لاحظ مسؤول إداري في تبوك وجود تسيب من بعض منسوبي الإدارة التي يديرها فقرر تكليفهم جميعاً بوضع بصماتهم على الجهاز لخمس مرات يومياً بدل مرتين حسب المعتاد في كل إدارات الدنيا التي تحولت من التوقيع على الدفتر إلى الكروت والساعة ثم إلى نظام التبصيم للدخول والخروج. وأرى أن ذلك الإداري قد جَشّم نفسه ومن معه من الموظفين عناءً لا طائل من ورائه، بل إنه قد تكون لفكرته نتائج عكسية على سير العمل وإنجازه حتى وإن كان لها أثر إيجابي محدود في ضبط عملية الحضور وعدم الخروج أثناء الدوام الرسمي، مع وجوب الإشارة إلى أن حضور الموظف وبقاءه سبع أو ست ساعات في الإدارة لا يعني بالضرورة أنه موظف منتج فقد يصرف وقته في قراءة الجرايد وتقليب قنوات الجوال والتجول بين المكاتب وإشغال زملائه المنتجين بتحليلاته الرياضية والفنية عن الدوري «وأرب آيدول» إضافة إلى تناول الإفطار وأكل الدواهي وشرب الشواهي، ولذلك فقد كان بإمكان ذلك المدير الشمالي الاكتفاء بالتقليد الإداري الساري المفعول هو بصمة للدخول وأخرى للخروج، ثم التركيز على الموظفين المعروفين بكثرة التسيب والزوغان وهم من الذين لا تخطئهم العين في كل إدارة أو مصلحة، بالاتصال بهم بالهاتف الداخلي أكثر من مرة في اليوم والقيام بجولات على المكاتب بين الفينة والأخرى وسؤال كل موظف عما أنجزه في يومه الوظيفي من المعاملات التي حولت إليه، لأنه إذا لم تكن هناك معاملات كافية لتغطية ساعات الدوام فإن ذلك يعني وجود «بطالة مقطوعة»، وغيرها من وسائل التحقق من التزام الموظف بدوامه الرسمي وبكونه يعمل وينتج ويؤدي ما عليه من واجبات وظيفية. أما فكرة البصمات الخمس فإنها تعني أن جميع الموظفين سوف يحتشدون أمام جهاز البصمة كل ساعة من ساعات الدوام فيضيع نصف الدوام في التبصيم وإذا جاء المراجعون لملاحقة معاملاتهم في مكاتب الإدارة قيل لهم: ارجعوا وراءكم لأن جميع الموظفين مشغولون بالتبصيم، فإذا انتظروهم نصف ساعة حتى يعودوا لعملهم وبدأوا يتفاهمون معهم على معاملات وجودهم ينظرون إلى ساعاتهم بعد مرور ثلاثين دقيقة من عودتهم ليقولوا لهم معليش.. حانت الدورة اليومية الثالثة أو الرابعة لعملية التبصيم.. ما في وقت راجعونا بكرا؟!