انطلقت العلاقات السعودية المصرية الراسخة من معاهدة صداقة عمرها 80 عاما، معززة بمقولة الملك عبدالعزيز «لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب»، لتستمر هذه العلاقات بجذورها الراسخة، لقيامها على أواصر الدين والعروبة والتاريخ، واعتمادها الاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة، وخدمة القضايا العربية والإسلامية والأمن والسلم الدوليين. وكانت هذه العلاقات توطدت أوائل القرن التاسع عشر، واستمرت حتى حكم الدولة العثمانية، وعمل كلا البلدين على دعم مواقف الآخر سياسيا وأمنيا واقتصاديا في مواجهة أخطار القوى الخارجية، فساندت مصر المملكة في إقامة المشاريع التنموية والتعميرية، وأيدت السعودية مصر في رفضها الاستعمار البريطاني. وسجلت صفحات التاريخ أول معاهدة ود وصداقة بين الدولتين، في مايو 1936 في عهد الملك فاروق، وزار الملك عبدالعزيز مصر، والتقى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ونستون تشرشل، وأثمرت زيارة الملك فاروق للمملكة، تفاهما مشتركا بشأن إنشاء الجامعة العربية. وهكذا كان التواصل السعودي المصري ركيزة منذ البدايات الأولى للحفاظ على الوحدة العربية، وكانت مقولة الملك عبدالعزيز آل سعود: «لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب» وترجمته لها بإقامة علاقات وطيدة مع مصر منذ مطلع القرن العشرين منهاجا سار عليه من خلفه حكام المملكة حتى يومنا هذا في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي حرص منذ توليه مقاليد الحكم، على تكامل العلاقات السعودية المصرية في شتي المجالات وتوجها بزيارته للقاهرة وما صاحبها من حفاوة شعبية وحكومية. وعندما قامت ثورة 23 يوليو عام 1952 بعث الملك عبدالعزيز برسالة إلى رئيس مصر اللواء محمد نجيب أكد فيها على عمق الصداقة بين البلدين، وقام اللواء نجيب بزيارة المملكة، كما زار الملك سعود عقب توليه الحكم مصر في مارس 1954 واستمرت الزيارات المتبادلة بين الملك سعود والرئيس جمال عبدالناصر. ويُعد الملك فيصل بن عبدالعزيز أكثر ملوك المملكة زيارة لمصر، إذ زارها سبع مرات في أعوام 1965 و1969 و1970 و1971 و1973 و1974 و1975، وكانت لزياراته إلى القاهرة تأثيرها على الوضع العربي إجمالا، إذ شهدت تلك الزيارات التنسيق السعودي - المصري في حرب أكتوبر 1973، وفي زيارته الخامسة للقاهرة عام 1973 بحث الملك فيصل مع الرئيس السادات الاستعدادات لحرب أكتوبر، ووقتها كانت مساندة المملكة هي الفيصل الحقيقي في المعركة، إذ هدد الملك فيصل بقطع البترول عن الدول المساندة للكيان الصهيوني، وهو ما أدى للانتصار المصري. وفي 1974 زار الملك فيصل القاهرة للمرة السادسة وسط استقبال شعبي كبير بعد موقفه التاريخي في حرب أكتوبر، واستمرت الزيارة 8 أيام، وفي 1975 زار الملك فيصل القاهرة للمرة السابعة ضمن جولة خارجية تضمنت دول الطوق العربي. أما الملك خالد بن عبدالعزيز، فقد افتتح في 1975 سلسلة زياراته العربية الرسمية بزيارة مصر بدعوة من الرئيس الراحل أنور السادات، وفي أكتوبر 1976 حضر الملك خالد إلى مصر، للمشاركة في مؤتمر القمة العربية الثامن. ولبى الملك فهد بن عبدالعزيز دعوة الرئيس مبارك لزيارة مصر فتحققت عام 1989، وتوالت زياراته لمصر وكان أبرزها ما عرف بزيارة الحسم في 9 أغسطس 1990 للمشاركة في اجتماع القمة العربية الطارئ بعد اجتياح الجيش العراقي لدولة الكويت، وأكد فيها على الحق السيادي المطلق لدولة الكويت في استعادة أراضيها. وسرعان ما امتدت أيادي مصر للذود عن المملكة خلال العدوان العراقي على الكويت وتهديد الرئيس العراق صدام حسين للمملكة ومسارعة مصر لإرسال قواتها للمشاركة في تحرير الكويت والدفاع عن حدود المملكة. وفور الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها مصر عقب ثورة 30 يونيو سارع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بالدعوة لتنظيم مؤتمر للمانحين، لدعم الاقتصاد المصرى، عرف فيما بعد باسم «مؤتمر مصر المستقبل»، بشرم الشيخ في مارس 2015، وقدمت دول خليجية، في مقدمها المملكة، دعما بنحو 12 مليار دولار، وبعد ثلاثة أشهر من المؤتمر الاقتصادي، عادت الرياض لتطرح ما يعرف باسم «إعلان القاهرة» في 30 يوليو الماضي، وتم بمقتضاه الإعلان عن تطوير التعاون العسكري والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة، وتعزيز التعاون المشترك والاستثمارات في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين والعمل على جعلهما محورا رئيسيا في حركة التجارة العالمية، وتكثيف الاستثمارات المتبادلة السعودية والمصرية بهدف تدشين مشاريع مشتركة. وواصل الملك سلمان بن عبدالعزيز جهوده لنجدة مصر اقتصاديا عبر إنشاء المجلس التنسيقي السعودي المصري، وما دشنه من اتفاقيات اقتصادية لصالح السعودية ومصر خلال زيارته التاريخية لها، أهمها إنشاء الجسر البري الذي يربط بين قارتي آسيا وأفريقيا.