف ليذبح ويسلخ في الخفاء. صاح في الكهلة وطلب منها تولع لمبة القاز وتلحقه بها في السفل. حز رأس الشاة وهي تركل برجليها وتحاول الفكاك قال «اصبري إنتي مجبورة وأنا مجبور». بدأ يسلخ وعندما طلب من الكهلة أن ترفع معه الذبيحة ركلت القازة برجلها ولم تنتبه لقرب العلف، كادت تقع كارثة (أدخلوا في شدقها) خرجت منه كقذيفة. ردت: لا تنذر أنحن في السفل وفوق الدم. أضمر في نفسه أنه لن يدعو أحدا. إلا أن رائحة تشويط الرأس بلغت آخر بيت في القرية. أوكل إلى أحد الأحفاد مهمة الدعوة. حضر المدعوون. شيبة الرحمن يا ما قام ويا ما قعد يتفقد اللحم ويجرب طعم المرقة. صلوا العشاء. غرف لهم طاسة مرقة. اللحم يزداد قساوة. وضع فوقه بعض الأرز. عشاهم. وفي حفلة بعدها بأيام كان الشاعر يتندر عليه (كثر الله خير من عشى بني عمه على جدّة غنمهم. كلما زاد الحطب شالت غطا الحلة برجلها). علمي وسلامتكم.