أكد ل «اليوم» عدد من المختصين أن التجارب أثبتت أن التكامل المصري السعودي أصبح ضرورة لحماية الأمن القومي للبلدين ومن ثم الأمن القومي العربي، مبينين أن المملكة ومصر هما ركيزتا الاستقرار ودعامتا العمل العربي المشترك، كما أن التنسيق بينهما من شأنه بلورة فكر إسلامي مستنير، وزيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر هي الزيارة الرسمية الأولى والمصريون يأملون أن تكون هذه الزيارة فاتحة خير لآفاق جديدة في العلاقات بين المملكة ومصر في كل المجالات. علاقات عميقة لا تهتز وأكد الدكتور هشام مصطفى الأسمر، مستشارالجودة بجامعة الملك سعود، أن العلاقات المصرية السعودية علاقات ضاربة في أعماق التاريخ، لافتا إلى أن التجارب والمحن أثبتت عمق هذه العلاقات. فقد حاول العديد من القوى اللعب على إفساد هذه العلاقة لإيمانهم القوي بأن النجاح في إفساد هذه العلاقة من شأنه أن يضعف العرب ويمكن أعداءهم منهم ويبيح ثرواتهم. وقال: مظاهر المساندة والدعم الذي تقوم به المملكة تجاه مصر متعددة وفي كل المجالات الاقتصادية، ولا يخفى على أحد الدور التاريخي للمغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود إبان حرب أكتوبر حين أوقف ضخ النفط عن الدول الغربية لدعم مصر. كما لا يخفى دور المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي ساند الثورة المصرية ودعم الاقتصاد المصري كما لم يدعمه أحد. وعن أهمية مجلس التنسيق المصري السعودي في تعزيز العلاقات بين البلدين قال: ((إن مجلس التنسيق المصري السعودي هو صورة من صور التعاون السياسي والاجتماعي والاقتصادي بين المملكة ومصر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حيث أعتقد أن فكر التكامل الحقيقي بين البلدين الشقيقين قد بدأ يتبلور في أذهان النخبة الحاكمة في البلدين مثلما هو بين الشعوب وخاصة مع القيادة الجديدة متمثلة بالأمير محمد بن نايف ولي العهد الأمين والأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع. فقد أثبتت التجارب أن التكامل المصري السعودي أصبح ضرورة لحماية الأمن القومي للبلدين ومن ثم الأمن القومي العربي)). ونوه مستشار الجودة بجامعة الملك سعود إلى أن البلدين في حاجة إلى تنمية وتطوير مجلس التنسيق وغيره من صور التعاون المشترك من أجل بلورة أفكار وصنع فرص للتكامل الحقيقي بين البلدين. إن الدفاع عن الأراضي العربية بما عليها من مقدسات إسلامية هو في ضمير كل مصري وهو دفاع شرعي وأمن قومي نجود دونه بالأرواح. وإن مصر الملاذ الآمن للأموال العربية، كما أن زيادة الاستثمارات السعودية في مصر من شأنه دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي ومحاربة البطالة وخلق فرص عمل للمصريين تساهم في السلام الاجتماعي بالمنطقة كلها، ولها أثرها الايجابي على الدولتين الجارتين. ففي المملكة يعيش أكثر من 2 مليون مصري يخدمون المملكة في كافة مواقع الانتاج والخدمات كما يدعمون وطنهم بقدر من تحويلاتهم الدولارية التي تساهم في دعم الاقتصاد المصري. وعن أبرز الخطوات الرامية إلى تعزيز التبادل التجاري بين البلدين تحدث قائلا: «إن حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يعبر عن طبيعة هذه العلاقة التكاملية، فاذا كانت مصر تحتاج المواد البترولية وتؤمن السعودية هذه المواد فان مصر تمتلك العديد من المنتجات العالية الجودة القابلة للتصدير الى السعودية وخاصة في المواد الغذائية كالخضراوات والفاكهة والمنسوجات القطنية عالية الجودة والسجاد والموكيت وأنواع السيراميك والبورسلين والأجهزة الكهربائية والأدوية وكلها منتجات مصرية تحتاجها السعودية من مصر، كما ينبغي ان يقوم الجانب المصري بتشجيع التصدير للمملكة في كافة المجالات والتدقيق على مستوى جودة الصادرات حتى تتمكن من المنافسة أمام مثيلاتها الأجنبية خاصة المنافسة السعرية». وأضاف: إن المملكة ومصر هما ركيزتا الاستقرار ودعامتا العمل العربي المشترك كما أن التنسيق بينهما من شأنه بلورة فكر إسلامي مستنير. إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر هي الزيارة الرسمية الأولى والمصريون يأملون أن تكون هذه الزيارة فاتحة خير لآفاق جديدة في العلاقات بين المملكة ومصر في كل المجالات. فقد تطور الدور السعودي في المنطقة وأصبح للسعودية درع وسيف يحميان مصالح الأمة والمسلمين وأن الجيش والشعب المصري هما امتداد لهذه الدرع وهذا السيف. وقال: نحن المصريين ننتظر أن تتمخض هذه الزيارة عن قرار بانشاء القوة العربية المشتركة الغطاء القانوني والأخلاقي للدفاع القومي عن الدول العربية وتفعيلا لاتفاقية الدفاع المشترك. كما ننتظر ان تصاحب هذه الزيارة التاريخية استثمارات سعودية قوية تساهم في خروج الاقتصاد المصري من كبوته وتساهم في تحقيق الاستقرار والسلام الاجتماعي. وفي النهاية نتمنى ان تتلاقى وجهات النظر السياسية في كافة القضايا فنحن في خندق واحد تجاه كافة القضايا الاقليمية والدولية، أولويتنا واحدة وقواسمنا مشتركة. جناحا الأمة العربية من جهته أكد الدكتور عبدالراضي البلبوشي، أستاذ العلاقات والإعلام المساعد بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الأزهر، أن العلاقات بين المملكة وجمهورية مصر العربية علاقات متميزة؛ نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها البلدان الشقيقان، فهما يمثلان جناحي الأمة العربية، وعلى الرياضوالقاهرة يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والإسلامي، ويؤكد التشابه في التوجهات بين السياسة المصرية والسعودية حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية مثل الصراع العربي- الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وبالتالي كان طبيعياً أن تتسم العلاقات السعودية المصرية بالقوة والاستمرارية. وقال: تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لجمهورية مصر العربية تتويجاً وتأكيدا على العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين التي وضع اللبنة الأولى لها المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وتقوية للتعاون المستمر بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات، ولقد أدرك المغفور له الملك المؤسس أهمية مصر من الناحية السياسية والعلمية فقام ببناء استراتيجية للعلاقات المصرية السعودية حيث أرساها بمقولته الشهيرة ( لا غنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب)، وبذلك حرص الملك المؤسس على تقوية العلاقات مع مصر منذ أن بدأ في بناء الدولة السعودية الحديثة في عام 1902م. وفي عام 1926م تم إبرام معاهدة صداقة بين البلدين ترتب عليها توقيع اتفاقية التعمير بالرياض في عام1939م والتي قامت مصر بموجبها بإنجاز وتنفيذ المشروعات العمرانية في المملكة. وأضاف: وتعزيزا للعلاقات السياسية بين البلدين الشقيقين أيدت المملكة مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وفي 27 أكتوبر عام 1955م وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين حيث ترأس وفد المملكة في توقيعها بالقاهرة المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز. وقدمت المملكة لمصر في عام 1956مائة مليون دولار بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي، وفي 30 أكتوبر أعلنت المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر. ولم يكتف الملك فيصل بن عبدالعزيز بذلك بل نادى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها بتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود في مواجهة العدو الصهيوني، واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973م حيث أسهمت المملكة في الكثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب، وقادت المملكة معركة البترول- الشهيرة- لخدمة حرب أكتوبر مما كان له الأثر الإيجابي على نتائج الحرب. وأشار أستاذ العلاقات والإعلام المساعد بجامعة الأزهر إلى أن عمق هذه العلاقات يأتي انطلاقاً من الاخوة المشتركة بين الشعبين الشقيقين فقد تم إقامة مجلس للتنسيق المشترك بين البلدين للاشراف على تقديم المبادرات وإعداد الاتفاقات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في المجالات المنصوص عليها في «إعلان القاهرة» ومتابعة تنفيذها، ومن بينها استكمال التوافق المصري السعودي فيما يخص عملية إنشاء القوة العربية المشتركة تمهيدا لإنهاء الإجراءات ذات الصلة مع الدول العربية الشقيقة الراغبة في المشاركة في هذه القوة. وقد أسفر هذا عن توقيع اتفاقية تمويل توريد مشتقات بترولية بين الصندوق السعودي للتنمية في المملكة العربية السعودية، والهيئة المصرية العامة للبترول في جمهورية مصر العربية، وشركة أرامكو السعودية، واتفاق بشأن برنامج الملك سلمان بن عبدالعزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء ومذكرة تفاهم في مجال تشجيع الاستثمار بين صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية ووزارة الاستثمار في جمهورية مصر العربية. وقال: لا شك أن زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر تكتسب أهمية خاصة؛ نظرا للمكانة الدولية والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها مصر والسعودية على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، وعلى البلدين يقع العبء الأكبر في حل مشاكل العالم العربي وتحقيق التضامن والأهداف المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية في ظل التحديات والصراعات التي تواجه المنطقة العربية في العالم المتغير يومياً. كما تؤكد الزيارة المتبادلة على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وقد شهدت الأيام الماضية العديد من الزيارات المتبادلة بين البلدين على جميع المستويات، فقد قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بأكثر من زيارة للمملكة العربية السعودية لبحث واستعراض كافة القضايا العربية والدولية والمستجدات على الساحتين العربية والدولية فضلاً عن العلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط البلدين. دحض الأكاذيب تحدث الأستاذ المساعد بقسم علوم الحاسب بجامعة المجمعة، الدكتور وائل خضر، عن انطباعه بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -سلمه الله- للقاهرة، حيث أبدى سعادته فيها، مشيراً إلى ان الزيارة ستقوي العلاقات الثنائية بين البلدين. وتوقع الدكتور خضر أن الدفاع العسكري ضد الإرهاب الموجود حالياً بالشرق الأوسط سيكون له نصيب من تقوية العلاقات خلال الزيارة. وأفاد الدكتور خضر بأن العلاقات الاقتصادية قوية جداً خصوصاً في مجالات الزراعة والتعليم والاستثمار، منادياً بضرورة إعادة التفكير واحياء مشروع الجسر الذي يربط بين البلدين، لما له من أهمية بالغة. من جانبه، أكد الدكتور بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ياسر القصاص على أن قصد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بزيارة مصر شرف كبير لأي مصري، مضيفاً بالقول: «وتمثل هذه الزيارة ترحيبا بالغا منا سواء في الداخل أو خارج مصر». ونّوه الدكتور خضر بالدعم السعودي لمصر وعلى جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية، مبيناً أن له أثرا إيجابيا على ثبات الدولة المصرية في مواجهة التحديات الصعبة. وأكد الدكتور القصاص على أن الدعم السعودي لمصر غير مستغرب إطلاقاً، حيث انها البلد الثاني للشعب المصري كإقامة، وقبلها كقبلة للمسلمين. وتطرق الدكتور القصاص إلى متانة العلاقات السعودية المصرية، حيث قال «هي تمثل شعبا واحدا وليس شعبين، رأيا واحدا وليس اثنين، نبضا واحدا وليس اثنين، ونحن نفدي المملكة بأرواحنا والشعب المصري يكن للمملكة كل التقدير والاحترام بلا مجاملة ونحن دائما وابدا نلبي النداء». ودعا الدكتور القصاص قيادة البلدين لعدم الالتفات لبعض التصريحات الإعلامية غير المسؤولة من هنا أو هناك، فالثوابت كبيرة وراسخة والكبار دائما يتعاملون بلغة الكبار، سائلاً المولى القدير أن يحفظ المملكة العربية السعودية ومصر من كل سوء. إلى ذلك، رأى أستاذ التخطيط الاجتماعي المشارك الدكتور محمد أبو هرجة أن زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر تمثل استمرارا للعلاقات الاخوية بين البلدين، بالإضافة إلى التعاون الاستراتيجي المشترك، ودحض الأكاذيب التي تريد النيل من البلدين. ونقل الدكتور أبو هرجة سعادة المصريين العاملين بالمملكة بزيارة الملك سلمان للقاهرة. وشدد الدكتور أبو هرجة على أن دعم المملكة للاقتصاد المصري يمثل جانباً ايجابياً، وخصوصا في تأسيس ودعم المشروعات المصرية القومية، التي تساهم في زيادة الناتج القومي المصري واستيعاب أعداد كبيرة من الشباب العاطلين، كما أنها تعمل على تحفيز وجذب المستثمرين السعوديين للعمل في مصر.