خطة مصرية لإعمار غزة دون تهجير أمام القمة العربية الطارئة    نيابة عن الملك وولي العهد..أمير الرياض يستقبل عميد السلك الدبلوماسي سفير جيبوتي ورؤساء المجموعات الجغرافية المعتمدين لدى السعودية    رابطة دوري روشن توضح: الأندية هي المعنية بتحديد أسعار تذاكر المباريات التي تستضيفها    واشنطن تضغط على زيلينسكي.. إجراءات أمريكية جديدة ضد أوكرانيا    مبادرة ل «مكافحة التستر» لتمكين الامتياز في نشاط صيانة السيارات    أمراء المناطق يدشّنون حملة «جود المناطق 2»    مشروع ولي العهد.. إحياء التراث الإسلامي بتطوير المساجد التاريخية    قمة خليجية تجمع الوصل بالسداوية    بن عثيمين: السحور تأسٍّ بالرسول عليه السلام    المملكة تحيي ذكرى «يوم شهيد الصحة»    السلمي يحتفل بيوم التأسيس مع "التوفيق" لرعاية الأيتام    126.9 مليار ريال فاتورة استهلاك    في ختام الجولة 23 من دوري روشن.. الاتحاد يسقط في فخ التعادل أمام الأخدود    إغلاق طريق كورنيش جدة الفرعي والطرق المؤدية حتى نهاية أبريل    أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    تستُّر التطبيقات    الصميلي مديرًا عامًا لفرع العدل بجازان    رفضت استخدامها كأداة للابتزاز والعقاب الجماعي.. السعودية تدين قرار وقف دخول المساعدات إلى غزة    الأميرة فهدة بنت فلاح تكرّم الفائزات بجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن    «الإعلام» تكرم الفائزين بجائزة التميز الاثنين المقبل    إمارة الشعر.. إلى أين ؟ وكيف ؟    السجن ل «حمو بيكا» بتهمة حيازة سلاح    ارتفاع "غير النفطية".. وخبراء يتوقعون: السعودية ثاني أسرع اقتصاد نمواً في العالم    أمير القصيم يزور عددًا من القضاة والمشايخ ويهنئهم بحلول شهر رمضان    82 موقعاً للإفطار الرمضاني لأهالي المدينة    المواطن رجل الأمن الأول في مواجهة الإرجاف    الدفاع المدني: هطول أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    التسوق الرمضاني بين الحاجة والرغبة    الدستور السوري.. 48 مادة تحدد شكل النظام الجديد    الذكاء الصناعي تحديات وآفاق    لا تفرحوا..!    زيلينسكي: بوسعي إنقاذ العلاقات مع أمريكا    «الرّكْب».. خبايا ومقاربات مع عبّاس طاشكندي!    علوم الأجداد وابتكارات الأحفاد    إعلام يليق بوطن طموح    كأس العالم وإكسبو.. دور الشعب السعودي لتحقيق النجاح    محافظ جدة يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية الإفطار الرمضاني في الميدان    رمضان وإرادة التغيير    تصحيح فوضى الغرامات وسحب المركبات في المواقف    تجديد تكليف الدكتور الرديني مديرا لمستشفى الملك فهد التخصصي في بريدة    سرطان المريء في بريطانيا.. لماذا تسجل المملكة المتحدة أعلى معدلات الإصابة في أوروبا؟    تدشين حملة «صم بصحة» بتجمع تبوك الصحي    4 غيابات في الهلال أمام باختاكور    بر سراة عبيدة توزع 1000 سلة غذائية    اليمنيون يقاومون حظر التراويح    القادسية يستغل النقص العددي للرياض..والاتفاق يتعادل مع الرائد    3500 قطعة أثرية تحت المجهر    وزير الشؤون الإسلامية يعتمد أسماء الفائزات على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن في دورتها ال 26    جزر فرسان عبادات وعادات    10 أعوام واعدة للسياحة العلاجية والاستشفائية بدول الخليج    185 مليارا للمستشفيات والصناعات الطبية في 2030    أُسرتا كيال والسليمان تتلقيان التعازي في فقيدهما    الصميدي يتبرع لوالدته بجزء من كبده وينهي معاناتها مع المرض    أمير تبوك يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك    سعود بن نايف يطّلع على إنجازات القطاع الشرقي الصحي    أمير الرياض يستقبل المفتي العام ومحافظ الخرج ورئيس المحكمة    نقل لاعب الزمالك السابق «إبراهيم شيكا» إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية    محمد بن فهد.. أمير التنمية والأعمال الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جروح مدينة اسمها جدة
نشر في عكاظ يوم 06 - 04 - 2016


نادية النجار تتحدث عن مدن اللهفة فتقول «بعض المدن تغنيك عن ألف مدينة.. تهديك ألف حكاية.. هناك مدن تسكننا.. تأسرنا.. تأبى أن تغادرنا.. نحبها.. أو قد نكون أحببنا من فيها.. وهناك مدن ننساها ما إن نغادرها.. لا نشتاق إليها.. ولا يسوقنا الحنين إليها.. كثيرا ما أتساءل.. هل تشعر المدن بالبشر.. تفتقدهم.. تشتاقهم هل للمدن قلوب تحن.. تتلهف.. تحزن.. تفرح.. تعاتب البشر عندما يسيئون إليها.. أم أنها لا تأبه لذلك».. في أول رحلة ذهبت فيها إلى (سنغافورة) كنت أتسلى بتنظيف غليوني في المقعد الخلفي من العربة التي يفترض أن تقلني إلى الفندق.. توقف السائق بعد برهة وأمرني أن أغادر عربته قائلا لي أنت تلوث عربتي.. قلت له أنا لا أنوي التدخين في عربتك.. قال لي أنا لا أتحمل رائحة التبغ المحروق في مدينتي!! عندما رفضت مغادرة العربة قال لي إنه سيستدعي البوليس.. كنت أنتظر وصول البوليس كطالب موبخ ينتظر ولي أمره أنا البدوي الحضري المحصن في الترحال أحيانا تفاجئني أشياء صغيرة لا أتقن تعريفها.. كان موقف السائق السنغافوري واحدا منها.. عند وصول الشرطة اتفقوا مع السائق في أن له الحق في اتخاذ ما يراه مناسبا لحماية عربته من التلوث والحفاظ عليها نظيفة وكحل وسط عرضوا علي أن يقوموا بإيصالي للفندق.. حملت حقائبي المحزومة بقلبي وأشيائي الصغيرة بفرح الأطفال ونقلتها لسيارة الشرطة.. ركبت سيارة الشرطة كمراهق مطرود من البيت لأنه أغضب من فيه.. كنت أتفحص بحرج خفي تقاطيع وجه السائق الغاضبة وأحاول أن أخبئ خجلي وحمرة اجتاحتني أدانتني بلطف.. أقلتني العربة للفندق كحمل يقاد إلى مذبحة.. انكمشت عليَ ذاتي في المقعد الخلفي.. كنت أعاتب نفسي كعتاب امرأة لرجل خان وأنا أدخل (سنغافورة) كفارس الحلم المعشوق المرفوض في هذا البلد الشديد النظافة.. ودعني الشرطيان ببسمة عريضة كالنهر.. كنت أشعر كالطفل العاري الذي يكذب ويتدحرج في مشيته ويحاول الحبو وأنا أدخل الفندق.. كان إحساسي وأنا أتقدم من مكتب الدخول كالطفل الذي استيقظ من نومه في الشتاء ليلا وبدلا من أن يجد وجه أمه رأى وجوها غريبة تحملق فيه.. كنت أتذكر ذلك الموقف مرغما كأنني أفتح عيني من جديد وأرى الزمن.. الزمن لا يستريح ولا يريح.. الزمن يشبه سيارة الشرطة التي أقلتني تجوب الطرقات ليلا.. ضوء أحمر يلمع بومضات سريعة جدا وفي مقابله تتحرك الإطارات مُحدثة هسيسا ناعما.. يُحرك أوجاعا مرفوضة تعود وتطوف خلسة حولك دون وعي منك.. عاد كل ذلك إلي عندما كنت أقف بعربتي لأكثر من عشر دقائق خلف سائق آسيوي ينتظر أطفالا يقلهم من إحدى المدارس المجاورة (للمشفى) حيث الطريق كان شبه مسدود بالعربات المتقاطرة في انتظار خروج التلاميذ.. كان السائق الآسيوي يُشرع نافذة العربة ويمد يده بين الحين والآخر ويقذف بكل ما يود التخلص منه في عرض الشارع.. كان يوزع القباحة والقمامة كالحزن المجاني وبتلذذ.. كان الوهن يصيب مركز تفكيري وأنا أشاهده.. نوع غريب من الغثيان احتلني.. كنت غاضبا والغضب لا يحتمل الصبر.. أعماقي تفور وأحس بشيء يضغط على روحي.. كنت أحاول أن أسيطر على نفسي الأمارة بالسوء والتي تمارس جنونها أحيانا بغباء وفي أوقات غير مناسبة.. الإحساس بالتوتر الممزوج بالإرهاق يشبه الانتظار الذي يسبق الانفجار.. عندما فاض بي قلت لنفسي لقد تعلمت أن الناس ينسون كل ما تقوله لهم وكذا ما تفعله من أجلهم لكن أبدا لن ينسوا كيف تجعلهم يشعرون!! خرجت من عربتي جمعت من الأرض بعضا مما ألقى به السائق ثم طرقت نافذته وما إن فتحها حتى ألقيت بما جمعت من الأرض في حضنه!! صفعة لم يتوقعها.. قاسية.. مؤلمة.. أسأل نفسي الآن وأنا أكتب لكم هذا المقال لو شاهدت منظرا مشابها في الغد هل سأعيد الكرة.. تصلني أصوات خجولة مرتبكة من داخلي لا أدري!! لا أعتقد!! لست متأكدا!!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.