عندما تُذكر أمريكا كوجهة للسياحة، أول ما يتبادر إلى الذهن ديزني وعوالمه. لقد أثبت والت ديزني منذ بدايات القرن العشرين أن الترفيه وصناعة البهجة تدر عائدات مالية أكثر مما تدره آبار النفط في بعض الدول. لقد أسس ديزني «ملك الترفيه» إمبراطورية ضخمة بدأت بأنيميشن للطفل (الرسوم المتحركة) لتشمل الأسرة بكاملها وسط حدائق وملاه وأفلام وأستديوهات.. تحت مسمى «ديزني لاند» العالم الحالم للترفيه العائلي الخلاق والعلامة الفارقة في أمريكا. لا شك إن صناعة البهجة تشكل رافدا سياحيا وثقافيا واقتصاديا مهما يغيب عن ذهن كثير ممن لا يعرف ما هو الترفيه، ويحصره في كشتة عائلية، أو ملاه متهالكة، أو مطعم. وإذا زاد عيار الترفيه حبتين، فإنه سيكون في مهرجان سنوي، أو فعالية صيفية، أي ترفيه مناسبات، لا يتاح إلا مع المواسم، ولا يستقطب إلا بعضا من ذوي الدخل المحدود، ويستفيد منه جامعو التبرعات، ولا رابح إلا الضجيج والباحثين عن فرقعة إعلامية تحدث خلال المهرجان أو الفعالية.. باختصار هو ترفيه للمتسلقين على أكتاف الباحثين عن فرح.. لذا هج الباحث عن بهجة وفرح لأطفاله وأسرته إلى أماكن أجادت صناعة الترفيه، وحرّمت على المتطفلين بكل أشكالهم الولوج إلى عوالم الاستثمار الحقيقي. لعل من أصعب الهيئات وأشقها عملا -اليوم- هي (هيئة الترفيه).. فصنع البهجة والمليارات في آن واحد يتطلب عملا خارقا، مع فريق إبداعي يبدأ من رجل الأمن في تلك المنظومة لينتهي برأسها.. على هيئة الترفيه أن تستقطب في المجال كل من يؤمن بجدوى الترفيه في صنع المعجزات، لا أن تستقطب أولئك الباحثين عن فرص وظيفية جديدة، في مكان جديد يلوثونه بأفكار القوالب التي عفى عليها الزمن، كما يحدث في بعض الجهات والهيئات. إن صناعة الترفيه تحتاج قبل أن تبدأ أن يعالج بعض -وأقول بعض- الناس من حالة الفصام التي يعيشون فيها، فما يجدونه متاحا في بلد آخر يقصدونه ويشدون له الرحال، يرونه في بلدهم غريبا ويكاد يكون محرما.. تماما كنظرة المغنية أحلام التي ترى أن قيادة المرأة للسيارة في السعودية غير لائقة، بينما في دولة أخرى لا بأس بها! كثيرون يعانون من حالة الفصام التي تعاني منها الفنانة أحلام... لذا نسميهم (حلوميين).. الحلوميون أولئك هم أعداء الترفيه.. أعداء الاستثمار.. أعداء الجديد.. علاجهم الأمر الواقع بالترفيه الناجع.